لم يتبق سوى ساعات قليلة على انطلاق الدورة ال19 لألعاب البحر الأبيض المتوسط في وهران. حدث ينتظره الجميع في الجزائر ومناطق أخرى منذ أن مُنحت عاصمة الغرب شرف تنظيم هذا الحدث في عام 2015. ويأتي تنظيم هذه التظاهرة بعد 47 عامًا من المرة الوحيدة التي استضافت فيها البلاد هذا الحدث الرياضي الذي يجمع بلدان ضفتي حوض البحر الأبيض المتوسط في عام 1975 بالجزائر العاصمة, لتحمل وهران على عاتقها مهمة استرجاع بريق الألعاب الذي افتقدته منذ عدة سنوات. وتراهن اللجنة الدولية لألعاب البحر الأبيض المتوسط بقوة على هذه النسخة لإعادة بعث الحدث الذي يجمع 23 دولة و ثلاث إمارات فيما يمثل تحديا كبيرا, حيث رفعت الجزائر التحدي والتأكيد مرة أخرى على أن المستحيل ليس جزائرياً. ومع تقدم التحضيرات, أصبحت كل العقبات من الماضي, فكل التركيز حاليا منصب على إنجاح الحدث. وبدأت بوادر النجاح تظهر بالفعل بعد وصول الوفود الرياضية المختلفة إلى وهران في "ظروف جيدة" بشهادة المعنيين أنفسهم. ويقيم حاليا ما يقرب من 2.000 رياضي بالقرية المتوسطية الضخمة التي شيدت بمقاييس القرى الأولمبية, في انتظار التحاق بقية الرياضيين مع اقتراب دخولهم في المنافسات الخاصة بهم وعددهم يقارب إجمالا 3.400 رياضي ورياضية, استدعى فتح موقعين آخرين لاستضافتهم مع مرافقيهم على مستوى المركب السياحي للأندلسيات بعين الترك وفندق "أ زاد" من تصنيف خمسة نجوم بولاية مستغانم المجاورة. وتمثل الأصداء الإيجابية الأولى المستقاة من ضيوف الجزائر مؤشرا لنجاح ألعاب وهران تمامًا مثلما تأمله اللجنة الدولية ورئيسها الجديد, الإيطالي دافيد تيزانو, الذي كان أول من أبدى إعجابه بالهياكل الكبيرة المسخرة من طرف السلطات الجزائرية بمناسبة الحدث المتوسطي الكبير خلال زيارتين سابقتين إلى وهران. ويتمثل النجاح الآخر في العدد الكبير من المشاركين الذي تجاوز 5.400 شخصا بين رياضيين ومؤطرين يمثلون 23 دولة و ثلاث إمارات منخرطة في اللجنة الدولية للألعاب المتوسطية. لكن النجاح الكبير الذي ينتظره الجميع سيكون بتألق حفل الافتتاح الذي سيقام بملعب كرة القدم للمركب الأولمبي الجديد ميلود هدفي, وهو واجهة أي حدث رياضي دولي كبير, حيث يثير الموعد حماسة كبيرة بين سكان وهران وكل الجزائريين في كل مكان بالبلاد. ولعل ما يبرز هذه الحماسة نفاذ أكثر من 20.000 تذكرة خاصة بحفل الافتتاح والتي تم طرحها للبيع عبر الإنترنت يوم الأحد الماضي في غضون ساعة واحدة, وفق المشرفين على العملية. والواقع أن شغف الجزائريين لا يقتصر على الحفل المذكور فقط, حيث أصبحت وهران منذ بضعة أيام قبلة الجزائريين من مختلف المناطق وحتى الأجانب. ويمكن ملاحظة ذلك بسهولة على مستوى نهج جيش التحرير الوطني بواجهة البحر الذي أضحى يغص بالمواطنين من ولايات مختلفة إلى ساعات متأخرة من الليل. من جهتهم, يسجل السياح الأجانب حضورهم في الموعد, مستفيدين من حسن ضيافة ساكنة وهران الذين يضعون أنفسهم لخدمة زوارهم مجسدين بالمناسبة قيم الكرم المعروفين بها في مدينة تشتهر بكونها إحدى المناطق الجزائرية التي تستقطب أكبر عدد من السياح المحليين والأجانب, خاصة خلال فصل الصيف. الآن و كل شيء أضحى جاهزا للحفل على المستوى الرياضي والثقافي والفني والسياحي, فإن كل الأنظار تتجه سهرة اليوم السبت (00ر21 سا) إلى ملعب كرة القدم (40 ألف مقعد) التابع للمركب الأولمبي الجديد ميلود هدفي الذي يستضيف حفل افتتاح الدورة التاسعة عشرة للألعاب المتوسطية. وما يزيد من عنصر التشويق المفاجآت الكثيرة التي وعد بها المشرفون على الحفل وفي مقدمتهم رئيس لجنة حفلي الافتتاح والاختتام, سليم دادة, الذي صرح مؤخرا بأن الحفل سيكون الأجمل في تاريخ الجزائر منذ الاستقلال.