سجل الفضاء المغربي لحقوق الإنسان, استمرار التراجعات الخطيرة لوضعية حقوق الإنسان في المغرب على كل المستويات, في الوقت الذي تستمر فيه السلطات المخزنية في انتهاج سياسات مكرسة للفقر ومنتجة للحرمان, وتبني مقاربة أمنية شرسة لمواجهة الاحتجاجات المتواترة للمغاربة, داعيا الى جبهة حقوقية موحدة, دفاعا عن الحقوق والحريات وتحقيقا للكرامة والعدالة. كما سجل الفضاء المغربي, في التقرير الذي أصدره أمس الجمعة بمناسبة الذكرى ال74 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان, "استمرار الاعتقال السياسي والمحاكمات غير العادلة ومواصلة السلطات رفضها الاستجابة لقرارات فريق الأممالمتحدة الخاص بالاعتقال التعسفي, والتي تطالبها بإطلاق السراح الفوري لمجموعة من معتقلي الرأي من المدونين والصحفيين وجبر أضرارهم". وهذا الى جانب, يضيف التقرير, "استمرار الاعتقالات التعسفية والمتابعات في حق المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والمدونين والنشطاء النقابيين, خاصة مناضلي تنسيقية الأساتذة المتعاقدين وحركة البطالين ونشطاء الحراك الشعبي السلمي, بشأن عدد من القضايا الاجتماعية المتعلقة بالأسعار والماء, والحق في الشغل والعيش الكريم", مشيرا الى أن السلطات المخزنية "أصبحت تتفنن في فبركة المتابعات بتلفيق لهم تهم الحق العام لإخراس أصواتهم والزج بهم في السجون". و أبرز في نفس السياق, ممارسات الدولة المخزنية في ما يتعلق ب"التضييق على حرية الرأي والتعبير والاحتجاج السلمي, واتساع دائرة تدخل السلطات بشكل شبه مستمر في قمع التظاهر السلمي ومنع التجمعات, وقمع المعارضين السياسيين ومنع بعضهم من مغادرة التراب المغربي, ومتابعتهم بتهم ملفقة قصد الزج بهم في السجون وتلطيخ سمعتهم وسمعة الإطارات السياسية والحقوقية التي ينتمون إليها (...)". كما ابرز "قمع المخزن للاحتجاجات السلمية المطالبة بالحقوق الاجتماعية, كاحتجاجات غلاء الأسعار, الأساتذة المفروض عليهم التعاقد والاحتجاجات الخاصة بمناهضة التطبيع" مع الكيان الصهيوني. أما في ما يتعلق بالوضع الاقتصادي, فقد سجل الفضاء المغربي لحقوق الإنسان "تفاقم البطالة بشكل كبير نتيجة أزمة التشغيل والتسريحات التعسفية التي يتعرض لها الآلاف من العمال بالقطاع الصناعي والزراعي والسياحي في العديد من المدن كالدار البيضاء ومراكش وأغادير, وتردي حقوقهم الأساسية". كما سجل "الارتفاع المهول في الأسعار نتيجة السياسات العمومية المتبعة التي تكرس التفاوتات الخطيرة ومنها قانون المالية لسنة 2023, الذي سيعمق من أزمة الفقر الذي يشكل تحديا صعبا بالمغرب, حيث سجل البنك الدولي ارتفاعا في عدد الفقراء بالمغرب بنسبة 7.4 في المائة". وبخصوص أوضاع السجون بالمملكة المغربية, تحدث التقرير الحقوقي عن "الاكتظاظ بسبب اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي في ظل هيمنة المقاربة الأمنية", إذ تعرف السجون المغربية, وفق ذات المصدر, "أعدادا هائلة, الأمر الذي ينعكس على التغذية والنظافة والاستحمام والفسحة ومتابعة الدراسة والزيارة والتطبيب والعلاج". و أشار في هذا الصدد الى أن سنة 2022 عرفت سلسلة من الإضرابات عن الطعام بمختلف السجون, وحديث المساجين عن تعرضهم للتعذيب والمعاملات القاسية واللاإنسانية والمهينة والحاطة من الكرامة, خصوصا المعتقلين السياسيين. و استنادا لكل ما سبق, طالب الفضاء المغربي, السلطات المخزنية "بوقف كل التدخلات الأمنية والاستخدام المفرط للقوة ضد التجمعات والتظاهرات والمسيرات السلمية, ورفع الحصار عن الجامعات المغربية, ومراجعة القانون المتعلق بالتجمعات العمومية بما يتماشى مع المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية". كما طالب السلطات "بالإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين والصحفيين والمدونين ومعتقلي الرأي وضحايا انتهاك حرية التعبير, والعمل على حماية المدافعين عن حقوق الإنسان", داعيا إلى "التقيد بالقانون وبالتزاماتها التعاقدية أمام آليات حماية حقوق الإنسان بالعمل على وقف الاستخدام المفرط للقوة ضد التجمعات والتظاهرات والاحتجاجات". و حث الدولة المخزنية على "ضرورة احترام المعايير الدولية لحقوق الإنسان في ما يتعلق بحرية التنظيم والتجمع, كحق كوني وإنساني مقدس لا ينبغي المساس به, حسب مقتضيات المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية". كما دعا إلى "تمكين المتقاضيين من شروط المحاكمة العادلة مع إعمال مبدأ قرينة البراءة, وإلغاء إجراءات المحاكمة عن بعد, لكونها تمس بمبدأي العلانية والشفوية والإخلال بحقوق الدفاع, وحقوق المتهم معا, ولا تستند إلى أي إطار قانوني أو تشريعي". وفي الاخير, طالب الحكومة المخزنية "بتحمل مسؤوليتها تجاه التردي الخطير للحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين, أمام الارتفاع المهول للأسعار", ودعاها إلى التجاوب مع الحركات الاحتجاجية والإنصات لنبض المحتجين وتحقيق مطالبهم المشروعة.