يعيش المغرب على وقع احتجاجات شعبية عارمة تعبيرا عن سخط المغاربة لما آلت اليه الامور في البلاد جراء سياسات ساهمت في تجويع الشعب, حيث تداولت وسائل اعلام ومواقع اخبارية محلية صرخات مواطنين من قلب أسواق بالمملكة يشتكون فيها من الغلاء الفاحش لأسعار المواد الغذائية. فعلى نطاق واسع, بثت وسائل اعلام فيديوهات لغضب المواطنين في الاسواق وحيرتهم من كيفية مواصلة العيش في هذه الظروف, بلغ حد تأكيد أحدهم أنه بصدد "بيع أثاث بيته من اجل اطعام اولاده". حالة الغضب هذه تبدو جلية على المغاربة, حيث تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى ساحة احتجاج تطالب بتدخل عاجل رأفة بجيوب المواطنين و تنديدا بعدم استعداد الحكومة للخوض في أي قرارات جديدة. "الغلاء لا يعقل والمسكين لم يعد باستطاعته العيش", يقول أحد المواطنين, فيما تساءل آخر "كيف ترجع الحكومة في كل مرة ما نعيشه من قهر معيشي, لارتفاع الاسعار في جميع الدول, فيما تعرف ثروة رئيس الحكومة عزيز اخنوش تناميا و ارتفاعا مطردا". وتحدث مواطنون كثيرون عن التهاب اسعار الدجاج واللحم والخضروات والزيت والحليب وغيرها. وكانت حالة امرأة طاعنة في السن, مرآة لما يكابده المواطن, حيث تحدثت وهي تذرف الدموع الى ما وصلت اليه الاوضاع المعيشية بالمملكة, قائلة : "لا نستطيع اقتناء أي شيء, فأسعار كل الخضروات ارتفعت بشكل جنوني, كيف سنعيش, هل تريد الحكومة ان نموت؟ نعم موتنا أهون من حياتنا في هكذا ظروف, فأنا لدي ولدان مريضان ليس بمقدوري شراء دوائهما و الآن لا استطيع شراء لقمة عيشهما". وشددت الآراء المستقاة للمواطنين على ضرورة انتفاضة شعبية حقيقية للدفاع عن الحقوق ومن أجل العيش بكرامة. وتوجه أصابع الاتهام الى الحكومة بسبب انعدام اي إجراءات في الافق لضمان وفرة المواد الاستهلاكية و أيضا لمواجهة المضاربين والمتلاعبين بالأسعار الذين يتحكمون في سلسلة التسويق من الحلقة الأولى للمنتج إلى المستهلك النهائي. دعوات لمسيرات ضد الغلاء الفاحش وقهر الحريات وبلغة الأرقام, تؤكد المندوبية السامية للتخطيط المغربية بأن أسعار الاستهلاك بالمغرب سنة 2022 زادت ب6.6 بالمائة, بينما زادت بنسبة 1.4 بالمائة عام 2021, منبهة في السياق ذاته إلى أن مؤشر المواد الغذائية ارتفع بنسبة 11.0 بالمائة. أما البنك الدولي, فقد وضع المغرب ضمن قائمة بلدان المنطقة الحمراء التي شهدت ارتفاعا واسعا في الأسعار بنسبة تتراوح ما بين 5 و30 في المائة, مشيرا إلى أن التضخم الغذائي في المملكة شهد ارتفاعا وصل إلى 14.4 في المائة في نوفمبر الماضي. و في ظل ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية, أعلنت الجبهة الاجتماعية المغربية عن تنظيم أشكال احتجاجية مختلفة في العشرين من الشهر الجاري, تنديدا بما وصفته ب"الغلاء الفاحش" في الأسواق الوطنية. وتعتزم الهيئة خوض وقفات ومسيرات احتجاجية بجميع المدن المغربية, وذلك تحت شعار "جميعا ضد الغلاء.. ومن أجل انتزاع المطالب والحريات", داعية المواطنين إلى المشاركة بقوة. و أكدت الجبهة الاجتماعية أن الغلاء الفاحش فاق كل التوقعات وطال كل المواد, خاصة المواد الغذائية الأساسية, ناهيك عن المحروقات, في الوقت الذي "راكم فيه وكدس الرأسمال الريعي والاحتكاري المفترس أرباحا وثروات خيالية". و استنكرت ذات الهيئة "إمعان الدوائر الرسمية في إدارة الظهر للمطالب الاجتماعية الأساسية والمستعجلة", وعلى رأسها الحد من الزيادات المهولة في الأسعار وتحسين الأجور وخفض الضريبة. وفي هذا الاطار, قال المنسق الوطني للجبهة الاجتماعية المغربية, يونس فراشين, إن "الأشكال الاحتجاجية المرتقبة تعبير عن الغضب الاجتماعي المتوالي للمواطنين إزاء الزيادات التي طالت المواد الاستهلاكية الأساسية", مبرزا أن "تلك الزيادات غير المسبوقة أدت إلى تضرر القدرة الشرائية للمغاربة". وطالب الحكومة بالتدخل بحزم وقوة لردع المضاربين الذين يستغلون الظرفية الاقتصادية الصعبة لمراكمة الأرباح, دون أدنى اعتبار للطبقة الفقيرة الهشة التي تزداد فقرا بسبب غلاء المعيشة.