تتسارع وتيرة ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الاساسية في المغرب بشكل يهدد قدرة المواطنين الشرائية ويثير غضبهم, إلى جانب التضييق على حقوقهم و حرياتهم, وسط احتقان اجتماعي متصاعد في ضوء غياب أية مبادرة سياسية لتحسين وضعهم الاجتماعي والاقتصادي. وللتنديد بتأزم الأوضاع الاجتماعية و غلاء الأسعار التي طالت المواد ذات الاستهلاك الواسع والمحروقات, تتواصل الاحتجاجات التي انطلقت منذ أشهر عديدة في جميع أنحاء المملكة, حيث خرج المغاربة مساء امس الأحد في مسيرات احتجاجية بأكثر من 50 مدينة دعت اليها الجبهة الاجتماعية المغربية ومجموعة من الهيئات السياسية والمدنية, في ظل إجراءات أمنية مكثفة, حيث شهد محيط ساحة باب دكالة بمراكش, "استنفارا أمنيا كبيرا". وحمل المحتجون خلال الوقفات شعارات عديدة تطالب بالتدخل الفوري للحكومة لتسقيف الأسعار وتحديد هوامش الربح و إقرار سياسات اجتماعية لتشغيل الشباب العاطل عن العمل منذ بداية جائحة كوفيد-19. وفي السياق, قال الكاتب العام لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي, علي بوطوالة, في تصريحات لوسائل اعلام محلية إن "الاحتجاجات تتزامن مع الظرفية الاقتصادية الصعبة التي يعرفها البلد, بسبب تداعيات الجائحة والجفاف و ارتفاع الأسعار, الأمر الذي أثر سلبا على ملايين الأسر المغربية". و اوضح بوطوالة أن "هذه الوقفات بمثابة نقطة نظام من أجل تحميل الحكومة مسؤوليتها في الحفاظ على القدرة الشرائية للأسر, بالنظر إلى غياب دور الدولة في هذا الجانب عبر تسقيف أسعار المحروقات, وبالتالي التجاوب مع مطالب المواطنين". من جهته, ذكر المنسق الوطني للجبهة الاجتماعية المغربية, يونس فراشين, أن "القدرة الشرائية للمغاربة متضررة أصلا من تبعات الجائحة, وينبغي على الحكومة تدعيم الفئات الاجتماعية الهشة حتى تخرج من الوضع الحالي الصعب", مبرزا أن "الحكومة تنكر تلك الأوضاع رغم الإمكانيات القانونية المتاحة لها لتخفيف الضرر على المواطن عن طريق تسقيف الأسعار وتحديد هامش ربح المواد الأساسية" . وتابع القيادي النقابي بأن "الحكومة لا تفكر في أجوبة للوضع الاجتماعي الصعب للمغاربة, بل تفكر فقط في فرض جواز التلقيح على المواطنين, في ظل غياب نقاش عمومي حول الموضوع رغم معارضته من لدن العديد من الفعاليات الوطنية", لافتا الى أن "الوقفة لن تكون الأخيرة, بل هي بداية مسلسل نضالي جديد" . كما أكدت القيادية في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان, خديجة الرياضي, على أن "الفئات المقهورة تتلقى العديد من الضربات القوية بسبب السياسات الحالية للدولة", مضيفة أن مكتسبات الشعب المغربي تتعرض ل"هجوم كاسح". و انتقدت الرياضي الأوضاع السياسية القائمة بقولها إن "الدولة تقمع حريات الرأي والتعبير, والدليل على ذلك هو تزايد المحاكمات السياسية", منبهة إلى "تعميق مأساة الأسر المغربية بسبب سوء تدبير الجائحة وغياب الدعم الاجتماعي". وتابعت : "تعرف البلاد زيادة غير مسبوقة في أسعار المواد الأساسية بخمسين في المائة, وهو هجوم استثنائي على القدرة الشرائية الضعيفة", مشيرة أن "الاستبداد والفساد يتقويان بفعل نهب المال العام والإفلات الممنهج من العقاب وغياب الإرادة السياسية الواضحة".