تدهور الوضع الانساني في قطاع غزة بشكل كبير, خاصة بعد فرض حصار كامل من قبل قوات الاحتلال الصهيوني في اعقاب العدوان المتواصل, الأربعاء لليوم الخامس على التوالي, على القطاع والضفة الغربية, مخلفا في آخر حصيلة مؤقتة 1078 شهيدا و 5314 مصابا, اضافة الى دمار كبير في المنشآت. الحصار الشامل المفروض والمتضمن إغلاق المعابر كافة وقطع الإمدادات الكهربائية والمياه والغداء والطاقة عن القطاع, مع استمرار القصف الصهيوني, ساهم في تردي الأوضاع الإنسانية. فحسب منسقة الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينيةالمحتلة, لين هاستينغز, فإن الوضع الإنساني في غزة مترد في الأصل, وهذا التصعيد الأخير زاد الوضع سوء, مضيفة أن ما لا يقل عن 200 ألف شخص من سكان قطاع غزة البالغ تعدادهم 2.2 مليون نسمة "هجروا بعدما فروا خوفا على حياتهم أو بعدما دمرت منازلهم بفعل الغارات الجوية". وقالت هاستينغز في بيان أن سلطات الإحتلال قطعت إمدادات المياه التي تزودها لغزة, فتقلصت بالتالي الكميات المتاحة من مياه الشرب التي تعد شحيحة في الأصل, كما تم قطع امدادات الكهرباء والغداء والوقود كذلك, "وهو ما يفاقم حتما الوضع الإنساني المتردي بالأساس". "كما ان انقطاع الكهرباء عن الفلسطينيين في غزة يعطل قدرة المنشآت الصحية على مزاولة عملها ومعالجة المصابين", تضيف المتحدثة. و أكدت منسقة الشؤون الإنسانية أن الأممالمتحدة وشركاؤها في مجال العمل الإنساني في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة يعملون على تلبية الاحتياجات الماسة, لا سيما المأوى, "في ظل ظروف محفوفة بالمخاطر", مشددة على ضرورة حماية المدنيين, خاصة الأطفال, والمنشآت الطبية والعاملين في المجالين الإنساني والصحي والصحفيين. من جهته, قال برنامج الأغذية العالمي في بيان اصدره اليوم بأنه "بعد تصاعد النزاع, شرع في توزيع المساعدات الغذائية على حوالي 100 ألف شخص لجأوا إلى ملاجئ وكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) في غزة", مجددا التأكيد على أن عملية الطوارئ التي يقوم بها "تهدف إلى توفير شريان حياة غذائي بالغ الأهمية لأكثر من 800 ألف شخص". ويحتاج برنامج الأغذية العالمي إلى مبلغ فوري قدره 17.3 مليون دولار أمريكي للأسابيع الأربعة المقبلة لمعالجة هذا الوضع الطارئ, مشيرا إلى أنه يحتاج إجمالا إلى 44.8 مليون دولار على مدى الأشهر الستة المقبلة, للاستجابة لحالات الطوارئ لمدة شهر واحد وتوفير مساعدة منتظمة لمدة ستة أشهر. المطالبة بمواصلة تقديم المساعدات للفلسطينيين كما شدد البرنامج على ضرورة إقامة ممرات إنسانية لتسهيل دخول المعونات والمساعدات الإنسانية إلى غزة. في ذات السياق, قالت مديرة الإعلام والتواصل لدى "الأونروا", جولييت توما, إن الوكالة لم تتمكن من إدخال أي مساعدات إلى قطاع غزة منذ يوم السبت, مؤكدة أن موظفي "الأونروا", الذين قتل 9 منهم في الغارات العدوانية, يواصلون عملهم الإنساني رغم المخاطر والظروف الصعبة. و أضافت: "قطاع غزة مغلق تماما أمام المساعدات الإنسانية والموظفين الإنسانيين", معربة عن بالغ قلقها من نفاد الإمدادات الأساسية, بما في ذلك الوقود, في الأسابيع القليلة المقبلة. وقالت توما إن "الأونروا" تستضيف حاليا 170 ألف شخص في أكثر من 80 مدرسة ومرافق أخرى في جميع أنحاء قطاع غزة, مشيرة إلى أن وصول المدارس إلى طاقتها الاستيعابية القصوى قد أجبر الناس على البدء بالتوجه إلى مرافق الرعاية الصحية بحثا عن المأوى. لكن في المقابل, قالت المديرة الإعلامية للأونروا إن الوكالة اضطرت إلى إغلاق مراكز توزيع الأغذية التابعة لها, والبالغ عددها 14 مركزا, وخفضت عملياتها بسبب الوضع الحالي. وكان الأمين العام للأمم المتحدة, أنطونيو غوتيريش, قد أعرب عن قلقه بعد إعلان الاحتلال, الحصار الكامل على غزة, لا سيما بسبب تردي الوضع الإنساني أصلا في القطاع. ووصف وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ, مارتن غريفيثس, من جهته, ما يحدث في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة بأنه "أمر تقشعر له الأبدان", وقال: "يجب ألا تتم إعاقة الإغاثة الإنسانية والخدمات والإمدادات الحيوية إلى غزة". في اعقاب تأزم الوضع الانساني في قطاع غزة, بعد الحصار الشامل المفروض من قبل الاحتلال, وجه مندوب فلسطين الدائم لدى الأممالمتحدة, رياض منصور, رسالة إلى مجلس الأمن الدولي, أشار فيها الى "محاولات إخضاع شعب بالقنابل والقضاء على وجوده الوطني واستخدام التجويع سلاحا في الحرب, تصل إلى حد الإبادة الجماعية". من جهتها, حثت النرويج, التي تترأس مجموعة المانحين الدوليين لفلسطين, المجتمع الدولي اليوم على مواصلة تقديم المساعدات للفلسطينيين. وقالت وزيرة الخارجية النروجية, أنيكين ويتفيلت, ان "الوضع سيتدهور إذا علق المجتمع الدولي مساعدته أو قلصها في هذا المنعطف الحرج", مضيفة أنه "بصفتها رئيسة مجموعة المانحين الدوليين لفلسطين, تدعو النرويج المجتمع الدولي إلى مواصلة مساعداته المالية للشعب الفلسطيني". و استرسلت قائلة : "يشمل ذلك الدعم للسلطة الفلسطينية عبر البنك الدولي والمساعدة عبر منظمات دولية مثل وكالات الأممالمتحدة ودعم المنظمات الإنسانية والمجتمع المدني الفلسطيني", مشيرة إلى أن النرويج ستواصل تقديم مساعداتها.