واصل الكيان الصهيوني، اليوم الثلاثاء، عدوانه الغاشم على المدنيين في قطاع غزة لليوم ال81 على التوالي، في ظل حصار خانق تسبب في انتشار المجاعة بين الأسر الفلسطينية التي تمضي أياما كاملة دون طعام، وذلك على الرغم من آخر قرار اعتمده مجلس الأمن الدولي، الخاص بتوسيع وصول المساعدات إلى غزة، والذي لم يغير الوضع المأساوي على الأرض. خلف القصف الجوي والمدفعي المكثف على مناطق متفرقة من قطاع غزة اليوم عشرات الشهداء والجرحى، أغلبهم من الأطفال والنساء، ففي مدينة خان يونس، جنوب القطاع، استشهد 10 مواطنين إثر غارة استهدفت منزلا. كما شنت طائرات الاحتلال غارات على "بني سهيلا" جنوب القطاع، إضافة إلى قصف مدفعي استهدف المناطق الشرقية والشمالية من غزة ومنطقة "جحر الديك" جنوبا. وأصيب أيضا عدد من النازحين بجروح في قصف مدفعي استهدف مقر جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في مدينة خان يونس، الذي يؤوي آلاف النازحين والذي يعاني من تكدس الجرحى وشح المستلزمات الطبية ونفاد الوقود، فيما يعتقل الاحتلال الأطقم الطبية دون وجه حق ويقتادها إلى جهات مجهولة. ووفقا للهلال الأحمر الفلسطيني، فإن الوضع الصحي يزداد سوء مع تواصل غارات الاحتلال، كما يمنع الاحتلال طواقم الإسعاف من الدخول إلى مناطق يستهدفها، مشيرا إلى أنه لم يعد هناك أي منطقة آمنة في القطاع. وإثر قصف استهدف مخيمي "البريج" و"المغازي" وسط قطاع غزة، استشهد مواطنان فلسطينيان من بينهما سيدة و أصيب عدد آخر بجروح، فيما تواصل الدبابات الصهيونية القصف المدفعي العنيف على المنطقة الوسطى من قطاع غزة. جاء ذلك بالتزامن مع حملة واسعة من الاقتحامات في مناطق متفرقة بالضفة الغربية المحتلة، اندلعت على إثرها مواجهات مع المواطنين الفلسطينيين، ما أدى إلى إصابة عدد منهم بجروح، فضلا عن اعتقال آخرين. كما تصعد قوات الاحتلال من مساعيها الخبيثة لتهجير الفلسطينيين عن أرضهم، بعد أن اعترف الكيان الصهيوني إنه يعمل على تحقيق "الهجرة الطوعية" لسكان غزة إلى دول أخرى. وفي هذا الإطار، قالت الخارجية الفلسطينية أن اعترافات الكيان الصهيوني تستدعي "موقفا دوليا لوقف هذه الجريمة والحرب فورا على قطاع غزة ووقف جريمة التطهير العرقي والتهجير قبل فوات الأوان"، مضيفة أن هذه الاعترافات "الصريحة والواضحة"، تكشف عن حقيقة أهداف حرب الإبادة الجماعية التي يقودها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني في القطاع. بدورها، قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" إن هذه التصريحات تعد "محاولة لإطالة أمد العدوان"، مضيفة أن مخطط الكيان الصهيوني "سخيف ويهدف لتسويق الأوهام بعد فشله وجيشه في تحقيق أهدافهم". وأشارت الحركة إلى أن الشعب الفلسطيني "لن يسمح بتمرير أي مخطط يهدف لطمس قضيته أو يبعده عن أرضه ومقدساته". == الجوع الحاد يفتك بالفلسطينيين في غزة رغم القرار الأممي الأخير == وفي الوقت الذي يتواصل فيه التصعيد الصهيوني الهمجي على قطاع غزة، يعيش سكان القطاع ظروفا مأساوية ووضعا كارثيا حيث أصبح الآلاف يعيشون جوعا لم يسبق له مثيل، وسط ازدياد حالات الموت جوعا. وفي هذا السياق، طالبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الأممالمتحدة، اليوم الثلاثاء، بالإعلان رسميا عن أن قطاع غزة يعاني "مجاعة حقيقية تهدد حياة سكانه بالموت"، داعية مجلس الأمن الدولي، إلى تحميل الكيان المحتل، المسؤولية عن الإبادة بالمجاعة و إلى كسر الحصار على قطاع غزة، وتنفيذ القرار الأممي 2720 بأسرع ما يمكن، لوضع حد للمجاعة التي تنتشر في القطاع. للإشارة فإنه بعد مخاض عسير وأيام من التفاوض حول المشروع، اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار 2720 الخاص بتوسيع وصول المساعدات إلى غزة، دون أن يتغير الوضع على الأرض. وقالت الخارجية الفلسطينية في بيان لها أن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزة في هذا الإطار، "ليس جوعا وتجويعا فقط وإنما هو مجاعة حقيقية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، تهدد حياة المواطنين بخطر الموت جوعا، بل وتموت أعداد يومية منهم بسببها (...)". واستندت الوزارة في بيانها إلى التقارير الصادرة عن الجهات الدولية والأممية المختصة بقضية الغذاء والتغذية، حول النقص العام والحاد في الغذاء بقطاع غزة و أن أكثر من نصف مليون شخص يتضورون جوعا. وكان تقرير لبرنامج أممي يرصد مستويات الجوع في العالم، أفاد بأن كل شخص يعيش في قطاع غزة، سيواجه مستوى عاليا من انعدام الأمن الغذائي الحاد في الأسابيع الستة المقبلة. من جهته، أكد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم، على ضرورة زيادة المساعدات الغذائية والطبية بشكل فوري لسكان شمال غزة، وقال إن أفراد مهمة مشتركة للمنظمة ومكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ومنظمة الأممالمتحدة للطفولة (يونيسف) "لمسوا شعورا متفاقما باليأس بسبب الجوع الحاد، عندما تفقدوا أربعة مستشفيات في شمال القطاع من بينها مستشفى الشفاء". وأضاف أن النازحين الذين لجأوا إلى مستشفى "الشفاء" يعانون من الجوع، محذرا من أن "خطر المجاعة حقيقي كما هو الحال في جميع أنحاء غزة". وكانت "اليونيسف" حذرت من أن خطر الموت من الجوع أصبح "حقيقيا" في غزة، وقالت إن أكثر من 80% من الأطفال في قطاع غزة "يعانون فقرا غذائيا حادا". كما حذرت من أن تقديراتها تشير إلى أنه "في الأسابيع المقبلة، سيعاني ما لا يقل عن 10 آلاف طفل دون سن الخامسة من أشد أشكال سوء التغذية تهديدا للحياة، والمعروف باسم الهزال الشديد، وسيحتاجون إلى أغذية علاجية". وكان المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، قد حذر من أن الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة المدمر من جراء العدوان الصهيوني "تخطت الانهيار"، داعيا إلى احترام المعايير الدولية للحقوق. وفي حصيلة غير نهائية، أسفر العدوان الصهيوني المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي عن استشهاد نحو 21 ألف مواطن و إصابة حوالي 54 ألف، أكثر من 70% منهم من النساء والأطفال.