واصل جيش الإحتلال الصهيوني، السبت، عدوانه الوحشي على قطاع غزة، لليوم ال78 على التوالي، وسط توقعات بحدوث أزمة غذائية "حادة" في الأسابيع الستة المقبلة، في ظل الحصار المفروض على القطاع ومنع وصول المساعدات الإنسانية من طرف قوات الإحتلال. و شهدت مواقع مختلفة من قطاع غزة, يوم السبت, سلسلة من الغارات الجوية التي شنتها طائرات الاحتلال الحربية, خلفت عشرات الشهداء والمصابين, حيث لم تتمكن طواقم الإسعاف من الوصول إليهم ونقلهم إلى المستشفى, بسبب استمرار القصف وإطلاق النار. و حسب وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا), نقلا عن مصادر طبية, فإن آلة القتل الصهيونية خلفت استشهاد 52 فلسطينيا في كل من مخيم جباليا وخان يونس جراء القصف الجوي لطائرات الاحتلال, كما استخدمت البوارج الحربية الصهيونية في قصف شواطئ مخيم النصيرات وسط القطاع, فيما لا يزال مئات الشهداء تحت ركام المنازل المدمرة في شمال غزة, لتتجاوز حصيلة العدوان, ال20 ألف شهيد و56 ألف جريح. كما سجل المكتب الاعلامي للسلطات الفلسطينية بغزة, استشهاد 98 صحفيا بالقطاع جراء تواصل العدوان والإبادة الصهيونية منذ السابع من أكتوبر الفارط. و في السياق, أفاد تقرير لبرنامج أممي يرصد مستويات الجوع في العالم, بأن كل شخص يعيش في قطاع غزة سيواجه مستوى عاليا من انعدام الأم ن الغذائي الحاد في الأسابيع الستة المقبلة. و توقع تقرير برنامج "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" (آي بي سي) الذي يصنف مستويات الجوع من واحد إلى خمسة, أنه بحلول 7 فبراير وفي "السيناريو الأكثر ترجيحا", سيكون سكان قطاع غزة جميعهم (نحو 2,3 مليون شخص) عند مستوى جوع "يلامس الأزمة أو ما هو أسوأ", مشيرا إلى أن "واحدة على الأقل من كل أربع أسر" ستواجه ظروفا كارثية من "المستوى الخامس". بدورها, حذرت منظمة الأممالمتحدة للطفولة (اليونيسف) من أن الأطفال في قطاع غزة دون سن الخامسة "يواجهون خطرا كبيرا للإصابة بسوء التغذية الحاد والوفاة" وذلك في ظل استمرار العدوان الصهيوني الغاشم وغير المسبوق على القطاع, حيث أكدت أنه في الأسابيع المقبلة, سيعاني ما لا يقل عن 10 آلاف طفل دون سن الخامسة من أشد أشكال سوء التغذية تهديدا للحياة والمعروف باسم "الهزال الشديد" وسيحتاجون إلى أغذية علاجية, منبهة إلى أن خطر الموت من الجوع أصبح حقيقيا بالفعل بالنسبة للعديد من الأسر في غزة. كما أعربت المنظمة عن "قلق خاص" بشأن تغذية أكثر من 155 ألف امرأة حامل و أم مرضعة, بالإضافة إلى أكثر من 135 ألف طفل دون سن الثانية, نظرا لاحتياجاتهم الغذائية المحددة. من جهته, أكد مفوض الأممالمتحدة السامي لحقوق الإنسان, فولكر تورك, تعقيبا على التقرير الأممي المتعلق بالتغذية بالقطاع, على أن "التجويع لا يجب أن يكون وسيلة أو نتيجة للحرب". كما أكد الممثل السامي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد الأوروبي, جوزيف بوريل, أن "شبح المجاعة" يخيم على قطاع غزة المحاصر و أن أغلبية سكان القطاع يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد, في حين يواجه ربع السكان جوعا, مشددا على ضرورة حماية المدنيين والسماح بالوصول الآمن للعاملين في المجال الإنساني والصحي في جميع أنحاء غزة وتوفير الغذاء الكافي لجميع الفلسطينيين. و في السياق ذاته, اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة, أنطونيو غوتيريش, الاحتلال الصهيوني بمثابة "العقبة الكبرى أمام إدخال وتوزيع المساعدات في القطاع", مؤكدا أن وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية, هو السبيل الوحيد لتلبية الاحتياجات الماسة للسكان ووضع حد لكابوسهم المستمر. إنتقادات لقرار مجلس الأمن المتأخر و في ظل هذه الأزمة الغذائية التي يشهدها القطاع, اعتمد مجلس الأمن الدولي, أمس الجمعة بعد عدة تأجيلات, خلال اجتماع حول الوضع في الشرق الأوسط, بما فيه القضية الفلسطينية, مشروع قرار يطالب بتوسيع نطاق المساعدات المقدمة إلى غزة. و يدعو القرار إلى "اتخاذ خطوات عاجلة للسماح فورا بإيصال المساعدات الإنسانية بشكل موسع و آمن ودون عوائق ولتهيئة الظروف اللازمة لوقف مستدام للأعمال القتالية" وفتح المعابر لوصول المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين والعاملين في المجال الإنساني وحرية حركتهم. و اعتبرت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية أن القرار الذي اعتمده مجلس الأمن لا يرقى الى مستوى التطلعات والتحديات والمسؤوليات من أجل الوصول إلى "وقف العدوان وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية والتجويع والحرمان من سبل الحياة" التي تمارسها آلة القتل الصهيونية بشكل يومي ضد أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. نفس ردة الفعل جاءت من الأمين العام لجامعة الدول العربية, أحمد أبو الغيط, الذي انتقد القرار الذي اعتمده مجلس الأمن أمس الجمعة, مبرزا أنه "جاء متأخرا وما زال بعيدا عن المطلوب تحقيقه, وهو وقف إطلاق نار كامل في القطاع". بدوره, أكد أنطونيو غوتيريش أنه كان يأمل من مجلس الأمن تبني المزيد من القرارات الداعمة للجانب الإنساني في غزة, لاسيما بعد فشل الأعضاء في اعتماد مشروع قرار خاص بتعليق فوري لإطلاق النار, معربا عن أمله في أن يجعل هذا القرار, الناس, "يفهمون بأن وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية ضروري بالفعل, من أجل مساعدة إنسانية فعالة لأهالي غزة". من جهتها, طالبت منظمة التعاون الاسلامي, المجتمع الدولي وخصوصا مجلس الأمن الدولي, بإلزام الكيان الصهيوني بالامتثال "الفوري والكامل" لبنود هذا القرار وضمان إيصال المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين والعاملين في المجال الإعلامي والطبي والإنساني ورفض مخطط التهجير القسري للشعب الفلسطيني. و بين هذا وذاك, يواصل الكيان المحتل عدوانه على قطاع غزة والضفة الغربية, مخلفا 20.360 شهيد و56.679 جريح و1.9 مليون نازح ودمارا شبه كلي في البنى التحتية, جراء قصف المدارس والمنازل والمستشفيات, بالإضافة لحملات الاعتقال الواسعة التي مست 4675 فلسطيني بالضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر الماضي.