تتواصل مشاهد الفساد في المغرب، موازاة وإستمرار الإحتياجات الملحة والإنتقادات المتزايدة ضد الحكومة مما يزيد من ضغوط الشارع و تأجيج حالة الإستياء العام وعدم الثقة في القيادات الحالية. و أمام استمرار الجهات المسؤولة في انتهاج سياسية الاذان الصماء بتبنيها لغة الصمت حيال مطالب الشارع بالتدخل العاجل لتحقيق التوازن وتلبية الاحتياجات الملحة للمواطنين, وجهت نقابة "الاتحاد الوطني للشغل" سؤالا كتابيا للحكومة حول التوتر المستمر بكليات الطب والصيدلة, مجددة دعوتها لوضع استراتيجية ناجعة لضمان تكوين جيد للطلبة لتفادي تأجيج الوضع و تنامي الغضب. و يأتي تدمر طلبة كلية الطب والصيدلة بالمملكة, على خلفية استمرار الحكومة في تجاهلها لمطالبها,على الرغم من الإنزال الوطني الذي شهدته المملكة يوم 29 فبراير الماضي بالعاصمة الرباط, شارك فيه كل الطلبة من مختلف الأقطاب للتعبير عن رفضهم للإتهامات التي وجهها لهم كل من وزيري الصحة والتعليم العالي حول وقوف جهات وراءهم تحرضهم, ولكون رفضهم لتقليص سنوات التكوين غرضه الهجرة إلى الخارج للعمل. و أشارت النقابة في سؤال وجهه مستشاراها البرلمانيان بمجلس المستشارين إلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار, الى أن كليات الطب والصيدلة تعيش على وقع الاحتقان بسبب تقليص سنوات التكوين, وهو ما أدى إلى مقاطعة الطلبة للامتحانات والدروس النظرية والتداريب الاستشفائية احتجاجا على صم الحكومة آذانها عن مطالب هذه الفئة. و جددت النقابة انتقادها التصريحات التي أطلقها كل من وزيري الصحة والتعليم العالي, في الندوة المشتركة التي نظماها بتاريخ 22 فبراير الماضي, مطالبة الحكومة بالكشف عن الإجراءات والتدابير التي ستتخذها من أجل إيقاف الاحتقان داخل كليات الطب والصيدلة, والتجاوب مع المطالب التي رفعها الطلاب وعلى رأسها مراجعة سياسية تقليص سنوات التكوين. و لا تقتصر ظاهرة التوترات في المملكة على قطاع الصحة فقط, بل تمتد لتشمل كافة القطاعات الحيوية الأخرى في البلاد. فتصاعد الغضب والاستياء بين الشعب المغربي نتيجة الفساد المستعصي, جعل الوضع يتجه نحو الانفجار الاجتماعي. و في هذا السياق, نبه محمد بشير الراشدي, رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها, الى أن ظاهرة الفساد تقوض أسس دولة القانون, وهي على رأس العوائق التي تحول دون تحقيق التنمية, مشددا على أن الفساد يؤدي لسوء استخدام السلطة وانعدام الثقة وتفشي المحسوبية والامتيازات غير المستحقة. و شدد على أن الإثراء غير المشروع موضوع نقاش, غير أنه لم يعرف تقدما على مستوى الحكومة,مؤكدا أن جميع المجالات يشملها الفساد, بما فيها القطاع الخاص, حيت تعمل الجهات المسؤولة على خدمة اجندتها الخاصة على حساب الخدمات العامة و مصلحة الشعب. من جهتها, انتقدت جماعة "العدل والإحسان" "التدهور المتنامي للوضع المعيشي الذي تكتوي منه فئات عريضة من أبناء الشعب بمختلف شرائحه, وتنطلق من جرائه موجات عارمة من السخط الاجتماعي والاحتقان الشعبي والاحتجاج اليومي. و استنكر مجلس شورى الجماعة, في بيان له, استمرار عجز الدولة الصارخ عن تقديم الحلول الناجعة لمواجهة الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية والغلاء المستشري, وغياب التعاطي الجدي مع المطالب المشروعة والنداءات الملحة التي بحت بها حناجر المحتجين في كل مناسبة وعلى امتداد ربوع الوطن المنكوب. و تواصل الحكومة المغربية في فشلها المستمر في التصدي للتحديات ومكافحة الفساد, ما أفرز نقصا واضحا في التفهم والتحليل لمصالح المواطنين, ما زاد في مستويات الاحتقان والاستياء في المجتمع و جعل التوترات الاجتماعية والاقتصادية تصل إلى ذروتها.