تشكل الزوايا بالجزائر عنصر استقرار و وحدة و صرحا للتنوير العلمي و الديني, حسبما أجمع عليه مشاركون خلال ملتقى انطلقت اشغاله, أمس الثلاثاء, ببلدية رقان بولاية أدرار. وخلال هذ الملتقى, الذي نظمته زاوية الشيخ مولاي عبد الله الرقاني تحت رعاية وزارة الشؤون الدينية والأوقاف, تم إبراز إسهامات هذه الزاوية من خلال جهودها في نشر العلم بإقليم توات و الساحل و الحوض الموريتاني, واصلاح ذات البين والتصدي للمستعمر الفرنسي وصون الوحدة الوطنية والمرجعية الدينية للجزائر. ولدى إشرافه على انطلاق أشغال اللقاء أشار مستشار رئيس الجمهورية المكلف بالشؤون الدينية, الزوايا و المدارس القرآنية, حسوني محمد, أن هذه التظاهرة تعد فرصة سانحة لإبراز تراث الجزائر الديني والروحي والاعتزاز به لأنه نابع من قيمنا الراسخة, على غرار زاوية مولاي عبد الله الرقاني التي أصبحت "رمزا روحيا جزائريا", مؤكدا التزام السلطات العليا للبلاد بتثمين ومرافقة زوايا العلم والتصوف في أداء دورها الحضاري والفكري في تعزيز قيم التسامح والتنوير وصون الوحدة والمرجعية الدينية بالجزائر. وأضاف المتحدث أن هذه الزاوية العريقة تعد صرحا دينيا عتيقا لعب دورا بارزا في الحياة الدينية والثقافية والاجتماعية للمجتمع الجزائري, حيث دافع اتباعها عن الوحدة الوطنية وتصدوا لسياسات طمس مقومات الهوية الجزائرية, حيث كرست الزاوية من خلال منهجها الوسطي المعتدل قيم التسامح الديني والتضامن الاجتماعي داخل الوطن وخارجه عبر امتداداتها بدول الجوار. وفي كلمته أكد رئيس ديوان وزارة الشؤون الدينية, محند عزوق, أن ولاية أدرار من الحواضر العلمية الكبيرة بالجزائر وتحتل المرتبة الأولى وطنيا في تحفيظ القرآن الكريم وتخرج الأئمة, مشيرا إلى أن خريجي الزوايا القرآنية يتسمون بالاعتدال والوسطية, مما جعلهم محل إقبال واهتمام حتى في خارج الوطن. من جانبه أشار شيخ المدرسة القرآنية بالزاوية وعضو المجلس الإسلامي الأعلى, مولاي عبد الله الرقاني, أن الزاوية "صرح متعدد الاقطاب فهي كثيرة المريدين ولها انتشار في مختلف بقاع العالم خاصة في الربوع الإفريقية, حيث ساهم أعلامها, ولا يزالون, في نشر القيم الراقية في فهم الدين على المنهج السليم بعيدا عن كل أشكال التطرف و الغلو, خدمة للانسجام الاجتماعي ووحدة الوطن". ويعالج اللقاء, الذي يدوم يومين, جملة من المحاور تتعلق بالدور الديني والاجتماعي والاقتصادي للزوايا, من خلال آلية الاستثمار في الوقف والتجارة محليا ودوليا, والدور الجيو-استراتيجي الأمني من خلال رفع راية الجهاد ضد المستعمر وصون وحدة الوطن. كما يتطرق المشاركون إلى دورها الروحي والعلمي والتصوفي, من خلال الطريقة الرقانية وعلاقاتها بطرق التصوف الأخرى كالزيانية والموساوية والكنتية, ليتوج اللقاء بتوصيات حول آليات تثمين هذه الأدوار.