تتوالى ردود الفعل الدولية المستنكرة لإقدام جيش الإحتلال الصهيوني، على تنفيذ عمليات عسكرية في مدينة رفح بغزة، بإعتبارها شريان الحياة لفلسطيني القطاع والمنفذ البري الوحيد لإدخال المساعدات وإجلاء المرضى والمصابين جراء العدوان الهمجي المتواصل على القطاع منذ السابع من أكتوبر الفارط. وفي هذا الصدد, أدانت الجزائر ب"أقوى العبارات و أشدها إقدام قوات الاحتلال الاسرائيلي الاستيطاني على تنفيذ عمليات عسكرية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة تحضيرا للقيام باجتياح بري لهذه المنطقة الفلسطينية". و اعتبرت الجزائر - وفقا لما جاء في بيان لوزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج اليوم الثلاثاء - أن "هذا التصعيد بالغ الخطورة والذي ينذر بالتسبب في حصيلة إجرامية غير مسبوقة وكارثة إنسانية واسعة النطاق والأبعاد يأتي ليؤكد أن الاحتلال الاسرائيلي الاستيطاني ماض في تنفيذ مخططاته الرامية لإبادة الشعب الفلسطيني وتهجير من تبقى منهم. وبفعله هذا, يؤكد الاحتلال أنه لا يأبه البتة بإجماع المجموعة الدولية على ضرورة التسريع في تنفيذ وقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة وعلى حتمية إطلاق مسار سياسي يكفل قيام الدولة الفلسطينية المستقلة والسيدة كحل عادل ودائم ونهائي للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي". ومن هذا المنظور, دعت الجزائر, المجتمع الدولي إلى "التحرك بصفة مستعجلة وفورية وحاسمة للضغط على القوة القائمة بالاحتلال والكف عن مدها بوسائل ومسببات استمرار تجبرها وتسلطها واستقوائها على الأبرياء الفلسطينيين منذ أكثر من سبعة أشهر", كما حذرت من "تواصل العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين في قطاع غزة واحتمالية انتقاله لأعلى مستويات التصعيد مع اجتياح عسكري بري لمدينة رفح الفلسطينية سيكون له تداعيات بالغة الجسامة من شأنها أن ترهن لعقود إضافية طويلة مستقبل السلم والأمن في المنطقة رمتها". ومن جهته, قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش, أن "اجتياحا" لمدينة رفح سيكون أمرا "لا يحتمل" بسبب عواقبه الإنسانية المدمرة وبسبب تأثيره المزعزع للاستقرار في المنطقة, وسيكون عبارة عن "كارثة إنسانية". وطالب, الكيان الصهيوني بإعادة فتح معبري رفح وكرم أبو سالم "على الفور" للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة, مؤكدا أن إغلاقهما يضر بشكل خاص بالحالة الإنسانية اليائسة أساسا. وبدوره, وصف ممثل مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ينس ليركه, إغلاق الكيان الصهيوني معبري رفح وكرم أبو سالم أمام حركة المساعدات الإنسانية بأنه يمثل "كابوسا" في ظل الأوضاع الإنسانية المزرية في قطاع غزة, ودعا لفتحها قصد دخول المساعدات الانسانية. وقال المسؤول الأممي, إن المنظمات الإنسانية وسعت وجودها على طريق النزوح من رفح نحو الشمال, لتقديم الدعم للنازحين في ظل صعوبة وصول الإمدادات من معبر بيت حانون وأن المنظمات الإغاثية ستبقى في رفح لأطول مدة ممكنة. في ذات السياق, قال المتحدث باسم منظمة الأممالمتحدة للطفولة "يونيسف" جيمس إلدر, أن الهجوم على مدينة رفح جنوبغزة "سيعقد بشكل كبير إيصال المساعدات" إلى القطاع, محذرا من "مجاعة" حال إغلاق معبر المدينة مدة طويلة. التصعيد الخطير في رفح يقوض جهود التوصل لوقف إطلاق النار ومن الجانب الفلسطيني, حذر الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية, نبيل أبو ردينة, من أن احتلال الجيش الصهيوني لمعبر رفح, الواقع جنوبي قطاع غزة على الحدود مع مصر, "يدفع بالأمور نحو حافة الهاوية", مشيرا أن احتلال معبر رفح البري والتهديد بتهجير المواطنين من مراكز الإيواء ومراكز سكنهم ومنع موظفي الأممالمتحدة من دخول قطاع غزة هي جرائم حرب يجب أن يحاسب عليها الاحتلال. وبدورها أدانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس), اقتحام الجيش الصهيوني لمعبر رفح الحدودي, واعتبرته "تصعيدا خطيرا وجريمة" تؤكد نية الاحتلال تعطيل جهود الوساطة لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى. وفي هذا السياق, أدان البرلمان العربي, الهجوم على مدينة رفح, واحتلال معبرها الحدودي مع مصر, واعتبره "تصعيدا خطيرا" يقوض جهود التوصل لوقف إطلاق النار. كما أكد أن ما يحدث من تطورات على الأراضي الفلسطينية المحتلة واستمرار عربدة الاحتلال في رفح, وتعمده إفشال التوصل إلى وقف إطلاق النار, هو تجسيد واضح لشريعة الغاب وانتهاك صارخ لجميع الأعراف والقوانين والقرارات الدولية, وهو ما سيقود العالم إلى نفق مظلم, وينذر بكارثة جديدة تنهي ما تبقى من محاولات إغاثية وتقود إلى إبادة جماعية كاملة وتهجير قسري للفلسطينيين. وأدانت العديد من الدول على غرار مصر و الأردن و نيوزيلاندا و بلجيكا إقدام الكيان الصهيوني على احتلال الجانب الفلسطيني من معبر "رفح", وإغلاقه أمام دخول المساعدات الإنسانية لسكان القطاع الذين يعانون كارثة إنسانية غير مسبوقة, محذرين من العواقب الوخيمة لهذا الاجتياح الخطير. كما أعربت جمهورية جنوب إفريقيا, في بيان صادر عن وزارة العلاقات الدولية والتعاون, عن شعورها ب "الدهشة" من الأمر الذي أصدره الاحتلال الصهيوني بإخلاء رفح بالقوة المفرطة, تمهيدا لاجتياحها برا, مشيرة إلى أن حكومة جنوب إفريقيا تشعر ب "انزعاج عميق" إزاء التطورات في قطاع غزة. وكانت قوات الاحتلال الصهيوني قد طالبت أمس الاثنين, المواطنين المدنيين بمغادرة الأحياء الشرقية لمدينة رفح إلى منطقة المواصي. وتعد مدينة رفح آخر ملاذ للنازحين في القطاع المنكوب, فمنذ بداية العملية البرية التي شنتها قوات الاحتلال على قطاع غزة في ال 27 من أكتوبر الماضي, يطلب من المواطنين التوجه من شمال القطاع ووسطه إلى الجنوب, بادعاء أنها "مناطق آمنة". وتضم رفح التي تقدر مساحتها بنحو 65 كيلومترا مربعا, أكثر من 1.5 مليون فلسطيني, اضطر أغلبيتهم إلى النزوح إليها سعيا إلى الأمان. ومنذ السابع من أكتوبر 2023, يشن الاحتلال الصهيوني عدوانا مدمرا على قطاع غزة, خلف أكثر من 34 ألف شهيد أزيد من 78 ألف جريح وخلق كارثة إنسانية غير مسبوقة تسببت في نزوح أكثر من 85 بالمائة من سكان القطاع وهو ما يعادل 1.9 مليون شخص.