تواصل آلة القمع المخزنية في انتهاك حقوق المواطنين, وهذه المرة من بوابة الهدم العشوائي لحي في الرباط, حيث تتكرر المأساة ذاتها التي شهدتها مناطق أخرى, والتي تفضح من جديد انعدام أي استراتيجية وطنية جادة تضمن للمواطنين الحق في السكن اللائق والاستقرار. وعلى أعتاب مرحلة قاتمة تلوح في الأفق, أكد حزب النهج الديمقراطي العمالي على أن "ما يحدث اليوم ليس سوى حلقة جديدة في مسلسل طويل من التجاهل الممنهج لمطالب الشعب وانشغال الدولة بمصالحها الخاصة, تاركة الفئات الهشة تحت رحمة المضاربين العقاريين". وأشار إلى أنه "لم يعد غريبا أن تتحرك جرافات الدولة فجأة لهدم بيوت سكنية دون أدنى احترام للقانون أو لحقوق السكان", مضيفا أن الأغرب هو أن هذا الهدم لا يأتي في إطار نزع الملكية للمصلحة العامة, وإنما لخدمة مصالح "جهة مجهولة", وهي في الواقع ليست سوى "أذرع المال والنفوذ التي تحكم البلاد من وراء الستار, وتسخر السلطة لأجل مضاعفة ثرواتها عبر المضاربة العقارية الجشعة". وأضاف أن تصريحات عمدة الرباط, التي بررت الهدم بأنه نتيجة "عملية بيع وشراء" بين المالكين والملك الخاص للدولة, "لا تعدو أن تكون استهزاء بالسكان", لافتا إلى أن وزارة المالية, التي يفترض أن تشرف على تدبير الملك الخاص للدولة, لم تحرك ساكنا لضمان حقوق المواطنين, بل تركت السلطات المحلية تتصرف كوسيط لصالح بارونات العقار. وفي سياق الأزمات المتعددة الأطراف التي يعرفها المغرب, تأسف ذات الحزب للأوضاع الكارثية التي تعرفها المملكة, مستشهدا بالأزمة الاقتصادية الخانقة والارتفاع غير المسبوق في تكاليف المعيشة, فيما "نجد أن المخزن --كما قال-- مشغول تماما بأجندته الخاصة, التي تقوم على خدمة مصالح اللوبيات الاقتصادية المقربة من دوائر السلطة, بدل العمل على وضع استراتيجيات تنموية تضمن العيش الكريم للمواطنين". أمام هذه التطورات المتسارعة, جاء موقف حزب التقدم والاشتراكية بدوره, ليؤكد خطورة هذا التواطؤ بين السلطة ولوبيات العقار, مستنكرا الأساليب القسرية التي تفرض على السكان دون أي حلول عادلة, معتبرا أن ما يحدث "يعكس انحرافا خطيرا عن المبادئ التي تكفل الحق في السكن والاستقرار, حيث يستغل القانون لخدمة فئة ضيقة من المضاربين, فيما يترك المواطنون يواجهون مصير التشريد والضياع". وشدد ذات الحزب على أنه "إذا كانت الدولة جادة في تحقيق التنمية, فعليها أن تبدأ أولا بإصلاح سياساتها الفاشلة وإعادة توجيه أولوياتها نحو حماية حقوق المواطنين بدلا من تكريس نفوذ لوبيات العقار والاحتكار".