لا أحد يمكنه أن ينكر حق المواطن في المطالبة بتحسين ظروفه المعيشية أو الاحتجاج عن زيادات غير قانونية يرى أنها تثقل كاهله، لكن في المقابل ليس لأي كان الحق في الاعتداء أو تخريب ملك الغير سواء كان ملكا خاصا أو عموميا. وقد أكدت الأحداث الأخيرة أننا لم نصل بعد إلى مستوى الوعي الذي يتحلى به غيرنا عند المطالبة والاحتجاج، صحيح أن البلاد لم تقض على كل المشاكل والعراقيل التي تعترض التنمية بعد عشرية سوداء أتت على الأخضر واليابس، لكن ذلك ليس مبررا لرفع معول التخريب والاعتداء على المواطنين. فهل تتحقق المطالب بالعنف والتخريب؟ وفرضا أنها تحققت، من يتحمل عواقب تخريب المدارس ومراكز البريد ومقر البلديات والمؤسسات العامة والخاصة، أليس المواطن بالدرجة الأولى؟ إن مسؤولية ما جرى هي مسؤولية المجتمع برمته، مسؤولية التجار الموزعين وبعض المتعاملين الذين تسببوا في فوضى الأسعار ومسؤولية مصالح الرقابة التي تقع عليها مهمة فرض سلطة القانون والحد من تلاعبات المضاربين، وكذا مسؤولية الأولياء الذين تخلوا عن واجباتهم وتركوا أبناءهم تتقاذفهم أهواء الشارع دون رقيب ولا حسيب. إن ما وقع لا يخدم المواطن ولا الوطن لأن دمارا جديدا ألحق بالمؤسسات والأملاك وستكون انعكاساته سلبية ووخيمة على الجميع، لأن ما هدم بحاجة إلى جهد إضافي لإعادة بنائه بدل توجيه هذا الجهد إلى تحسين الظروف المعيشية، ولأن لغة التخريب أسكتت هذه المرة لغة الحوار.