موسكوكا (كندا) - ألقى رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة اليوم الجمعة كلمة حول الأهداف الإنمائية للألفية بتأكيد خاص على صحة الطفل والأم بمناسبة قمة مجموعة الثمانية المنعقدة بموسكوكا (كندا) هذا نصها الكامل: "فخامة الرئيس السيدة و السادة رؤساء الدول و الحكومات أصحاب المعالي و السعادة حضرات السيدات و السادة إن الاهتمام المتجدد الذي تبديه مجموعة الثماني إزاء تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية يشكل إشارة إيجابية بالنسبة لنا وللأفارقة قاطبة. إنه يعني أنه بإمكاننا أن نضاعف سويا الجهد لتجسيدها في أفق 2015 . فإسهام مجموعة الثمانية إسهام أساسي خاصة في عام 2010 هذا حيث تنكب الأممالمتحدة على الإعداد لاجتماع رفيع المستوى لتقويم مدى تنفيذ إعلان الألفية على امتداد عقد من الزمن. تبين إحصائيات وفيات الأمهات والأطفال بإفريقيا أن ما يقارب طفلا من سبعة يموت قبل بلوغ عامه الخامس. و في إفريقيا كذلك تسجل 50 % من حالات وفيات النساء في العالم بفعل آثار الحمل والولادة أو خلال الأسابيع الأولى ما بعد للولادة. فضلا عن ذلك يجري ما يقارب نصف الولادات دون إسعاف طاقم طبي مؤهل و لا يستفيد ما يزيد على نصف عدد النساء الحوامل من متابعة طبية قبل الولادة. تلكم إذن مجالات تسجل فيها إفريقيا تأخرا كبيرا حتى و ان اختلف الوضع من بلد لآخر ومن منطقة لأخرى. و من هذا الباب عرفت أهداف التنمية للالفية الخاصة بصحة الأم و الطفل في شمال إفريقيا تحسنا معتبرا و هي على وشك أن تتحقق في بعض الحالات هذا حتى وإن كان ما يزال هناك هامش لتحسين النتائج أكثر. و إن بلدان شمال إفريقيا منكبة على ذلك و هي تقتسم تجربتها مع بقية البلدان الإفريقية في المجال الصحي عامة وفي هذا الجانب على وجه الخصوص. لقد ضمن الدستور في الجزائر حال الحصول على الاستقلال الاستفادة من الطب الوقائي والعلاجي ضمن المنظومة الصحية الوطنية. وأود في هذا الصدد التذكير بأن الجزائر شرعت منذ السبعينيات في سياسة تخطيط أسري توخت تمفصلا أفضل للصحة الإنجابية بتيسيرها على وجه الخصوص الولادة في وسط تتوفر فيه المساعدة و اللجوء المتنامي لوسائل تحديد الحمل الممنوحة بالمجان في القطاع الصحي العمومي. هذا و تمت ترقية صحة الأم والطفل إلى مرقى الأولوية الوطنية ضمن منظومتنا الصحية. و لما كانت صحة الأم و الصحة المرافقة للولادة جزءا لا يتجزأ فإن بلادي قد وضعت برنامجا وطنيا لفترة ما بعد الوضع 2006-2009 تم تمديده إلى غاية 2012 لضمان تكفل أفضل بالأم و الطفل. إن المؤشرات الخاصة بالتكفل بصحة الأطفال قبل بلوغهم الخمس سنوات تؤكد بما لا يحتمل أخذا ولا ردا تحقيق تقدم ملحوظ يشهد عليه انخفاض نسبة الوفيات من 43 في الألف سنة 2000 إلى 29,8 في الألف سنة 2008. إن الجهود اللافتة التي بذلتها البلدان الإفريقية في مجال صحة الطفل والأم ينبغي إسنادها بمجهود للمجموعة الدولية ومجموعة الثمانية على وجه الخصوص من أجل تنفيذ استراتيجياتها الوطنية في كنف احترام مبدئي التملك و القيادة اللذين تقوم عليهما الشراكة بين مجموعة الثمانية و إفريقيا. إن تأكيد تعزيز المنظومات الصحية في إفريقيا يمثل المقاربة الصحيحة الكفيلة بحماية صحة الأم والطفل و تعزيز التقدم المسجل من قبل إفريقيا التي نجحت في تحجيم انتشار فيروس داء فقدان المناعة المكتسب (الإيدز) وفي تحسين الوصول إلى العلاج ورفع نسبة التلقيح و بوجه أعم في ضمان استفادة موسعة من الطب الوقائي و العلاجي. لكن ينبغي ألا تغيب عن ذهننا الصلة الوثيقة بين الفقر و بين هشاشة وضعية الأمهات والأطفال في العديد من البلدان الإفريقية. ومن ثمة و بالموازاة مع البرامج الموجهة خصيصا نحو تحسين صحة الأم و الطفل ينبغي تكثيف محاربة الفقر كذلك. ان المحاربة هذه متعددة الأبعاد من حيث إنها تنصب على مؤشرات النمو و التنمية الاقتصادية والاجتماعية الرئيسة. لقد حققت البلدان الإفريقية على امتداد سنوات عديدة نسبة نمو متوسطة فاقت 5 % و هذا بفضل تطهير الإطار الاقتصادي الكلي وبفضل التقدم المسجل في مجال الحكامة. لكن الوتيرة هذه قد تباطأت ويا للأسف منذ أزمة 2008-2009 التي لم تنحسر آثارها بعد. من ثمة أصبح من الضروري أكثر من أي وقت مضى أن تسعى المجموعة الدولية إلى إيجاد الشروط الضرورية للعودة القوية إلى النشاط الاقتصادي في إفريقيا. و هذا يفترض زيادة في المساعدة العمومية على التنمية كما و نوعا ومواصلة برامج تخفيف المديونية وتنويع القاعدة الإنتاجية للبلدان الإفريقية بالتساوق لزاما مع تسهيل الدخول إلى أسواق البلدان المتطورة. و هذا يفترض كذلك تكثيف و تحديث شبكات الهياكل القاعدية عبر القارة. ينبغي من ثمة للبلدان المتطورة الوفاء بتعهداتها كاملة. يجب أن تستفيد إفريقيا بقدر يذكر من الإجراءات التي تم الإعلان عنها خلال قمة مجموعة العشرين (20) المنعقدة ببيتسبورغ خاصة فيما يتعلق بتعزيز موارد المؤسسات المالية الدولية و الجهوية. إن ضعف مخصصات المساعدة العمومية على التنمية للقطاع الفلاحي في إفريقيا يشكل مفارقة أخرى ينبغي معالجتها إذا كان المراد هو الانتصار على الفقر و ضمان الأمن الغذائي للقارة. و إن دعم البرنامج المدمج للتنمية الفلاحية في إفريقيا الذي تمت صياغته تحت إشراف الشراكة الجديدة من أجل تنمية إفريقيا (نيباد) و مبادرة لاكويلا حول الأمن الغذائي ينبغي أن يحظى بأعلى قدر من الأولوية في هذا السياق. إنني متيقن من أن مداولاتنا حول التقويم الشامل للشراكة بين مجموعة الثمانية و إفريقيا منذ قمة كاناناسكيس سيتيح لنا الفرصة لتعميق مختلف المحاور هذه لتكثيف تعاوننا. و هدفنا المشترك إنما هو تيسير تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية والتنمية المستدامة في إفريقيا. أشكركم على كرم الإصغاء".