ألقى يوم الأحد بمدينة النعامة باحثون ومتخصصون في تاريخ المقاومات الشعبية الجزائرية في ملتقى وطني يدوم يومين لدراسة وبحث مآثر شخصية قائد المقامة الشعبية ضد الاحتلال الفرنسي بالجنوب الغربي من البلاد المجاهد المتصوف الشيخ بوعمامة. وينشط فعاليات هذا الملتقى الذي يحضره ممثل عن وزارة الثقافة ومخرج فيلم "بوعمامة" ابن عمر بختي مجموعة من الأساتذة من جامعتي وهران وبشار سيركزون في مساهماتهم في التعريف بمسيرة الشيخ بوعمامة ودوره في مقارعة الإحتلال الفرنسي. كما تتناول المحاضرات المبرمجة في هذا اللقاء شرح الطريقة الصوفية عند الشيخ بوعمامة من خلال استعراض أذكار و أوراد الطريقة الشيخية الإيمانية التي انبثقت عن الزاوية التي أسسها الشيخ بوعمامة بمنطقة مغرار التحتاني سنة 1876. وسيناقش المشاركون عدة مواضيع منها"دور الطرق الصوفية في مقاومة الإستعمار الفرنسي " و "الشيخ بوعمامة سلوك ومواقف " وذلك من خلال التطرق الى معايشة الشيخ بوعمامة لأحداث ثورتي الأمير عبد القادر الجزائري و أولاد سيد الشيخ حيث شب الشيخ بوعمامة على رفض الإستعمار الى أن شرع في تنظيم القبائل لمواجهة العدو وصد مخططاته التوسعية الهادفة الى الإستيلاء على منطقة الصحراء بجنوب البلاد سنة1881. ومما جاء في المداخلة الإفتتاحية للملتقى أن تناول هذه الشخصية التاريخية الكبيرة ودورها في مسيرة كفاح الشعب الجزائري ضد المستعمر الفرنسي يهدف إلى "تعريف جيل الإستقلال بإحدى أهم المقاومات الشعبية التي إستغرقت أطول مدة في تاريخ الثورات الشعبية الجزائرية والتي دامت أكثر من 20 سنة (1881 إلى 1904 ) بالرغم من تفوق الجيش الفرنسي في العدة و العتاد". وخلال التوقف عند أهم المحطات التاريخية لمقاومة الشيخ بوعمامة أبرزت مناقشات الباحثين في هذا اللقاء أهم المعارك التي قادها الشيخ بوعمامة ضد الإستعمار الفرنسي مع استعراض مسيرة طويلة من الإنتصارات المتتالية إخترق خلالها الشيخ بوعمامة حواجز الجيوش الفرنسية و قطع خطوط التلغراف و هاجم شركات الحلفاء. كما توقفت هذه المداخلات أيضا عند أقوال بعض الصحف الفرنسية حول مقاومة الشيخ بوعمامة معترفة بشراسة مقاومته .وتطرق المتدخلون أيضا الى العوامل التي مكنت هذا الثائر من استقطاب ولاء و تأييد أغلب القبائل الصحراوية ومن بينها قبائل " الطرافي" و "الأحرار" و " الشراقة" و" أولاد زياد" و" الشعانبة" وغيرها. ومن جهته، عرف الأستاذ رأس مال عبد العزيز من جامعة وهران الشيخ بوعمامة بأنه "من أحفاد الولي الصالح الشيخ عبد القادر بن محمد المعروف بسيدي الشيخ وهو من بني عمومة سي سليمان بن حمزة زعيم الإنتفاضة المسماة في تاريخ الجزائر المعاصر بثورة أولاد سدي الشيخ و بأنه ذو ورع وحكمة وسداد رأي وحسن تدبير تألقا بجديه القطبين الصالحين سيدي الشيخ وسيدي سليمان بن أبي سماحة". كما شرح الأستاذ عبد المالك براهيمي الجانب الروحي للقائد المتصوف بوعمامة بقوله "ان الشيخ كرس جانبا مهما من حياته في طلب العلم والبحث في الأمور الفقهية وكانت طريقته الصوفية (الإيمانية) التي رسمها بطابعه الورع وحياته الثائرة على الأوضاع المزرية التي كانت تعيشها المنطقة نقطة التحول و الركيزة التي ساعدت على ربط الصلة الروحية بالقبائل ومحاربة البدع و الخرافات في أوساط القبائل وذلك بنشر أذكار وأوراد تلك الطريقة وعقد حلقات الذكر لقراءة القرآن العظيم ودعم الوازع العقائدي ومحاربة الجهل في البوادي و الصحراء". وتتواصل فعاليات هذا الملتقى الذي تنظمه مديرية الثقافة لولاية النعامة بتقديم عدة مداخلات حول مقاومة الشيخ بوعمامة ومناقشة التفاصيل الجوهرية التي أحاطت هذه المقاومة الشعبية الشهيرة وبحث نتائجها وانعكاساتها والمتمثلة أساسا في عرقلة توغل المستعمر في الجنوب الغربي للوطن.