حيا كاتب الدولة المكلف بالجالية الوطنية بالخارج، حليم بن عطا الله، يوم الأحد فاعلي المجتمع المدني في فرنسا على الدور الذي لعبه هذا الأخير "بشجاعة و ثبات" من أجل تسليط الضوء على الحقيقة التاريخية للمجازر التي ارتكبت في 17 اكتوبر 1961 ضد جزائريين كانوا يتظاهرون سلميا من اجل حقهم في الكرامة و الحرية. وأوضح كاتب الدولة الذي وقف وقفة ترحم بمدينة نانتير أمام نصب تذكاري حيث تم وضع أكاليل من الزهور و قراءة الفاتحة على أرواح العديد من الجزائريين الذين قتلوا خلال القمع الدموي لمظاهرة ال17 أكتوبر 1961 أن ذاكرة الشعوب "لطالما تبقى حية رغم أنف معذيبها". وأضاف مخاطبا رئيس بلدية نانتري الإشتراكي السيد باتريك جاري بساحة حقوق الإنسان أمام محافظة الشرطة التي بنيت في مكان الحي القصديري "لافولي" (الجنون) الأكبر في فرنسا الذي كان يعج بالمهاجرين الجزائريين "نحن هنا من أجل تأدية واجب ذاكرة بفضلكم سيدي رئيس البلدية و رجال ذوي قناعة آخرين". وأردف أن "هذه الرسالة ستتوارث جيلا عن جيل و بين كل مسالم يكرس قيم عدالة و حرية الشعوب". و أكد أن "هذا المكان يحمل آثار صفحة قاتمة للعمل الإستعماري الذي يود أحيانا تبرأتها أو تمجيدها و أحيانا أخرى اخفاءها في متاهات الذاكرة و الأرشيف". وبدوره، أشار رئيس بلدية نانتير أن "التذكر اليوم يعني أيضا القيام بعمل ذاكرة و حقيقة" مؤكدا أنه إذا كانت هذه البلدية قد تولت مسؤولية وضع هذا النصب التذكاري في سنة 2003 فذلك لأن العديد من ضحايا جريمة الدولة هذه قدموا من هذه المدينة. و أضاف لقد آن الأوان "لتعترف الدولة الفرنسية رسميا بجريمتها و أن يتم الإفصاح عن العدد الحقيقي للقتلى خلال هذه التظاهرة و أن لا يشكل بعد اليوم موضوع أي جدال". و استطرد قائلا "نأمل جميعا أن تعترف أخيرا السلطات السامية للدولة بعد 50 سنة رسميا بمسؤوليتها في هذه المجازر من خلال عمل يلزم الجمهورية". و أكد أن "واجب الذاكرة و الحقيقة هام إلى درجة أنه سيتيح فرصة العيش سوية و سيشجع و يؤكد التضامن و الهوية المواطنة". وأعلن السيد جاري أن النقطة البارزة في إحياء بلديته للذكرى الخمسين لهذه المجازر في سنة 2011 سيكون إطلاق اسم "شارع 17 أكتوبر" الذي يشكل الحدث الأول من نوعه في فرنسا في إطار إحياء هذه الذكرى. للتذكير، فإن مدينة نانتير قد عرفت تواجدا كبيرا للجزائريين الذين قطنوا بها بعد انضمامهم بسرعة للنضالات النقابية و السياسية على غرار انشاء حزب الشعب الجزائري لمصالي الحاج في سنة 1937 بأحد مقاهي هذه المدينة. و كان السيد بن عطا الله قد التقى مع السيد جاري خلال جلسة عمل بحيث حيا كاتب الدولة الجزائري عقبها ب "درس الصداقة و الأخوة" الذي يتجلى من خلال تخليد ذاكرة هؤلاء الذين ضحوا بأنفسهم. و استطرد يقول "نحن الآن نمد الجسور لكي يتم تسليط الضوء على الحقيقة". وبعد ننتير توجه السيد بن عطا الله الى جسر كليشي حيث استقبل من قبل رئيس بلدية كليشي السيد جيل غاتوار الذي كان مرفوقا بمنتخبين محليين بحضور أعضاء الحركة الجمعوية حيث استمعوا الى النشيدين الوطنيين الجزائري و الفرنسي. و تم رمي عشرات الأزهار في نهر السين حيث ألقي بالعديد من الجزائريين بعد تعذيبهم من قبل شرطة موريس بابون. و في مداخلته ذكر كاتب الدولة بواجب إحياء الذاكرة بشأن هذه الأحداث المأسوية التي طالما تم التستر عليها. كما أعرب للجالية الوطنية باسم رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة عن "عبارات التعاطف و التضامن" بمناسبة هذا اليوم الأليم الذي يتم خلاله احياء ذكرى هذه الأحداث المأسوية. ومن جهته أشار السيد غاتوار الى أنه تم تطوير المبادلات بين الجماعات و كذا بين المنتخبين و الجمعيات الجزائرية و الفرنسية بحيث تكتسي هذه المبادلات "أهمية كبيرة" من اجل انشاء "جو تسوده الثقة بين البلدين". و قال السيد مانويل ألاملو مستشار بلدي مكلف بالنشاط الجمعوي و دور الأحياء و واجب احياء الذاكرة : "سوف نعمل على تعزيز التعاون بين فرنسا و الجزائر من اجل بناء مستقبل مشترك يقوم على هذا التاريخ المشترك بين بلدينا". و عقب مراسم احياء ذكرى مجازر17 أكتوبر 1961 التقى السيد بن عطا الله ودبلوماسيون جزائريون برئيس البلدية في مكتبه. كما التقى كاتب الدولة المكلف بالجالية الوطنية بالخارج بمقر المركز الثقافي الجزائري بأعضاء الفيديرالية السابقة لجبهة التحرير الوطني بفرنسا الذين أعربوا عن انشغالاتهم و دعوا الى "الاعتراف" بكل التضحيات التي قدمها المهاجرون خلال حرب التحرير الوطنية.