انتهى الاجتماع التشاوري حول كيفية مباشرة عمل الفيدرالية الوطنية للصحفيين الجزائريين على الاتفاقيات القطاعية والجماعية، مع الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، بانسداد على الأعصاب والتوتر··· هذا التوتر جاء بعد اتفاق كل الصحفيين في وسائل الإعلام الخاصة والعمومية على وجوب أن تخص الاتفاقيات القطاعية والجماعية المرتقبة فئتهم فقط، دون غيرها وفقا للقانون الخاص بالصحفي المصادق عليه حكوميا، كما هو معمول به في كامل العالم، وهو ما رفضه عبد المجيد سيدي السعيد حاليا، مقدما أولوية حمل الناشرين على التوقيع على اتفاقيات جماعية وقطاعية باستعمال فدرالية الصحفيين، مقابل أن تنال الأخيرة ''لاحقا''، ''مكافأتها'' باتفاقية سيتم التفكير فيها، تشمل كل الصحفيين والصحفيين فقط· في اجتماع كانت ''الجزائر نيوز'' حاضرة فيه، ظهر عبد المجيد سيدي السعيد أول أمس، أمام الأمانة الوطنية للفدرالية الوطنية للصحفيين الجزائريين، في ثوب المكلف بمهمة من قبل جهات حكومية أو غير حكومية في افتكاك التزام من الصحفيين المنخرطين في الفدرالية واستعمالهم لفرض اتفاقيات قطاعية ولاحقا اتفاقيات جماعية على مدراء الجرائد الخاصة، وهي اتفاقيات تخص الصحفيين فقط دون غيرهم من باقي عمال المؤسسات عكس ما هو موجود في المؤسسات الإعلامية العمومية· وتفاجأ سيدي السعيد بالإجماع الذي كان يسود الصحفيين، حيث أكدوا له رفضهم التام، في أن يتم التوصل إلى اتفاقيات قطاعية وجماعية في قطاع الإعلام غير فاصلة بين فئة الصحفيين وباقي العمال، إذ يتمثل الوضع حاليا في وجود فروع نقابية واتفاقيات في المؤسسات الإعلامية الثقيلة تشمل كل العمال بمن فيهم الصحفيون، لكن بالمقابل يوجد قانون خاص بالصحفيين يفرض التعامل مع هذه الفئة بمنأى عن باقي الشرائح العمالية التي تكمل قطاع الإعلام الخاص أو العمومي، حيث رأى واتفق الصحفيون على أن فرصة إعلان الحكومة عن تحيين الاتفاقيات في جميع القطاعات بما فيها الاعلام، فرصة تاريخية لترتيب البيت من جديد، لكن عبد المجيد سيدي سعيد رفض مطلب الصحفيين الذين سألوه حول جدوى وجود فدرالية خاصة بالصحفيين وقانونا خاصا بهم أيضا، بينما تشمل الاتفاقيات المقبلة كل الفئات العمالية في الاعلام· الاجابة كانت بسيطة ومستنتجة ضمنيا، بالنسبة لكافة الصحفيين الحاضرين، عندما قال سيدي السعيد في الاجتماع الذي حرص على ألا تخرج منه كلمة واحدة للنشر، بأن الأولوية الآن هي أن يتم ربح المعركة أمام الناشرين الخواص لافتكاك توقيعهم على الاتفاقيات كونها تاريخية، وبالتالي يتم تنظيم قانون عمل ومهنة الصحفيين في تلك المؤسسات، وإذا نجحنا في أن نفتك منهم سنتيما واحدا، فيعد ذلك إنجازا، ''لكن عندما طرح عليه سؤال حول إمكانية تعثرها، كشف عن وجود اتفاق مسبق بينه وبين وزير العمل الطيب لوح ليستصدر هذا الأخير تعليمة ملزمة عقب بلورة الاتفاقيات تجعل مدراء النشر مجبرين على التوقيع عليها وإلا وجدوا أنفسهم أمام دور العدالة· وماذا عن الصحفيين؟ بذلك تكون الفدرالية والصحفيون المنخرطون فيها مجرد وقود لحرب أو أداة استعملها سيدي السعيد والأشخاص الذين وراءه، لحرب هادفة إلى السيطرة على مدراء النشر، وبالتالي ضرب مدراء النشر بالصحفيين، الذين لا يستفيدون شيئا إلا من وعد من سيدي السعيد بالعمل لاحقا كما قال بصياغة اتفاقيات قطاعية تخص الصحفيين وحدهم وفقا للقانون الخاص بهم· وتبريره لذلك هو تخوفه من أن تقوم نقابات المؤسسات الإعلامية الثقيلة التي كانت موجودة حتى قبل إنشاء الفدرالية برفض الفصل بين باقي العمال والصحفيين، ولكنه في نفس الوقت الذي تؤخذ فيه إمكانية رفض هؤلاء للفصل، لا يؤخذ بعين الاعتبار رفض الصحفيين مبدأ عدم الفصل، وبالتالي المخيف في القضية، أن تُفوّت الفدرالية الفرصة على سيدي السعيد من أن يحقق إنجازا ''تاريخيا'' في قطاع الصحافة الخاصة وهي إخضاع مدراء النشر باتفاقيات اُستعمل فيها الصحفيون· والأدهى والأمّر من ذلك، فإن سيدي السعيد كشف نفسه في الاجتماع من حيث لا يدري بأن هذه الخريطة المهنية الجديدة في الصحافة الخاصة ليست من رغبته وحده فقط، بل رغبة جهات حكومية، إذ لم يعترض هذا الأخير تماما حول فتح فدرالية الصحفيين بابا للنقاش مع كتابة الدولة للاتصال في هذا الصدد، رغم أن الوصاية، يُفترض ألا يكون لها أي ناقة أو جمل في الموضوع، وكان حريا بسيدي السعيد أن يعترض من حيث المبدأ النقابي القائل بالاستقلالية في اتخاذ أي قرار مصيري يخص العمال، ما يُربك سيدي السعيد والأشخاص الذين يقفون وراءه، هو أنه في حالة فرض الصحفيين أنفسهم في الواقع وافتكوا اتفاقيات جماعية تخص فئتهم فحسب، كما فعلت الحكومة من قبل في خصّهم بقانون يُنظم مهنتهم، فإنه يحتمل أن يفقد بذلك الاتحاد العام للعمال الجزائريين وبنسبة كبيرة جدا السيطرة نقابيا على المؤسسات العمومية الإعلامية الثقيلة والخفيفة، لأن الاعتبار حسب دواليب الاتحاد لهذه المؤسسات يكون أكبر في إبقاء الصحفيين مدمجين ضمن باقي العمال في تلك المؤسسات، فكان بذلك طلب الصحفيين الذهاب في اتفاقية جماعية لاحقا وقطاعية آنيا خاصة بكافة الصحفيين سواء كانوا في العمومي أو الخاص، شوكة في حلق سيدي السعيد الذي أكد علانية في الاجتماع بأنه خاب أمله في الفيدرالية، وهي الفيدرالية نفسها التي انهالت عليها سواطير وسكاكين الزملاء لاتهامها بالعمالة لسيدي السعيد الموجود في نظر الساحة في موقف ضعف كبير أمام السلطات، وأنه لا يفعل إلا ما يؤمر به، لتبرهن الفيدرالية هذه المرة وبإجماع منخرطيها، على أن ثقة الصحفيين وآمالهم أولى من كل شيء·