شهد اليوم الثاني من المؤتمر التاسع للأفلان حدثين هامين، الأول الرسالة النارية لعبد الحميد مهري، الأمين العام الأسبق، كان أهم مطلب فيها تلميحه إلى فتح النقاش ''لتصفية الحسابات وتصفية السرائر السياسية''، والثاني هو تهميش الأمين العام المزكى وغير المنتخب، عبد العزيز بلخادم، لعبد الرزاق بوحارة من لجنة مرجعية نوفمبر التي أثارت جدلا واسعا وسط المناضلين قبل المؤتمر· الرسالة التي تم تداولها بشكل واسع في اليوم الثاني من المؤتمر بين الإعلاميين والمناضلين، خطّها عبد الحميد مهري، بوجهين، الأول يستسمح به الأمين العام بلخادم صاحب الدعوة، بكل لباقة ودبلوماسية عن عدم حضوره أشغال المؤتمر، والثاني يبعث به إشارات مشفرة يقول فيها إن الجبهة لم تعد فضاء للنقاش الحقيقي والفكري والتاريخي بين المناضلين، وعاد فيها حتى إلى ما سمي في عهده ''بالمؤامرة العلمية''· مهري ربط غيابه عن الأفلان بدعوة وجهت له مسبقا من طرف الجامعة الإسلامية لقسنطينة، وقال بأن ذلك يفوّت عليه فرصة الالتقاء بشخصيات اقتسمت معه النضال التاريخي في الجبهة وبشباب ''أرجو أن يكونوا خير خلف''، لكنه وصف السلف بالجيل الراحل، وهي إشارة ضمنية إلى أن مهري يطعن في الشخصيات التاريخية التي لا تزال تحكم مقاليد القيادة في الجبهة· ليس هذا فقط، بل بدأ مهري يتخلى عن أسلوب تبرير الغياب والتصعيد في اللهجة بقوله ''ما زلت أطمح في أن تُتاح الفرصة لجميع المناضلين للنقاش العميق وكنت سألغي كل مواعيدي وارتباطاتي لو كان مؤتمر جبهة التحرير الوطني يناقش التجارب التاريخية للحزب بعمق وصراحة منذ الاستقلال وبكل ما يتصل بنظام الحكم وتسيير الشؤون العامة''، وهذا أيضا سهم وجهه مهري لبلخادم، ليبرز أن نقاشات الأفلان ليست في مستوى التطلعات والرهانات والتحديات· وكشف الأمين العام الأسبق لجبهة التحرير أنه لا يزال مدينا لمناضلي الحزب بعرض شامل حول عهدته وما حدث له فيها بعد انتخابه في ظروف وصفها ببالغة الدقة والخطورة· وأضاف مهري بأن الشخصيات التي وجه لها بلخادم الدعوة قادرة على إثراء نقاش من ذاك النوع الذي ذكّره بتجاربهم وآرائهم· كما كشف صاحب الرسالة النارية أنه قطع عهدا لشرح كل ملابسات وظروف إبعاده عن المسؤولية من على رأس الجبهة خلال المؤتمر الذي كان من المزمع انعقاده بعد ذلك ''لكن كل المؤتمرات المبرمجة التي توالت جاءت دون السماح بالتعبير عن الرأي المخالف الذي يتناول القضايا الأساسية والجوهرية التي تكيف مسيرة البلاد وتحدد مصيرها''· واختتم مهري رسالته بسبب إدلائه بهذه النظرة والموجهة إلى بلخادم بقوله ''إنني أستشعر أن البعض يتساءل عن جدوى العودة إلى الماضي وعن الفائدة من اجتراره، غير أنني أعتقد أن العودة لهذا الماضي القريب، بعد فاصل زمني طويل، قد يتيح تناولا أكثر موضوعية للقضايا الأساسية التي ما زالت قائمة، وينير طريق الوصول إلى الحلول التي تتطلبها على ضوء الممارسات وأنماط السلوك التي أفرزتها السياسات المنتهجة''· دليلة بوعكاز أبرز المرشحات ولهذا بوتفليقة يفضل الرئاسة الشرفية من جهة أخرى، كان الحدث الثاني الأبرز هو إزاحة عبد الرزاق بوحارة عن لجنة بيان نوفمبر وإبقاء رئاسة غامضة، حيث لا ينفي بوحارة إقصاء بلخادم له في تصريحه ل ''الجزائر نيوز''، حيث قال ''أنتم رأيتم وسمعتم ولكم أن تعلقوا''، حيث احتشد بعد ذلك القرار العديد من المناضلين وطوقوا بوحارة خارج القاعة البيضاوية، ودعا بعضهم إلى توحيد مبادرة باسم المجاهدين والاحتجاج داخل القاعة ضد قرار بلخادم، لكن المبادرة لم تر طريقها إلى التجسيد· وفي خضم هذا الجدل كشف السعيد بوحجة من كونه مسؤول سابق لم يتحدد بعد مصيره في الحزب بموجب المؤتمر، يقول أن بلخادم لم يقصِ بوحارة ولم يوضح لمن تعود رئاسة اللجنة''· أما محمد عليوي الذي تردد بأنه هو من خلف بوحارة يقول في تصريح ل ''الجزائر نيوز''، ''أنا أول اسم على قائمة لجنة بيان نوفمبر وهي إلى حد الآن دون رئيس، لكنني لم أتلق أي إشارة رسمية من الأمين العام بلخادم لكي أكون على رأسها رسميا''، حدث هذا في وقت حددت فيه كامل أسماء رؤساء وأعضاء لجان المؤتمر التي شرعت في العمل· من جانب آخر، قالت مصادر أفلانية أن عبد العزيز بوتفليقة سيبقى رئيسا شرفيا لجبهة التحرير الوطني، وبنفس الصلاحيات التي كانت موجودة في القانون الأساسي، وذلك برغبة منه، حيث سيتم تزكيته وليس انتخابه، وفسرت المصادر هذا الوضع بالقول ''إن الرئيس بوتفليقة لا يمكن أن يكون رئيسا فعليا بنص القانون الأساسي حتى لا يتم حساب برنامجه على برنامج الأفلان، فعمله وبرنامجه السياسي والاقتصادي برنامج بوتفليقة وليس الحزب والجبهة تسانده فقط وتعمل على تنفيذه على الميدان من خلال وزرائها ومسؤوليها في الدولة''· أما عن أبرز النساء المرشحات ضمن قائمة قيادة المكتب السياسي التي سيكون عددها ما بين 11 أو 13 عضوا، هي دليلة بوعكاز التي تشغل منصب نائب رئيس المجلس الولائي بالعاصمة، وهو المنصب الذي رقيت إليه مؤخرا، حيث توجد في عطلة بدون أجر بوكالة الأنباء الجزائرية، وهي إشارة واضحة، يقول مناضلون، من أجل أن يتم تأهيلها إلى عمل حزبي في القيادة، وتقول بوعكاز التي توجد في أحسن رواق من منافستها صليحة جفال ''القرار يعود إلى الأمين العام وسأحترمه مهما كان نوعه''· بينما تبقى صليحة جفال ضئيلة الحظ مقارنة بدليلة بوعكاز لأن الثانية سبق لها وأن كانت ضمن القيادة في عهد بن فليس، بينما الأولى لم يسبق لها ذلك، كما أن دليلة بوعكاز لم يسبق لها وأن كانت ضمن أي استحقاق انتخابي مؤخرا للجبهة، ومع ذلك فهي بارزة النشاط بين نساء الأفلان حاليا، ومع ذلك تفيد المصادر أن حلولا أخرى وخيارات أخرى تبقى دوما متاحة·