''الرحلة التاعي تبدأ بنفس الشعور وبنفس الأحاسيس، عندي متعة كبيرة حين أتمدد على صفحات كتابتك الواسعة·· بأفكاري أصبح أمة، كما بأفكاري أصنع النجمة، سأخلد قلبي في أرض الوجود···''·· هي مقتطفات لمشاهد مختلفة لمسرحية ''الرحلة الثانية'' لتعاونية الكانكي بمستغانم، قدمت عرضها مساء أمس على ركح خشبة بلعباس· المسرحية كتب نصها وأخرجها جمال بن صابر، وتقمص دور البطولة فيها كل من الممثل هارون الكيلاني من فرقة مسرح الأغواط، إلى جانب سبات محمد، محمد عبد القادر والممثلة صارة زروقية· ''الرحلة الثانية'' تحكي سيرة ذاتية لكاتب روائي وعلاقته الوطيدة مع الكتابة، فهذا الأخير جعل من الكتابة المصدر الحقيقي في استمراره في الحياة، حيث لا يجد ضالته ومتعته إلا مع القلم من خلال نسجه خيوط الكتابة، فهذا الرجل أخذ من الكتابة عالمه الخاص ومتنفسه الوحيد في التعبير عن أفكاره وأحلامه وآهاته، وكان همّه الوحيد تغيير العالم من الفساد، وتحريره من عبودية الرجل القوي، غير أن ما يزيد من عُقد المسرحية أن الكاتب أصيب بنوبة نفسية بعد أن اكتشف أنه تعرّض للغدر والخيانة من قبل زوجته، الشخص الأقرب إليه، وبهذا اتخذ العرض بُعدا آخر من خلال طرح عدة مشاكل موجودة بعمق المجتمع· جمال بن صابر المخرج بعمله هذا جعل الجمهور يعيش في صمت طويل طيلة العرض، فالجمهور خلال ''الرحلة الثانية'' وجد نفسه داخل عالم متشتت الأفكار، الأمر الذي جعله ينسحب من القاعة منذ بداية العرض· أما بالنسبة للممثلين فكانوا يشكلون حلقات من الفراغ بين بعضهم البعض رغم احترافيتهم على الخشبة، غير أن هارون الكيلاني اعتبره المختصون الممثل الوحيد الذي حافظ على توازنه وأثبت حضوره· فيما يخص الديكور كان جميل جدا، وكل قطعة فيه توحي بدلالة وإيماء معين، فاللوحة المشكلة لبورتري شخصية مثقفة كانت توحي بمدى العظمة في تقليد رمز العطاء، المكتب كان يوحي بالعلاقة الحميمية والمتناسقة بين الكاتب وقلمه، وحتى لون الديكور الرمادي الممزوج بالأبيض كان يرمز إلى المستقبل والخوف من المجهول، كما أكده لنا أحد السينوغرافيين· أما الإضاءة فتميزت بالوضوح طيلة العرض، كان لها تعبير بسيط إلا في بعض المشاهد·