''مشوار ألف ميل يبدأ بخطوة''، هكذا يقول المسرحي الشاب أمين ميسوم البالغ من العمر 31 سنة الذي كانت خطواته الأولى خوض غمار التمثيل ثم الإخراج واقتحام مجال المنافسات في العديد من المهرجانات المسرحية المحلية، الوطنية والدولية غايتها التألّق والتعريف بالإبداع المسرحي الجزائري. وعلى الرغم من حداثة فرقته المسرحية التي أسسها في سنة ,2006 استطاع هذا الفنان الموهوب أن يشارك في أكثر من 20 تظاهرة وطنية ودولية بكل من روسيا، الهند، فرنسا، المغرب ولبنان وقام بخمسين جولة لعرض أعماله المسرحية داخل وخارج الوطن حسبما ذكره هذا المسرحي الذي يرأس أيضا الجمعية الثقافية إبداع الجزائر لوكالة الأنباء الجزائرية. وفي كلّ موعد للفن الرابع، كان أمين ميسوم وبمعية فرقته مبدعا ومتألقا فوق الخشبة، حيث تمكّن من إحراز 8 جوائز عالمية ووطنية في ظرف لا يتجاوز أربع سنوات كما يقول هذا الفنان الشاب. ويرى المسرحي الذي تغذى من مدرسة الهواة وانهال من معين أولئك العمالقة الذين يعتبرون بمثابة ''قناديل'' فوق الركح منهم عبد القادر علولة، سيراط بومدين، عز الدين مجوبي وصونيا وغيرهم من الأفذاذ الذي صنعوا مجد المسرح الجزائري، أن ''خطواته محسوبة خطوة بخطوة لشقّ الطريق أمام مشوار فني ينتظره ولن يكون ناجحا إلاّ بالجدّ والمثابرة والاحتكاك بالمسرحيين والبحث والدراسة والتمحيص والتمرس الطويل''. وكان نجاحه الأوّل عندما تحصّل على جائزة أحسن ممثل واعد في المهرجان الوطني للمنولوج و''وان مان شو'' المنظم بقسنطينة في سنة 1999 لما قدم منولوج ''الضحكة'' ولم يتجاوز عمره العشرين حولا، ونفس الجائزة حاز عليها في صائفة السنة الماضية بمناسبة المهرجان الوطني للمسرح المحترف الذي احتضنته العاصمة بفضل مونولوج ''لقاء مع ... وذلك بالتعاون مع مسرح ''العفسة' لتلمسان. وحتى لا يتحوّل اتّجاه خطوات النجاح إلى ألف ميل إلى الوراء، توجّه هذا المسرحي إلى صنع الحدث في الدورة ال41 لمهرجان المسرح الهاوي المنظم سنويا بمستغانم، حيث تحقّق حلمه الكبير عندما نالت فرقته ''إبداع الجزائر'' جائزة أحسن عرض مسرحي لمسرحيته التي تحمل عنوان ''الشعب فاق بالواجب'' المقتبسة عن الكاتب التركي عزيز ناسين، والتي تعتبر من باكورة إنتاج الفرقة المذكورة. ونظرا لحبه الكبير لمسرح الصغار الذي يسعى إلى تطويره لتربية البراعم وزرع روح الفن الرابع الذي ينمي مداركهم الفكرية فيهم، أنتجت جمعيته مسرحية ''علال وعثمان'' التي تناولت موضوع الميراث وحملت بين طياتها رسائل القيم الأخلاقية والشمائل الحميدة وانتصار الخير على الشر بعد صراع مرير. وقد سمح هذا العمل الذي مثّل فيه أمين ميسوم وأخرجه في ديكور يستقطب اهتمام الأطفال بتفجير جميع طاقاته الإبداعية، حيث تمكّن من حصد جائزة أحسن أداء فني في التظاهرة الدولية لمسرح الأطفال بالهند (2007). وبفضل العمل التعاوني بين مختلف أفراد الفرقة المسرحية في أجواء تسودها روح الألفة والعمل الجاد والتدريبات والقراءات المتواصلة، استطاعت هذه الفرقة أن تنتج مسرحية ''الآخر'' المقتبسة عن الروائي الفرنسي دونيس ديدرو، والتي توّجت بأحسن أداء رجالي بروسيا وجائزة أخرى كأحسن ممثل ومخرج بفاس (المغرب) وأحسن بحث مسرحي بلبنان وجائزة لجنة التحكيم بفرنسا في سنة .2008 ويقول الفنان ميسوم الذي يموّل إنتاجاته من إمكانياته الخاصة إن '' الإنتاج المسرحي ليس وليد اللحظة وإنّما هو بحث مضن ومتواصل لإخراج عرض يستسيغه الجمهور المتعطش للمتعة الفنية التي تصقل ذوقه''، معتبرا أن ''المسرحية والقصة أم وابنتها وهما لا ينفصلان وإن كان لكلّ واحد منهما خصائصه ومشخصاته ينفرد بها والذي يجمع بينهما الممثل والمخرج المسرحي والروائي''. ومن أجل تقديم عروض مسرحية في مستوى تطلّعات الجمهور، فإنّ هذا المسرحي يسعى دائما إلى البحث عن المواضيع التي تلبي رغبات الجمهور مهما اختلفت عقلياته واتجاهاته، وحتى تكون هذه الأعمال تعبّر عن روح العصر ونابعة من مجتمعنا وعاداتنا يقول أحد أساتذة قسم الفنون الدرامية بجامعة السانية (وهران)، وبالفعل نجد هذا الفنان يقحم مشاهد أكثر تعبيرا عن يوميات الفرد ليتفاعل معها حتى تحمل مسرحياته بعض ''الخرجات'' لم تكن موجودة على الورق ''إنّني لا أريد أن أقع في بحر التقليد الأعمى وإنّما أفضّل أن اقتحم رحاب الإبداع والابتكار مثلما تعلّمنا عن الأسلاف من خلال عروضهم المسرحية التي لا تزال محفورة في الذاكرة منها ''الأجواد'' يقول أمين ميسوم. ويواصل هذا الفنان رحلة الإنتاج، حيث أنتج مؤخرا ''سكاتشين'' الأوّل يحمل عنوان '' تأشيرة ... أكتب اسمك'' والثاني ''أبقى.. كأنك تموت كثيرا'' مكتوبة باللغة الفرنسية من إخراج أمين ميسوم وتأليف عبد الحفيظ بوعلام وقد تمّ عرضهما بفرنسا. وتنكب حاليا الجمعية للتحضير لإنتاج خمسة ''سكاتاشات'' ستكون جاهزة في سنة 2011 مع اعتماد التقنية المسرحية '' ستاند أب''، أي أن يقدم الممثل العرض وهو واقفا حسبما أشار إليه نفس الفنان. يذكر أن أمين ميسوم سيسجّل حضوره في اللقاءات الدولية ال19 للمسرح الجامعي بفرنسا من 29 مارس إلى 2 أفريل القادم، كما تمّت دعوته أيضا للمشاركة ضمن لجنة التحكيم لمهرجان المسرح الجامعي بالمغرب من 8 إلى 11 أفريل القادم.