البروفيسور لوث غوميث غارسيا المختصة في الدراسات العربية والإسلامية بالجامعة المستقلة بمدريد، نجحت في تأليف أول قاموس بالإسبانية يحمل عنوان ''الإسلام والإسلامية''، يتضمن شرحا لنحو 540 مصطلح ومفهوم للإسلام باللغة الإسبانية، وقد يسد هذا القاموس ثغرات عدة لكثير من رجال السياسة والإعلام الناطقين بالإسبانية حتى لا يفهموا وينقلوا الإسلام ومفاهيمه للشارع خطأً، ''الجزائر نيوز'' التقتها، وأجرت معها الحوار التالي· لماذا قاموس إسباني أول من نوعه يتضمن مصطلحات ومفاهيم حول الإسلام والإسلامية؟ القاموس أنجزته بشكل تقدمي من خلال فترة امتدت لمدة ثمانية أعوام، وقد حاولت أن أقدمه بشكل بسيط ومفهوم لعامة القراء الذين يعرفون القليل عن الإسلام كدين وحضارة، خاصة وأن المجتمع الإسباني من خلال الصحافة، قد أبدى اهتمامه منذ فترة ليست بالقصيرة بالإسلام على غرار العقود الماضية، وقد حاولت أن أعالج وأشرح مفاهيم ومصطلحات تخص الدين الإسلامي، وتتحدث عن النموذج المتبع في المناهج والمذاهب الإسلامية من خلال مفردات بسيطة تمكن القارىء المتحدث اللغة الإسبانية من فهم وإدراك معاني هذه المصطلحات سواء كانت متعلقة بالإسلام كدين أو سياسة وثقافة ومجتمع، ومن أجل أن نحاول وضع حد ولو بشكل بسيط ومتواضع للفهم الخاطىء والمغالط للقارىء الإسباني، خاصة فيما يتعلق بمفاهيم أساسية كالشريعة والعقيدة الإسلامية التي إن لم ننقل شرح مفاهيمها والمصطلحات التي توضحها، لا يمكن للناطق بالإسبانية أن يدرك معانيها· كيف جاءت فكرة الكتابة؟ اعتداءات 11 مارس بالعاصمة مدريد عام 2004 شكلت منطلقا قويا شدّ اهتمام وسائل ورجال السياسة في إسبانيا، من خلال تطرقهم للمفاهيم والمصطلحات الإسلامية، وهناك بدأت الفكرة تتقدم وتنمو بجدية من أجل إنجاز هذا القاموس من خلال جمع كل المصطلحات التي رأيتها تهم فضول الصحافة ورجال السياسة وتقرّب معنى فهم دين الإسلام· هل ترين أن وسائل الإعلام الإسبانية وبعض رجال السياسة أخلطوا بين الإسلام والإرهاب، ولم يفهموا معنى مصطلحات عديدة جاءت في دين الإسلام رغم وجود ترجمات متعددة؟ بالطبع، بعد الإعتداءات الإرهابية التي شهدتها مدريد يوم 11 مارس ,2004 كان هناك خلط رهيب خاصة على مستوى وسائل الإعلام التي لم تدرك مفهوم بعض المصطلحات، ولم تنجح في نقل مفهومها إلى المجتمع الإسباني بصورة سليمة، وقد لاحظت من خلال تصفحي والبحث المركز عبر الصحافة المكتوبة الإسبانية خاصة، أن الخلط لم يكن عن سوء نية، بقدر ما كان ناتجا عن عدم الفهم لهذه المصطلحات، كما أن الشارع الإسباني رغم اعتداءات 11 مارس لم يتعصب ولم يهاجم المسلمين كما فعلته مجتمعات دول أخرى، ولهذا فإن الشارع الإسباني وضع بقدر معقول الإرهاب على الجانب والإسلام والمسلمين على جانب آخر· القاموس لمن لم يتفحصه بعد يفسر ويشرح نحو 540 مصطلح إسلامي، ما هي المقاييس اللغوية والمرجعية التي انطلقتِ منها حتى يكون شرحك ملتزما وأمينا؟ حاولت أن أنطلق من خلال إنجاز مداخل مفهومة وواضحة لشرح المصطلحات التي تناولت تقديمها في هذا القاموس تقودنا إلى فهم الإسلام نحن الناطقون باللغة الإسبانية وفي دول أمريكا اللاتينية، ولم أركز على ربط الإسلام فقط باللغة العربية وتحويل هذه المصطلحات فقط من العربية إلى الإسبانية، لأن الإسلام دين عريق وحضارة منفتحة على جل اللغات والأديان، وهذا ما يثريه، لهذا فقد جاء القاموس ليتضمن شرحا لمفاهيم تخص تعريف الإسلام والأفكار التي حملها من خلال مذاهب معروفة، كما أنه يمثل طريقة عيش واندماج بشري ويعبر عن أسلوب تعامل راقٍ مع الحياة، وكل هذه المفاهيم مصدر غالبيتها اللغة العربية، لكن في الوقت ذاته هناك لغات أخرى أثرت التراث الإسلامي في مناطق متفرقة من العالم، والأمر لا يرتبط فقط بالمسلمين العرب، بل يمتد إلى الأكراد والفرس والأتراك، إلى غير ذلك من والأجناس التي اعتنقت الإسلام منذ قرون مضت، لذلك فإننا نجد في هذا القاموس مفاهيم عن الإسلام ثقافة وحضارة ومذاهب صدرت عن لغات أخرى غير العربية· كما أن هناك مصطلحات مصدرها إسباني، ولذلك فضّلت تركها كما هي دون البحث في تفاصيلها ومصدرها العربي تجنبا للخلط، وهناك مصطلحات تتضمن مفاهيم إسلامية جاءت في القاموس الملكي الأكاديمي ولا داعي أن نقلب في ترجمتها من العربية إلى الإسبانية، وعلى سبيل المثال كلمة ''أيونو'' التي تعني الصوم، إلا أنني فضلت تركها بالإسبانية وتفسير تاريخها ومرجعها لأن ''أيونو'' كلمة مفهومة لدى الإسبان· إذن نفهم أن نظرية الترجمة عندك تختلف، لتجنب خلط المفاهيم المعروفة لدى المجتمع الإسباني؟ بالطبع لا يمكن في نظري ترجمة كل ما يقع تحت أعيننا من العربية إلى الإسبانية، فعلى سبيل المثال لا يمكن ترجمة شريعة وتحويلها إلى الإسبانية مباشرة لأن مفهوم القانون يختلف عند الإسبان ولا يمكن ترجمة ذلك حرفيا، بقدر ما يمكن السعي إلى تفسير معنى الشريعة ومضمونها وما توحي إليه من أساس، كما أنني أدرك أنه في بعض الأحيان الترجمة الحرفية قد تسقط معنى ومفهوم المصطلح أو الفكرة، وتبعد القارىء عن مضمون هذا المصطلح، ولذلك يحدث الخلط في مرات عديدة· هل استشرت أهل العلم ومفسرين ومترجمين عرب ومسلمين في إطار التقرب واستيعاب بعض المفاهيم والمصطلحات التي تناولها القاموس؟ القاموس يرتكز على أحكام ومقاييس معروفة الشكل والمحتوى، وقد استشرت مختصين في اللغات على مستوى الجامعة الإسبانية والمصرية إلى جانب اعتمادي على مراجع متفرقة ومتعددة المصدر، وكان أهم من قدم لي الدعم والمساعدة الدكتور الليبي المعروف في إسبانيا ''حلت عراف الزوام'' الذي يعود إليه الفضل في استيعابي لمصطلحات عديدة· هل وُجهت إليك انتقادات بخصوص شرحك لبعض المفردات والمفاهيم الإسلامية؟ بالعكس، لقد حظي عملي بإعجاب وتشجيع المجتمع الإسلامي في إسبانيا وفي مناطق متفرقة، وعبر لي أعضاء الجمعيات والمنظمات الإسلامية في إسبانيا عن إعجابهم بالقاموس، كما قاموا في الوقت ذاته بانتقادي سلبيا وإيجابيا، هذا ما شجعني كثيرا· من جانب آخر، واجهت إنتقادات قوية من قبل بعد المتعصبين الإسبان الذين وصفوني بالإرهابية والجهادية والإسلاموية، ولم أفهم إطلاقا لماذا تصرفوا هكذا· هل تعتقدين بأن هذا القاموس سيكون مرجعا لرجال السياسة والإعلام الناطقين باللغة الإسبانية؟ أعتقد بأن من يقرأ القاموس لديه اهتمام بمعرفة الإسلام دينا وسياسة وحضارة، كما أنه موجه لعامة الناس لمن لديهم كذلك معرفة سطحية للإسلام سواء كانوا مختصين أم متطلعين، ولذلك لم أوجهه بصفة خاصة للمسلمين، وقد يكون أداة في يد رجال السياسة والثقافة، كما أن أهل الإعلام قد يجدون فيه مرجعا لفهم بعض المصطلحات التي لم يدركوها بعد· وأعتقد أن الحكومة الإسبانية لها اهتمام واسع ببعث منابع الحوار مع الحضارة الإسلامية التي تعتبر جزءا من التراث الإسباني، والدليل على ذلك أنني تلقيت دعما من قبل وزارة الثقافة الإسبانية من أجل طبع وتوزيع القاموس على مستوى عدد كبير من المكتبات العمومية· هل فكرتِ في بثه عبر الأنترنت كأول قاموس عن الإسلام بالإسبانية في طبعة إلكترونية؟ في الوقت الراهن لا يمكنني أن أتحكم في الأمر الذي يخص دار النشر، غير أنني أتمنى إنجاز طبعة إلكترونية يستفيد منها الجميع، ومشروعي هو إنجاز قاموس مفتوح باللغة الإسبانية يخص الإسلام عبر شبكة الأنترنت·