دعا وزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بلخادم الدول العربية إلى ضرورة الإسراع لتأسيس مجلس أعلى للغة العربية يعمل تحت مظلة الأمانة العامة لجامعة الدول العربية و يسهر على النهوض باللغة العربية. وأضاف السيد بلخادم خلال إشرافه على إفتتاح أشغال الندوة الدولية حول تحديث العربية ومستقبلها في سوق لغات العالم" التي بادر بها المجلس الأعلى للغة العربية أنه لا بد على الحكومات والمؤسسات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني الإسراع لتأسيس مجلس أعلى للغة العربية يسهر على وضع خطط عمل موحدة تسمح بإتخاذ تدابير تشريعية وتنظيمية تحمي اللغة العربية وتفرض إستخدامها في كافة مجالات التواصل. كما دعا السيد بلخادم إلى ضرورة تشجيع ترجمة العلوم إلى اللغة العربية مع توحيد المصطلحات بين جميع الدول العربية وكذا مطالبة الفضائيات العربية بعرض برامجها بلغة عربية فصيحة وميسرة . وحسب الوزير فإن الإهتمام بالعربية التي يصفها البعض من أبنائها ب"العقم والتخلف وبأنها غير منسجمة مع العصر يستدعي كما اوضح تبني سياسة لغوية تناسب التعليم في الجامعات مع تقديم المزيد من الدعم المادي للمؤسسات العربية المتخصصة في تطويرها. ولابد على الدول العربية أيضا أن تعمل على التعريف بروائع الأدب والفكر وتوفيرهذه الكتب بأسعار زهيدة وبثها عبر وسائل الإتصال الحديثة لتكون في متناول الجميع يضيف السيد بلخادم. وأكد ذات المسؤول أن التاريخ لم يشهد إطلاقا تقدم أمة من الأمم بدون تقدم لغتها، مبرزا أن اللغة هي مظهرا من مظاهر السيادة والإعتزاز لأي دولة و لا بد كما قال من التحصن بها . وذكر من جهته كاتب الدولة لدى الوزير الأول المكلف بالاتصال السيد عز الدين ميهوبي خلال مداخلته أن اللغة العربية بحاجة إلى عمل علمي يخضع للمناهج الكفيلة بحمايتها وتطويرها وتكييفها مع المستجدات التي يفرضها واقع العالم اليوم . ولن يتأتي ذلك كما أوضح إلا من خلال إعادة النظر في مناهج التعليم التي تتجاوب والأساليب التقليدية غير المتناسبة مع التحولات التي تشهدها المنظومة المعرفية في العالم إضافة إلى تبسيط قواعد اللغة العربية وتجاوز تعقيداتها. كما حث السيد ميهوبي على ضرورة تطوير الخط العربي سيما وأن الشركات المعلوماتية في العالم تضعه في المركز الثاني من حيث الإستخدام هذا إلى جانب الإستفادة من التهافت الذي يشهده العالم في مجال الإقبال على تعلم اللغة العربية بعد أحداث 11 سبتمبر بهدف معرفة الدين الإسلامي. وأبرز السيد ميهوبي أن المجتمع العربي دخل في حالة من الإنكماش المعرفي بعد سقوط عواصم الثقافة والإبداع من فاس وتلمسان والقيروان مما تسبب في تآكل جسم الأمة سياسيا وذوبان هويتها حضاريا، مما أثر على إنكماش قاموس العربية من 12 مليون كلمة إلى 12 ألف كلمة . وذكر أن خبراء اللغة وهم يتعاملون مع حركة لغات العالم وصلوا إلى فرضية تتحدث عن موت كل اللغات ليكتفي العالم بأربع لغات لا غير، هي الإنجليزية الأمريكية باعتبارها لغة العلم والتكنولوجيا والإعلام والعلاقات الدولية والإسبانية لاستعمالها في أربع قارات من العالم والصينية التي يتخاطب بها سدس سكان العالم وأخيرا العربية لكونها لغة القرآن عند المسلمين. وتحسر بدوره وزير الشؤون الدينية والأوقاف السيد بوعبد الله غلام الله في مداخلته عن الوضعية التي آلت إليها العربية والتي أضحت كما ذكر "تهاجم" في عقر دارها من طرف أبنائها الذين يعزفون عنها . وأضاف ''إننا نشعر بالقصور أمام الزخم القوي من المعلومات التي تصب علينا من كل حدب وصوب ولا نجد الطاقة الفكرية الضرورية لاستقبالها والاستفادة منها، ولعل أول مقصر حسب الوزير هي الجامعة التي تعد القاطرة التي تقود الأجيال إلى آفاق التطور. وأبرز في هذا المضمار أن تحديث اللغة العربية والدخول بها إلى العالمية في الوقت الحاضر "أمر غير متوقع" حسبه إذ أن الجامعات في الدول العربية لم تؤدي كما أضاف مهامها لتأهيل الشباب للنهوض بلغة القرآن. ودعا من جهته رئيس المجلس الأعلى للغة العربية السيد محمد العربي ولد خليفة إلى ميلاد منظمة عالمية للناطقين باللغة العربية تتبناها جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وهيئتيها المختصين في التربية والثقافة والعلوم. ويذكر أنه سيتم في هذه الندوة التي تنظم على مدار يومين تشكيل ورشتين علميتين تعكفان على دراسة محورين هامين هما تحديث العربية وإسهامها في المجالين العلمي والتكنولوجي وكذا مستقبل العربية في سوق اللغات.