أبهر المسرح الجهوي لمدينة بجاية، أول أمس، الجمهور الحاضر في المسرح الوطني الجزائري في افتتاح برنامج البطاقة البيضاء الخاصة به على ركح بشطارزي، حيث قُدم على هذا الأخير عرض ''اورجاغ موثاغ'' الناطق باللغة الأمازيغية، والذي كان محترفا من كل الجوانب· اُقتبس نص مسرحية ''اورجاغ موثاغ'' من طرف سامي علام من نص مسرحية تحمل نفس الاسم لعملاق المسرح الأمازيغي محند أويحيى قُدمت سنوات الثمانينيات· قدم العرض على شكل مونولوغ من طرف سامي علام مرفقا بالفنان الموهوب عيد ابرانيس على آلة القيثارة، الأرمونيكا ومجموعة أخرى من الآلات الموسيقية التي يعزف عليها، والتي تفاعلت مع مجريات العرض الذي يبدأ بنقطتي ضوء تبين العازف بموسيقى حزينة، والممثل وهو يرى كوابيس في مقعده في العمل الذي نام عليه، من هنا يبدأ العرض، حيث يحكي لنا الممثل في قصة درامية وتراجيدية مع بعض مواقف كوميدية قصة الكابوس الذي عاشه، بعد أن قتل وسحق بسيارة على الطريق السريع· ''الموت'' الذي ينظر إليه الكل على أنه نهاية الإحساس والشعور بكل ما يدور حولنا، يحكي موحيا في نصه عكس ذلك ويجسده سامي علام على الركح بطريقة جميلة، يروى ذلك الرجل كل ما رآه وهو ميت، هذا الرجل الذي لم يكن أحد يهتم به في حياته، أصبح محل اهتمام الكل بعد أن مات، بداية من تلك النقطة التي مات فيها والتي اكتظت بالفضوليين لمعرفة سبب موته، رجال الشرطة أيضا وصلوا إلى تلك النقطة في لمح البصر، بعد أن ظلم كثيرا في حياته ولم يتدخل أحد منهم لنجدته، حتى بعد دخوله إلى قبره كان للنمل والديدان حقهم من جسده، في هذه الفترة، ويرى في مخيلته ملخصا لكل ما عاشه في حياة الطفولة البسيطة والسعيدة، المشاكسات، حبه لمن ترفضه ورفضه لمن تحبه في المراهقة، كما تطرق إلى بعض المحرمات التي مارسها بعد أن تغرب لبعض الوقت في أحد البلدان الأوروبية· لقد تمازج في النص وبطريقة مميزة ثلاث ركائز للعمل المسرحي، فإن كان النص الراقي لمحند أويحيى أعطى فرصة للجمهور للتفكير والتخمين، فقد كان أداء الممثل جميلا جدا وأبهج الأنظار، خاصة مع العمل المتقن من ناحية السينوغرافيا التي أنجزها عبد المالك يحيى والتي جاءت فيه كل المشاهد وراء الممثل على شكل كتاب، يكفي للممثل أن يقلب صفحة منه للانتقال إلى المشهد الموالي، بالإضافة إلى العمل الإخراجي الراقي لحسيبة دحمون علام، كما شارك الفنان بلعيد ابرانيس كثيرا في إنجاح العرض من خلال عزفه على عدد كبير من الآلات الموسيقية لتتماشى مع الحالة الشعورية للممثل·