فقد، اتفاق الشراكة مع الإتحاد الأوروبي أو ما يعرف منطقة الأورو، الكثير من بريقه الذي حاول البعض من المسؤولين الجزائريين والأوربيين إبرازه قبل التوقيع على الاتفاق ودخوله حيز التنفيذ في سبتمبر 2005 ·· وقد ظهرت النتائج بعد خمس سنوات من العمل في إطار الاتفاق سلبية، بل أضحت تهدد الاقتصاد الجزائري بشكل جدي· فما كان مخططا له من تنمية التعاون الاقتصادي وفتح الأسواق أمام السلع من خلال تفكيك الحواجز الجمركية، عمل على تفكيك البنى الاقتصادية بالجزائر ·· مقابل إنعاش الآلة الإنتاجية في الجهة المقابلة من المتوسط· ورغم أن السلطات الجزائرية تأخرت إلى حد ما في الاعتراف بالضرر الجسيم الذي لحق بالاقتصاد إلا أن التصريح بحجم الخسائر التي ألحقها تفكيك الحواجز الجمركية يعتبر في حد ذاته ليس اعترافا فحسب، بل إدانة للإتفاق في انتظار رد الفعل، فخسارة 2,2 مليار دولار يعني ضياع الآلاف من مناصب الشغل في الجزائر جراء عجز بعض الصناعات الوطنية على مقاومة السلع الأوروبيبة المعروفة بالنوعية والتنافسية، بالإضافة إلى سمعتها وقبولها لدى المستهلك الجزائري· ترجيح الكفة لصالح الأوروبيين ربما له من الدلالات الموضوعية والعبر التي يجب على الرسميين التمعن فيها ·· فالإشكال المطروح، اليوم، يكمن في كيفية صياغة تصور لأهم النقاط الواجب مراجعتها في نص الاتفاق، ثم التفكير في كيفية جعل السلبيات المسجلة وترجمتها إلى نقاط تلعب لصالح المنتوج الجزائري، بالعمل على حمل الشريك الأوروبي على رفع المعوقات، بل والتراجع عن الإجراءات الحمائية التي تفرضها على السلع الجزائرية حتى ولو كان ذلك غير معلن لأن الظاهر هو التزام الدول الأوروبية بنص الاتفاق، لكن عراقيل كثيرة تقف في وجه المنتوج الجزائري· مشكل مراجعة مضمون اتفاق الشراكة يجب ألا يكون هدفا أو غاية في حد ذاته، بل على المسؤولين الجزائريين التفكير في كيفية اغتنام فرصة قبول الشريك الأوروبي هذا إذا حصل فعلا قبول للمراجعة للتفاوض حول جوانب أخرى تخص الشراكة خارج الجانب التجاري الذي وإن كان مفيدا للطرف الأوروبي إلا أنه كارثي على الجانب الجزائري· سنتين فقط تفصلنا عن ثاني إجراء يخص تفكيك الحواجز الجمركية في ,2012 وهي المحطة ما قبل الأخيرة لتفكيك شامل للحواجز الجمركية في ,2017 وعلى الجزائر أن تجند كل إمكاناتها كي تكون جاهزة لمواجهة إجراء قد يأتي على الأخضر واليابس كون التفكيك الشامل للحواجز الجمركية معناه فتح الأسواق الجزائرية أمام تدفق حر للسلع الأوروبية، ومعناه أيضا تحويل الجزائر إلى مجرد سوق استهلاكية للآلة الإنتاجية الأوربية ··