دعا مسؤولون جزائريون مكلفون بمتابعة تنفيذ اتفاق الشراكة الموقع مع الاتحاد الاوروبي أمس إلى رفع العقبات التي حالت دون اقتحام المتعاملين الجزائريين للسوق الأوروبية، وأبدوا من جهة أخرى أسفهم لضعف الاستثمارات الأوروبية المباشرة رغم ما توفره السوق الجزائرية من امتيازات. وقال السيد شريف زعاف مدير التجارة الخارجية بوزارة التجارة أمس بإقامة الميثاق خلال إعطاء إشارة انطلاق تنفيذ برنامج المساعدة للشراكة مع الاتحاد المعروف باسم "بي 3 ا" أن اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي وإن كان إيجابيا بالنسبة للجزائر إلا أنه اعترته اختلالات كثيرة، حيث يواجه المتعامل الجزائري اليوم العديد من المعوقات التي حالت دون تمكنه من اقتحام السوق الأوروبية، ولا حظ في هذا السياق ضعف الاستثمارات الأوروبية المباشرة في الجزائر رغم الإطار التشريعي والتحفيزات التي توفرها السوق الوطنية. وذكر بأن اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي يشكل حلقة مهمة في تطوير المنظومة الاقتصادية الجزائرية، وأشار إلى وجود تنسيق بين جميع الهيئات الوطنية المكلفة بتطبيق الاتفاقية. وقدم السيد زعاف أرقاما تشير الى اختلال الميزان التجاري بين الجانبين وذلك لصالح الطرف الاوروبي وأكد أن الواردات الجزائرية من منطقة الاتحاد تمثل حصة الأسد ب55 بالمئة، حيث ارتفعت قيمتها من 11.2 مليار دولار سنة 2005 إلى 20.8 مليار دولار السنة الماضية أي بارتفاع قدر بأكثر من 86 بالمائة، وأشار إلى أن صادرات الجزائر نحو الاتحاد الأوروبي وإن شهدت ارتفاعا بانتقالها من 552 مليون دولار سنة 2005 إلى 1.2 مليار دولار العام الماضي إلا أن ذلك لا يعكس رغبة الجزائر في تنويع صادراتها اذ تبقى مشتقات البترول أهم سلعة تصدر الى أوروبا. كما أن الجزائر لم تستفد إلى حد الآن من حصصها من المواد الغذائية والفلاحية التي يمكن أن تصدرها والمقدرة ب41 نوعا حيث لم تشرع في تصدير سوى 6 أنواع، منها البطاطس والكسكسي، وأرجع هذا الواقع إلى الصعوبات التي تعترض المصدرين الجزائريين، ومن بين النقائص التي أشار إليها السيد شريف زعاف أيضا، غياب نظام تعاون بين المؤسسات الصغيرة الجزائرية والأوروبية، وشدد في هذا السياق على ضرورة إجراء تقييم شامل لاتفاق الشراكة منذ دخوله حيز التنفيذ في 1 سبتمبر 2005، مؤكدا أن الجزائر قررت بما لا يدع مجالا للشك بالسير في اتجاه تحرير السوق وعليه تنتظر من الاتحاد الأوروبي أن يساهم في إنجاح هذا الانتقال. وذهب مدير التعاون مع الاتحاد الأوروبي بوزارة الشؤون الخارجية السيد توفيق زلماطي في نفس الاتجاه فبعد أن عبر عن ارتياح الجزائر للنتائج المحققة بعد أربع سنوات من دخول الاتفاق حيز التنفيذ "رغم بعض التنبوءات المتشائمة" حول النتائج كما قال، إلا أنه ركز أمام المسؤولين الأوروبيين على المشاكل التي تعترض المتعاملين الجزائريين في اقتحام السوق الأوروبية، وأعاب على الطرف الأوروبي عدم اختيار السوق الجزائرية لإقامة مشاريع استثمارية رغم ما توفره من امتيازات وتحفيزات، معتبرا أن هذا الجانب يمثل أولوية بالنسبة للحكومة الجزائرية. ولدى تطرقه إلى برنامج المساعدة لتنفيذ اتفاق الشراكة أكد على ضرورة أن يقوم الفريق المكلف بتنفيذه بتوفير جميع الظروف لإنجاح المشاريع المسجلة في هذا البرنامج. وأمام هذا الوضع الذي أثاره المسؤلان الجزائريان المكلفان بمتابعة تنفيذ اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي جددت السيدة لورا باييزا ممثلة المفوضية الأوروبية بالجزائر استعداد الاتحاد لمواصلة جهود مرافقة الجزائر في تنفيذ برنامج عصرنة منظومتها الاقتصادية، وتمكينها من اقتحام السوق الأوروبية، وأوضحت أن الجانب الاوروبي مستعد لنقل التكنولوجيا نحو الجزائر والمساهمة في عصرنة نشاط مؤسساتها. وأرجعت عدم تمكن المتعاملين الجزائريين من التواجد بقوة في السوق الأوروبية خاصة المختصين في الصناعات الغذائية إلى عدم مواكبتهم للمقاييس الأوروبية المعتمدة في مثل هذه الصناعات والتي تعرف تشديدا من سنة لأخرى. وخلال لقاء صحفي نشطه المسؤولون الجزائريون والأوربيون على هامش الملتقى، أشارت السيدة باييزا أن الجانبين الجزائري والأوروبي لم يصلا بعد إلى مستوى "سياسة حسن الجوار" بل أنهما يعملان فقط في سياق تنفيذ بنود اتفاق الشراكة الذي يعد مرحلة يتعين المرور عبرها قبل إقامة ما يعرف بسياسة حسن الجوار. وحول ضعف الحصص المالية الموجهة للجزائر في إطار مختلف البرامج أوضحت المتحدثة أن كل البرامج المسطرة منذ أربع سنوات تم تنفيذها رغم أن ذلك تم ببطء، ودعت الى استغلال الفرصة لتنفيذ البرامج المسطرة والالتزام بالشروط الجديدة التي وضعتها الدول الأعضاء في الاتحاد ومنها التقيد بفترة الثلاث سنوات لتنفيذ البرامج. وعن ضعف التمويل أكدت أن الاتحاد يخصص ميزانية بناء على طلب من الدولة المستفيدة. ويذكر أن ملتقى نهار أمس خصص لإعطاء إشارة الانطلاق الرسمي لتنفيذ برنامج المساعدة للشراكة مع الاتحاد الاوروبي، المقدرة تكلفته ب10 ملايين أورو والموجه للقيام ب30 عملية مرافقة تقنية للمؤسسات العمومية الجزائرية، وخمس عمليات توأمة بين هيئات إدارية جزائرية أوروبية. وقال مسؤولون جزائريون يمثلون وزارة التجارة والخارجية وممثلون عن اللجنة الأوروبية بإقامة الميثاق أن هذا البرنامج يهدف إلى "تقريب الإطار التشريعي والتنظيمي الجزائري من إطار الاتحاد الأوروبي وتعزيز الشراكة بين الهيئات الجزائرية والأوروبية وقدرات الإدارات الجزائرية".