بالنسبة لأبرز مدراء النشر، فإن حرية التعبير ولو بنسبية، قطعت الجزائر فيها أشواطا عديدة، ولم يعد الحديث عنها أهم من الحديث عن إعلام محترف ومسؤول، ''الجزائر نيوز'' رصدت آراء عدد من الناشرين حول ما إذا كانت حرية التعبير في الجزائر موجودة بشكل يكفي بأن نسميها كذلك، وأيهما أولى لتحقيقه، الحرية ثم الاحترافية أم الاثنين معا؟ حدة حزام مديرة يومية ''الفجر'': سقف الحرية موجود لكن سقف المهنية منه ما هو مفقود الأسرة الإعلامية في ممارستها المهنية تتمتع بسقف من الحرية، لكن مقارنة بالسنوات الماضية، هناك ما يجعلنا نقول بأن الساحة شهدت تراجعا أيضا لحرية التعبير، فلا نحن يمكننا نفي الحرية تماما ولا نحن باستطاعتنا التعبير عن تجليها في الميدان بشكل مطلق· أما بالنسبة للاحترافية في هذا النطاق، هناك كثير من الصحف المكتوبة تفتقد للمهنية والاحترافية، كما زاد الطين بلة انعدام تأطير الصحفيين ثم أن الخطوط الافتتاحية لكثير من الجرائد غير واضحة المعالم وتفتقر للأهداف والمبتغيات، وهذا كله يسجل على عاتق المهنة· فالأولوية اليوم هي التكوين للارتقاء بالإعلام وتحقيق الأهم وهو المهنية والاحترافية· نعمة عباس مديرة يومية ''اوريزون'': هل إشاعة الكذب حرية تعبير وأجر الصحفي يساعد على الحرية؟ يجب أن نحدد معنى حرية التعبير في اعتقادي قبل الخوض في التأكد من وجودها في الواقع أم لا·· فهل الكذب مثلا في الاعلام يعتبر حرية للتعبير؟ وبالمقابل هل الأجور الزهيدة التي يتلقاها الصحفيون تعكس وجودا لحرية التعبير، ثم هل بإمكاننا الحديث عن حرية تعبير من دون وجود مدونة لأخلاقيات المهنة·· أظن كل ذلك عناصر هامة في النقاش الذي ينبغي أن يضفى على الساحة الاعلامية للوقوف على المستوى الحقيقي لكل من المهنية وحرية التعبير في الجزائر بالنسبة لقطاع الاعلام· بشير شريف مدير يومية ''لاتريبين'': هناك صحافة تلعب دور المعارضة دون علمها بأن ذلك ليس مهمتها ليس هناك من ينفي في الجزائر انعدام حرية التعبير، وليس هناك من ينفي عن القطاع قضية التطور، لكن التطور إلى أي مستوى وإلى أين؟ هنا تقع المشكلة التي يجب على الصحفيين أن يناقشوا مستقبلهم فيها· يجب أن نناقش الصحافة كمهنة نبيلة وأخلاقيات والتوفيق بين عمل الصحافة المكتوبة كمؤسسات اقتصادية تجارية لها علاقة مع الإدارة من حيث التزامها بتسديد ما عليها من حقوق، وبين علاقة تلك المؤسسات بالسلطة السياسية· لا يجب الخلط بين أمرين في الإعلام وللأسف، ذلك الخلط هو موجود، فهناك عناوين تلعب دور المعارضة وأرادت أن تستولي على السلطة بدل أن تترك هذه المهمة للأحزاب السياسية، وقد لاحظنا ذلك في الانتخابات الرئاسية الماضية، يجب أن تسقط الأقنعة ويجب أن نفهم بأنه يستحيل أن تملك الصحافة السلطة السياسية لإدارة شؤون العامة· هذه الدراما الأولى، أما الدراما الثانية هل يملك الصحفيون في الجزائر مقرا يتشاورون فيه أو يستقبلون فيه الضيوف من الخارج أو يطالعون فيه أو يحاضرون فيه كذلك أو يناقشون من خلاله مستقبلهم ويعد رمزا وطنيا كما هو الشأن للقضاة مثلا·· لا يوجد للأسف فالمعركة حاليا هي معركة وجود من خلال تحقيق مهنية أكبر، فحرية التعبير نحن نلمسها· إيدير بن يونس مدير يومية ''لاديباش دو كابيلي'': خضنا معركة حرية التعبير ونسينا الاحترافية والمهنية بطبيعة الحال حرية التعبير تم افتكاكها بالنسبة للصحفيين الجزائريين، وما تم تحقيقه خلال التعددية يعتبر من أهم الإقلاعات التي عرفها القطاع في الجزائر المستقلة· والطفرة الكبيرة أيضا بنفس المناسبة هي أن الاعلام المستقل أو الخاص كان وسيلة أو أداة لخدمة السلطات، لكن هذا المفهوم لم يعد قائما· في اعتقادي أن مسألة حرية التعبير في حد ذاتها قابلة للمناقشة من حيث حدودها ومبادئها المهنية، وهذا النقاش ربما هو الأخير الذي يخص الشق المتعلق بحرية التعبير، حيث لم يبق الكثير بالنسبة لنا كإعلاميين لتحقيقه على هذا النطاق، لكن بالنسبة للاحترافية والمهنية لا يزال الطريق طويلا وشاقا وهذا هو الرهان الأكبر للخروج بالمهنة مما تتخبط فيه من إشكالات لها علاقة مباشرة بالمهنية، فكان ينبغي أن نخوض معركة حرية التعبير بالموازاة مع الاحترافية، فخضنا الاولى ونسينا الثانية وها نحن أمام الأمر الواقع· نذير بولقرون مدير يومية ''صوت الأحرار'': الحرية اكتسبناها ولم تمن السلطة بها علينا نعم، استطاع الصحفيون أن يكتسبوا هامشا معتبرا من حرية التعبير بفعل نضالاتهم وتضحياتهم· وهذا الهامش تم انتزاعه نزعا ولم يمن به علينا أحد بما فيه السلطة· وإذا كانت هناك اليوم في الجزائر نظرتان حول حرية التعبير، الأولى تقول بتحقيق الحرية والثانية بأن الهامش تراجع وتقلص، فينبغي أن نعدل بين البينين لنعطي النظرة الوسطية المعتدلة لنقول هناك هامش لا بأس به من الحرية، وينبغي مواصلة العمل والمجهودات لافتكاك ما تبقى من هامش الحرية، وعندما نقول ذلك لا يعني الحرية التي تخلق الفوضى في الممارسة الإعلامية، بل المعركة اليوم هي الحرية عن طريق الاحترافية والمهنية، وهنا نؤكد على ضرورة وجود مدونة لأخلاقيات المهنة ومجلس أعلى لتنظيم القطاع ككل· زكريا شعبان المدير السابق للقناة التلفزيونية الثالثة: الأجانب اطلعوا على هامش الحرية في الجزائر، لكن الفوضى هي العار المعروف والملموس أن حرية التعبير لها متسع من الهامش في الجزائر وخاصة في الصحافة المكتوبة، وهذا ليس انطباعا إعلامي جزائريا فحسب، بل انطباع العديد من الصحفيين والكتاب والإعلاميين الأجانب الذين زاروا بلدنا مؤخرا، بل واندهشوا لدرجة ومستوى الحرية المكتسبة منذ التعددية الإعلامية، لكن ما ينقص هو تلك الروح المسؤولة على العمل الإعلامي وتلك الفوضى العارمة التي يتخبط فيها القطاع والتي يجب إزالتها· الضروري اليوم بالنسبة للاعلام في الجزائر هو إظهار واضح للحقوق والواجبات بين المؤسسات المستخدمة والصحفيين، ويجب كذلك الاحتراف، ولماذا مثلا يبقى المرسوم التنفيذي الذي تم صياغة محتواه في 2008 بعيدا عن التجسيد في الواقع، رغم أنه يعطي للإعلام وللإعلامي هوية حقيقية· بن عمار بوخالفة مدير يومية ''الجمهورية'': الحرية·· نعم أما التعبير فلا يزال فاقدا للاحترافية حققنا الحرية، لكن التعبير لا يزال خاضعا لمعيار الاحترافية والمهنية غير المكتملين، وأمامنا الكثير للعمل عليه لأن الاحترافية هي التي تضمن حرية التعبير وعندما يعمل الصحفيون بمهنية، تأتي المصداقية، وبالمصداقية نحترم القارئ وعندما لا نكذب على القراء نكون قد أدينا الأمانة وأوصلنا الرسالة، وبكل ذلك نحن نبني مجتمعا صادقا وعلى أسس متينة، وأما إذا كان العكس، فالنتيجة معروفة سلفا·