تتحدث الفنانة والرسامة التشكيلية، رشيدة عجال، في حوار مع ''الجزائر نيوز'' عن وضعية الفنان التشكيلي في الجزائر، الذي لا يزال يعاني التهميش، وأعطت مثالا على نفسها التي لم تسو وضعيتها في الديوان الوطني لحقوق التأليف والحقوق المجاورة منذ سنة 1996، وبمزيد من الحسرة عن واقع أروقة العرض التي لا تزال تعاني في تسييرها· سؤال كلاسيكي أولا، بصفتك خريجة مدرسة الفنون الجميلة، ماذا يمكن للمدرسة أن تضيفه للموهبة؟ أولا، يجب أن نعرف أنه لا التكوين وحده ولا الموهبة أيضا يكفيان وحدهما لصناعة فنان ناجح ومميز، فالتكوين يجب أن يصقل تلك الموهبة المولودة مع الفنان، فإن كان الفنان لا يملك تلك الموهبة فلا ينفع التكوين وحده، والعكس أيضا صحيح، فإن كان الإنسان موهوبا بالفطرة ولم يستطع تهذيب تلك الموهبة بالتكوين، فستكون أعماله ناقصة، لذا فإن تكاملهما هو الأجمل دائما· معظم اللوحات المعروضة اليوم من المدرسة الانطباعية، أأنت مع التخصص بمدرسة معينة أو ضده؟ صحيح، إن معظم اللوحات المعروضة اليوم هنا في فضاء ''ألف نيوز ونيوز'' معظمها من المدرسة الانطباعية، لكنني لست مقيدة فقط بها، فأنا أعمل أيضا على المدرسة الكلاسيكية، التعبيرية، التجريدية، السريالية وحتى الرومانسية، يعني حسب النفسية التي أكون فيها وحسب الموضوع، لكن أصارحك الرأي أني أحب كثيرا المدرسة الانطباعية، فهي تعطي لك مساحة أوسع من الخيال والترميز، وحتى المتلقي يجب أن يقف أمامها مطولا ويستعمل الكثير من الفكر والإحساس من أجل فهم تلك اللوحات· وبالمناسبة، أريد أن أوضح شيئا آخر، هذه اللوحات المعروضة اليوم هنا بفضاء ''ألف نيوز ونيوز'' كانت مشروع منحوتات، وقد بحثت في الكثير من الأحيان عن ممولين من أجل تجسيدها على أرض الواقع، لكن للأسف رجال الأعمال وأصحاب المال لا يزالون يتجاهلون الفنون التشكيلية، ففي الكثير من الأحيان نراهم حاضرين في نشاطات أخرى، كالموسيقى والغناء أو الرياضة، لكن في مجال الرسم والفن التشكيلي لا شيء يذكر· وبالمناسبة، أريد أن أشكر من خلال هذا المنبر كل من احميدة عياشي مدير يومية ''الجزائر نيوز ''الذي أتاح لي فرصة العرض في هذا الفضاء الجميل، بالإضافة إلى محفوظ حاجي وكل عمال يومية ''اليوم'' الممول للمعرض· أنثى ولم تذكر المدرسة الرومانسية··· لا أعتقد أن الرومانسية بمعناها القريب لا يزال لها وجودا في عالمنا اليوم، أما بخصوص الرومانسية كمدرسة في الفن التشكيلي فهو راجع بالأساس إلى حبي للترميز، والابتعاد عما هو بسيط، ففي الكثير من الأحيان أفضل استفزاز المتلقي، ودفعه إلى التساؤل والبحث· الملاحظ في المعرض أن معظم صور المرأة بخلفية سوداء، ما سر ذلك؟ لوحات المرأة هنا ليس المرأة ككائن حي، لكن في مخيلتي، وأنا أرسم هذه المرأة فلها دلالات رمزية كثيرة، فالمرأة هي الوطن، الحب، الحنان وحتى الخصوبة· أما عن الجسد الموجود في اللوحات، فلا يعني الجرأة أو كسر الطابوهات، وإنما هي أكثر منها لإعطاء المرأة مكانتها البعيدة عن جسد المتعة، وفي العودة إلى سؤالك، فإن اللون الأسود ليس هو ما يمكن أن يفهمه الكثير حول التشاؤم، أو ما شابه ذلك، لكن اللون الأسود في الصورة يعطي لها رونقا خاصا، خاصة في هذه المدرسة التي تعتمد على الترميز أكثر من أي شيء آخر، فالصورة باللون الأحمر أو الأبيض مثلا لا يوجد هناك أجمل لها من الخلفية السوداء· رسم ونحت··· ألا توجد مواهب أخرى مختفية في أعماق رشيدة؟ رسم في معظم مدارسه، النحت، التمثيل حيث سبق لي وأن شاركت في بعض الأعمال السينمائية، بالإضافة إلى التنشيط التلفزيوني، الذي أقدم من خلاله وعلى الجزائرية الثالثة بعض الإرشادات وقواعد الرسم والأشغال اليدوية في برنامج للأطفال، ورغم كل هذا لا أزال أتلقى صعوبات في العمل· وما هو السبب حسب رأيك؟ لا أعرف بالتحديد، لكن وللأسف، حتى في المعارض الوطنية، المغاربية أو المتوسطية توجد نفس الوجوه التي تتكرر، ولحد اليوم نحن نجهل السبب، فالمكلفين بهذه النشاطات لا يعطون الفرص للفنانين من أجل تبيان أعمالهم، فبالإضافة إلى معوقات أخرى، مثلا أنا التي أودعت ملفي لدى ملحقة وهران للديوان الوطني لحقوق التأليف والحقوق المجاورة منذ سنة ,1996 لحد اليوم لم يتم تسوية وضعيتي، وأنا أنشط لحد اليوم بدون ضمان لأعمالي، وهذا في الكثير من الأحيان ينقص من عزيمة الفنان· وماذا عن نقابة الفنانين التشكيليين؟ لا أعتقد أن نقابة للفن التشكيلي ستحل الأمور، فنحن في الجزائر، ماذا عملت كل النقابات المتواجدة في الكتابة، النشر، التعليم أو السلك الطبي···؟ لا شيء حتى وإن كانت هناك نقابة للفن التشكيلي سيكون مآلها نفس هذه النقابات الأخرى، وإن صح التعبير ستكون بين النقابيين وأصدقائهم، ومعارفهم· لوحات تشكيلية بألوان العلم الوطني، فن جديد نوعا ما، حدثينا أكثر؟ أعتقد أن حمى الفريق الوطني لم تترك أحدا سالما منها، فأنا مثلا في تلك الفترة التي فاز فيها الفريق الوطني على المنتخب المصري وتأهل إلى المونديال، رأيت تلك الفرحة العارمة على وجوه الجزائريين وألهمتني تلك الأحداث رسم 26 لوحة كلها بألوان العلم الجزائري، وكنت أول فنانة تعمل هذا النوع من الرسم، وقد عرضتها في متحف المجاهد في وهران سميتها ''الوطن'' لكن للأسف لم تلق الرواج الذي كنت أنتظره· لو عرضت في الجزائر العاصمة، أيمكن أن يكون الإقبال أفضل؟ لا أعتقد أن وهران، الجزائر أو عنابة هي السبب في ذلك، فالجمهور لا يزال يجهل الكثير عن الرسم والفنون التشكيلية الأخرى، لكن الفرق الوحيد الموجود بين العاصمة والولايات الأخرى هو امتلاكها للعديد من أروقة العرض، والتي يمكن أن تكون فرصة للفنانين الظهور فيها، لكن -للأسف- لا تزال تعاني التهميش واستغلالها غير المنطقي نوعا ما·