اختتم أول أمس الاثنين الأسبوع الثقافي الجزائري في مصر بعد حضور متميز سمح للجمهور من اكتشاف تنوع التراث الفني الجزائري والقدرات الإبداعية للفنان الجزائري. وقد أطلع الجمهور المصري وأعضاء الجالية الجزائرية المقيمة في القاهرة، الذين حضروا بقوة مختلف الأنشطة الثقافية والفكرية التي تضمنها الأسبوع الذي حقق هدفه، كما قالت وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي في التعريف وإبراز المكونات الثرية للثقافة الجزائرية. وتابع هذا الجمهور الذي ''قليل ما تشده مثل هذه الأسابيع'' كما اعترف بذلك وزير الثقافة المصري السيد فاروق حسني في إشارة إلى التقدير والاعتراف الذي يحظى به الفنان الجزائري في مصر في مختلف الميادين، من موسيقى ومسرح وسينما وكتاب وفن تشكيلي معاصر والحرف التقليدية التي تشمل صناعة الحلي الفضية والخزف والفخار والزربية والطرز على النسيج التقليدي . وقد سمحت هذه التظاهرة بعد غياب عدة سنوات للجمهور المصري كما قالت الناقدة المسرحية المصرية السيدة سامية حبيب أستاذة النقد الدرامي بالجامعة من اكتشاف أوجه أخرى من الفن الجزائري الضارب أصالته في عمق التاريخ . وأعطت في حديثها لواج على سبيل المثال قيمة المعرض التشكيلي الذي ابهر الجمهور، وقدم صورة جميلة عن إبداعات الرسام الجزائري. وأضافت إن معرض الكتاب مكن المهنيين من الاطلاع على عدد كبير وقياسي من العناوين، التي تم إصدارها بمناسبة تظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية، وأعطى كما قالت للقراء والمتابعين فرصة لاكتشاف كتاب ومؤلفين كثيرين لم يعرفوهم من قبل، رغم تواجد الكتاب الجزائري في معرض القاهرة الدولي . وأشارت السيدة حبيب إلى القيمة الأدبية والفكرية للندوات التي نظمت خلال هذا الأسبوع، وذلك بشهادة الكثير من الذين تابعوا العروض، وخاصة المحاضرة التي قدمها المدير العام للديوان الوطني لحقوق التاليف والحقوق المجاورة عبد الحكيم تاوسار حول حقوق التأليف في الجزائر. وقد أبرز النقاش الذي تلى العرض مدى اهتمام الناشرين المصريين بما يجري في هذا المجال في الجزائر، ومدى تقدم قوانينه على الكثير من الدول العربية. ويرى العديد من الكتاب والفنانين المصريين الجزائريين أن هذه الأسابيع وإن كانت تحفز على التعاون وخلق فرص الالتقاء، إلا أنها لاتكفي لخلق تواصل دائم ومنتج والتعريف بثقافة البلد. ويشير الكاتب واسيني لعرج في هذا الصدد إلى دور اتحاد الكتاب للتعريف بالثقافة والأدب الجزائري، وقال أنه على عاتق اتحاد الكتاب هذه المهمة، وذلك من خلال اللقاءات والتبادلات والندوات التي تنظم دوريا. وأضاف أن الأسابيع مهمة لكنها لا تكفي لكشف القدرات الإبداعية التي تزخر بها الجزائر، مؤكدا في نفس الوقت على دور المبدع نفسه في فرض مكانته في دائرته الوطنية، وهي ذات أهمية بالغة لانتقال بعدها الى دائرة أوسع إقليميا وعالميا. وقال إنه على الجيل الجديد عمل أكثر للبروز، لاسيما كما وضح أن هناك طاقات شابة متألقة، مشيرا في السياق إلى أهمية الترجمة وضرورة حرص الكاتب والأديب على إيصال رسالته إلى قراء آخرين بلغات أخرى. واعتبر المدير العام للديوان الوطني حقوق المؤلف والحقوق المجاورة أن هذا الأسبوع هو بمثابة إعادة بعث النشاط الثقافي الجزائري بالخارج، خاصة وان الفترة السابقة قد مكنت من استقبال الأنشطة العربية وغيرها، قائلا ''إن الوصاية عملت على إعداد برنامج ثقافي كبير للتعريف بالتراث الثقافي الجزائري، ومد جسور التواصل مع أفراد الجالية الجزائرية المقيمة في الخارج .'' وركز السيد تاوسار على دور المراكز الثقافية الجزائرية بالخارج لتوصيل الثقافة والفن الجزائريين والتعريف بهما. ولقي معرض الفن التشكيلي الجزائري صدى كبيرا لدى الجمهور المصري، حيث مكن كما قال رئيس اتحاد الفانيين التشكيليين السيد عبد الحميد لعروسي من إبراز الوجه الآخر للفن الجزائري غير المعروف بالشكل اللائق في دول الشرق الأوسط والخليج، مشيرا إلى انبهار الفنانين والجمهور بقيمة اللوحات التي عرضت، حيث اكتشفوا من خلالها خصوصيات المدرسة الجزائرية الرائدة في هذا الفن، والتي تختلف عن مثيلاتها في المنطقة. وذكر أن الأسبوع الثقافي كان أيضا مناسبة لإجراء اتصالات مع الجانب المصري من أجل برمجة لقاءات دورية سواء على المستوى العربي أو المتوسطي. ويشاطر مدير المسرح الوطني السيد احمد بن قطاف فكرة عدم الاكتفاء بمثل هذه التظاهرات، مؤكدا نجاح الأسبوع الثقافي إلى حد بعيد في ابراز المخزون الثقافي والإبداعي الجزائري. وقال أن الأسابيع هي بمثابة محطات التقاء للفنانين والمثقفين مؤكدا ضرورة على أن تتواصل بنشاطات وتعاون في مختلف المجالات، وأعطى مثال على ذلك في مجال المسرح من خلال القيام بالأعمال المشتركة في مجال النصوص والإخراج والأداء. وبالفعل فان المسرح الجزائري يعد من بين الأنشطة التي لها صدى كبير في القاهرة من خلال رواده الكبار أمثال علولة وغيره، والتي تدرس نصوصهم في الجامعات المصرية كما أكدت الناقدة المصرية السيد سامية حبيب.