حسنيات حسنة المعروفة بحسنة البشارية أو المرأة الحرّة من مواليد 1950 ببشار في هذا الحوار ل ''الجزائر نيوز'' تحدثت ''ملكة الفمبري'' عن بدايتها الفنية حيث تنحدر من عائلية فنية تقدس الفن وطابع الفناوي، كما كشفت عن العلاقة الحميمة التي تربطها مع هذه الآلة، واعتبرت الفنانة نفسها سفيرة الطابع القناوي والعزف على القمبري من خلال تمثيلها للجزائر في أكثر من دولة أجنبية، وبعفوية وتلقائية كشفت المتحدثة عن المساعدات والتشجيعات التي تلقتها من مديرة أعمالها ميغالي بغجوت الفرنسية الأصل، كما كشفت عن عملها المشترك مع إزيغان دينوان الفنانة الفرنسية المشهورة والذي سيصدر قريبا· حسنة البشارية تعتبر من الفنانات القليلات اللاتي تحدين الواقع بمنطقة الجنوب الجزائري، حيث فرضت نفسها على الساحة الفنية الأوروبية قبل الجزائريةو فهل تحديثننا عن مشوارك الفني؟ والله من أصعب الأمور أن يتحدث الفنان عن نفسه أو عن أعماله وعن أي شيء يخصه، لكن فيما يتعلق ببدايتي الفنية، فهي تشبه تقريبا نفس القصة التي مرت بها كل فنانة جزائرية إنطلاقا من ملكة أغنية الراي الشيخة الريمتي والصعوبات التي تلقتها من أسرتها الصغيرة ومرورا إلى أقصى الشرق الجزائري حيث الفنانة بقّار حدّة من خلال الصعوبات التي واجهتها هي الأخرى كونها المرأة التي تمردت على قوانين العرش من خلال أدائها للأغنية الشاوية بحرية تامة بعيدا عن ما يسمى بالعادات والأعراف المتعفنة ووصولا إلى أقصى الجنوب عند حسنة البشارية ·· فبدايتي الفنية لم تبرز إلى النور، وإن صح القول فإن موهبتي الغنائية ولدت وهي موؤودة بسبب الظروف التي كانت تحيط بمجتمعي الصغير رغم أنني نشأت في أسرة تعشق الفن وتقدسه، فوالدتي، رحمها الله، كانت شاوشة أي المرأة التي تهتم بشوؤن النساء عند الفناوة، كما أنها كانت تحسن الجذب أي الطقوس المتعلقة بالفناوي، كما أن والدي كان مقدم الفناوة بمدينة بشار حيث منه تعلمت الإرهاصات الأولى للعزف عن آلة الفمبري، وبما أن إيقاعات الفمبري كانت تستهويني، فإن ذلك جعلني أتعلم كل شاردة وواردة تخص تلك الآلة، وقبل أن أعشق الفمبري كنت أعزف على فيثارة من نوع الأكستوتيك كانت تخص إبن عمي حيث كنت أخترع قطع موسيقية وأعزفها بطريقة ممتعة ورائعة، وأعتقد أن تلك الآلة دفعتني لأحب الفمبري وأعزف بتلقائية وثقة كبيرة على أوتاره، وكل ذلك كان يتم بعيدا عن أنظار والدي· بما أنك كنت تمارسين العزف على أوتار الفيثار خفية، كيف تعلمت العزف على القمبري؟ بما أنني كنت أعشق هذه الآلة إلى درجة الهوس، كنت أستغل كل شيء وكل شخص يوصلني إليها، وبما أن محمد الذي كان يعمل شاوش الفناوة عند والدي، رحمه الله، بالمحلّة، الله يذكر بالخير، كان يحضر لي فمبري والدي ويقوم بتلقيني العزف على أوتاره، وبعدها قمت بصناعة آلة فمبري بطريقة عشوائية، غير أنها تعتمد على مقاييس عالية في الوضع المحكم للأوتار، وجسدت ذلك الفمبري الخاص بحسنة بعود المكنسة ودلاء مصنوعة من مادة الحديد إضافة إلى بعض الأوتار، فأصبح لدي آلة فمبري خاصة، وأخذت أنشط الحفلات والأعراس الخاصة بالنساء، وكل ذلك كان يتم خفية عن والدي الذي أصر على رأيه، وعلى معارضة رغبتي في الغناء والعزف على آلة الفمبري، بحجة أن هذه الآلة مخصصة للرجال فقط، غير أن السبب الحقيقي لمعارضة والدي لذلك هوخوفه من عدم إتقاني للعزف على تلك الآلة التي يعتبرها الرجل الفناوي شيئا روحانيا مقدسا لا يمكن أن يدنس إطلاقا· بعض فناني الفناوي أكدوا لنا أنه بعد وفاة والدك، رحمه الله، تغيرت الأمور، فمن اكتشف موهبة حسنة البشارية وسافر بها إلى الخارج؟ سبق أن قلت أنني كنت أنشط وأحيي الحفلات والأعراس بمدينة بشار والمدن المجاورة لها، وأعتقد أن ذلك خلق لي شعبية وشهرة كبيرتين، غير أنه وللأسف كان يتم ذلك في صمت وخفية، وبعد وفاة والدي تم تسليط الأضواء علي من طرف مديرية الثقافة بالولاية، من خلال دعوتي لإحياء الحفلات الرسمية في المناسبات الوطنية والدينية، كما تمت استضفتي أكثر من مرة بالإذاعة، وخلالها إستمع الصحفي محمد علالي كان يعمل منشطا بالإذاعة الوطنية لغنائي وعزفي على آلة الفمبري، وتم ذلك بفرنسا، حين أخد أحد المغتربين بعض أغنياتي مسجلة على شريط، وإثرها قام محمد علالي بدعوتي إلى فرنسا في سنة 1999 وطلب مني إحضار الفمبري وبفرنسا كانت انطلاقتي الرسمية· وماذا عن وصية والدك المعارضة لموهبتك؟ تصدقين بالله ·· وأنا أحضر حقيبتي للسفر، أخذ هاجس والدي يلاحقني، وشعرت بغصة تحرق صدري، غير أن تشجيع أبنائي فاطمة ومصطفى هو الذي دفعني لأن أسافر وأكشف للعالم موهبتي الموسيقية النابعة من عمق ثرات وتقاليد أجدادي ··وللعلم، فإن أبنائي أيضا فنانون ويعشقون الفن، كما أنهما يعزفان على الفمبري والبنذير والعود، وبمجرد ما وصلت إلى باريس في تلك الليلة حتى رأيت والدي في المنام يؤكد لي أنه يبارك خطاي نحو العزف على الفمبري، والله فرحت كثيرا في ذلك المنام، ويبقى ذلك حسب النيّة عند المقدمين الفناويين· كيف كانت وجهة انطلاقتك بباريس؟ ب ''akhbâri sauvage'' كانت انطلاقتي، حيث تم تنظيم سهرة كبيرة لي، بحضور كبار الفنانين وعشاق الموسيقى الفناوية· وما لفت انتباهي ذلك العدد الكبير من الحضور ومن جنسيات مختلفة، ألمانيا، اليابان، إسبانيا، البرتغال، الدانمارك ·· وهذا الحضور الغفير وغير المتوقع الذي استمع لأدائي لأول مرة جعلني أثق في نفسي أكثر، حينها علمت أن الفنان هو السفير الحقيقي لبلده ولوطنه ولفنه ·· وفي التاسع جانفي 1999 وقعت أول عقد نحو النجومية، بعدما اعترف لي الجمهور الأوروبي العاشق للفن الصحراوي بأنني بالفعل ملكة الفمبري وسفيرته عبر العالم، وبأنني بيت قصيد الثقافة والغناء الصحراوي الجزائري الأصيل، وفي السهرة التي أحييتها، حضر الكثير من الإعلاميين وقاموا بتغطية الحدث، كما أن بعضهم أجرى معي لقاءات صحفية· بعد ذلك النجاح غير المتوقع، هل وجدتي من يتكفل بك هناك فنيا بمعنى؟ هل كان لديك مدير أعمال يدير أعمالك؟ بعد سفري إلى فرنسا كنت خائفة رغم ثقتي الكبيرة في آلتي وعزفي المتألق، لكن بمجرد وصولي واكتشافي ذلك العالم الذي يحترم الفن والفنانين، قررت أن أواصل مسيرتي الفنية، بعدما توفرت لي كل الظروف حيث اهتمت بي مؤسسة الإنتاج ''ابيرومونتغليكس'' الفرنسية إهتماما كليا، وأصبحت السيدة ''migrai barjot'' مديرة لأعمالي، وتكلفت بكل جولاتي وأعمالي، وقمت بإحياء عدة جولات وسهرات فنية، بفرنسا وضواحيها وإسبانياوألمانيا والدانمارك وأمستردام والمغرب وتونس والقاهرة ·· كما أنني مثلت الجزائر أحسن تمثيل في كل المحافل الدولية· ما هو عنوان الألبوم الذي صنع لك هذه الشهرة الكبيرة؟ ''الجزائر جوهرة'' هو عنوان ألبومي الأول الذي حقق لي هذا النجاح، كما أنني تلقيت عليه الكثير من التشجيع والتقدير· كيف تأسست فرقتك؟ ومن هم أعضاؤها؟ الفرقة تأسست بطلب من مؤسسة الإنتاج التي أتعامل معها، وتشكلت من ستة أعضاء مختلفي الجنسية، غير أن أفكارهم واحدة وهدفها خدمة الفن، ومن بين هؤلاء ''الأخوين غويغ وأنياس من البرازيل، فيكتور من فرنسا، محمد مني من سعيدة، سعاد عسلاوي من بشار، وبطبيعة الحال أنا من يترأس الفرقة· علمنا أنك بصدد تحضير ''ديو'' مع المغنية الفرنسية إزيغيان دينوان، إلى أين وصل هذا المشروع؟ نحن بصدد الانتهاء منه حيث سأسافر يوم 21 من الشهر الجاري لأضع اللمسات الأخيرة عليه، أما عن سبب اختياري للغناء مع إزيغان دينوان، الفنانة الفرنسية الكبيرة، فيرجع لكوننا نملك قوة في الأداء، وخاصية واحدة هي أننا نصعود إلى الخشبة حفاة· وللعلم يوجدانسجام قوي بيني وبين إزيغيان ويتضح ذلك من خلال امتزاج صوتها بإيقاعات عزفي على آلة القمبري· هناك الكثير من الفنانين سرقت أعمالهم عن طريق القرصنة وهم في حالة احتجاج دائم غير أنهم لم يجدوا آذانا صاغية، ما تعليقك عن ذلك؟ بالفعل، ظاهرة القرصنة أصبحت الشبح الذي يلاحق الفنانين أكثر من أي وقت مضى، وقد كنت ضحية ذلك حيث تعرضت ألبوماتي للقرصنة من طرف شركة ''Sun house'' وقمت خلالها برفع دعوى قضائية عليهم غير أن الأمور لم تشهد أي جديد، ولهذا أوجه رسالة إلى ''lصanda'' علها تنظر في الأمر وتستعيد ما سلب مني بطريقة غير قانونية· هل تفكر حسنة في تعليم الفتيات العزف على آلة القمبري؟ أفكر في ذلك دوما، كما أنه حلم راودني أكثر من مرة، وهدفي من وراء ذلك هو المحافظة على التراث الجزائري عامة، وعلى العزف على الفمبري من جهة أخرى، فأنا أسعى لترسيخ التراث الفناوي لدى الجيل الجديد، غير أنه وللأسف بقيت آمالي مجرد أحلام والسبب هو أنني لا أملك مقرا لتحقيق ذلك· وما هو الطبق المفضل لدى حسنة؟ الأكل الشعبي الجزائري هو الطبق المفضل لدي، غير أنني أفضل طبق ''البلبولة وطجين الملوخية''· من هو المغني المفضل لديك؟ رغم أنني كبيرة في السن، غير أنني أعشق الاسماع للغناء العاطفي، والمرحوم حسني هو الفنان المفضل لدي· علمنا من بعض عشاقك أن القمبري الذي تعزفين عليه يختلف تماما عن باقي آلات القمبري الأخرى؟ تضحك ·· أجل هذا صحيح، آلتي أحضرتها من المغرب الأقصى، مصنوعة من خشب الجوز واللوز، وهي ذات جودة عالية·