صباح، أمس، تحطمت طائرة تابعة لشركة ''طيران الهند اكسبرس'' عندما اشتعلت فيها النيران مع تجاوزها مدرج الهبوط في مدينة مانغالور الهندية الجنوبية، وأدى ذلك الحادث إلى مقتل معظم الركاب وعددهم 166 شخص، وقبل أيام قليلة تحطمت طائرة ليبية قرب مطار طرابلس ولم ينجُ من راكبيها وعددهم 1004 إلا طفل هولندي، وقبل أشهر قليلة تحطمت طائرة إثيوبية بعد إقلاعها مباشرة من مطار رفيق الحريري واحترقت بمن فيها في السماء ولم يعثر على صندوقها الأسود وبعض أشلاء الضحايا إلا بصعوبة بالغة· وقبل تحطم تلك الطائرة وغيرها وبعدها شهد النقل الجوي الكثير من الكوارث واحترقت من خلالها آلاف الجثث، وتساوى في ذلك ركّاب الدرجة الأولى الأثرياء براكبي الدرجات الاقتصادية المتدنية من العمال وعموم الناس· ومع تعدد حوادث الطائرات المميتة، أصبح السفر عبر الطائرة (وبالوسائل القانونية) لا يقل خطرا عن السفر تحت جنح الظلام على متن قارب صيد صغير أو ''جات سكي'' التي سميت إعلاميا ''قوارب الموت'' وكثيرا ما انقلبت تلك القوارب الصغيرة بمن فيها قبل بلوغ أصحابها الضفة الشمالية من البحر المتوسط، ولسان حال الركاب المسافرين هو ''ياكلني الحوت وما ياكلنيش الدود''، والأغلبية منهم يلتهمها البحر ولا يعثر لها على أثر ولا يضمها قبر بعد ذلك· ومع الحالات المتكررة لحالات سقوط الطائرات، لم يعد الحصول على الصندوق الأسود الذي تسجل فيه آخر كلمات قائد الطائرة يجدي نفعا، وكل طائرة من الطائرات التي سقطت تكاد لا تشبه الحالات الأخرى والأسباب متعددة جدا لوقائع تكاد تكون متشابهة وتتمثل في احتراق تلك الآلة بمن فيها في السماء أو في البحر أو غرقا في البحر، والسفر عبر الطائرة وبأموال باهظة لم يعد أقل خطرا من السفر عبر تلك القوارب الصغيرة، ولئن عرف ''حراقة'' البحر مسبقا بمصيرهم المحتوم عندما أعلنوها صراحة أن أجسادهم ستتحول إلى ولائم لأسمالك البحر، فإن راكبي الطائرات مع هذه الحوادث المؤلمة أصبح الهاجس الذي يقلقهم إلى غاية النزول في مطار محطة النزول هو الاحتراق، فما أشبه قوارب الموت بالطائرات الفخمة التي أصبحت تؤدي إلى الموت أكثر مما تؤدي إلى مطارات أخرى·