استضافت المكتبة الوطنية، أمس، أشغال اليوم الثاني من الملتقى العلمي حول ''توظيف التراث في المسرح المغاربي، بمشاركة باحثين جزائريين وعرب في جلستين حول التراث في المسرح الجزائري، والتراث في المسرح وعرض تجارب في مختلف الدول العربية· تواصلت، أمس، بالمكتبة الوطنية، فعاليات ملتقى توظيف التراث في المسرح المغاربي، الذي ينظم ضمن فعاليات المهرجان الوطني الخامس للمسرح المحترف· وقد تناول عدد من الباحثين الجزائريين، في الجلسة الأولى موضوع التراث في المسرح الجزائري، حيث تطرقت الدكتورة أنوال طامر موضوع قراءة في المرجع التراثي لمسرحية ''غبرة الفهامة'' لكاتب ياسين، حيث قالت بأن التراث عالم متشابك من الموروث الحضاري، الذي بقي متراكما عبر الأزمنة لمشاكسة ومحاورة الفرد عبر التاريخ، وأضافت بأن توظيف التراث في الإبداع المسرحي ليس مسحة تكرار ولكنه إنتاج وتكييف من خلال آليات التناص، مضيفة بأن شخصية ''جحا'' هي ترحال النص الغائب إلى مرافئ النص الحاضر، و''غبرة الفهامة'' الأبدي في مواجهة التعتيم. ومن جهته، تناول الدكتور السعيد بوطاجين، في مداخلته حول ''الأطراس التراثية في مسرحية جحا''، قضايا التناصات التراثية في المسرح الجزائري تأسيسا على مسرحية جحا، وتقاطعاتها المركبة مع الموروث المحلي والعربي والعالمي· أما لخضر منصوري، فقد قدم في مداخلته على هامش مسرح الحلقة، دراسة لآليات توظيف الحلقة في مسرح عبد القادر علولة، من خلال بعض أعماله المسرحية ومقارنتها برؤى حديثة لمخرجين شباب حاولوا إعادة بعث هذه الأعمال من جديد بعد مدة من الزمن· وقد تطرق علي عبدون في حديثه عن ظاهرة إيراد من الطقوس إلى المسرح، إلى تفسير المسيرة التجريبية وقرأ بيان استنتاجي أولي لتجربة نقل الطقوس إلى الركح· وقد كانت الجلسة الثانية حول عرض تجارب للتراث في المسرح بمشاركة مختصين عرب، على غرار الدكتور أحمد ابراهيم الفقيه من ليبيا الذي تناول في مداخلته ''ثلاثية مسرحية من وحي تقاليد العرس البدوي الليبي''، شهادة من واقع الخبرة والتجربة الشخصية لقضية استلهام التراث الشعبي في كتابة ثلاثية مسرحية مستوحاة من تقاليد العرس الليبي، الذي مازال يمارس في البادية حتى وقتنا الحاضر، وهي تقاليد تقضي بأن يقوم العريس بدور السلطان في مجموعة من أصدقائه يسمونهم باللهجة الدارجة ''العراسة''. وبالنسبة للدكتور جمال الشايجي من الكويت، والذي تناول موضوع ''توظيف التراث في مسرح عز الدين المدني''، فقد اعتبر هذا الكاتب التونسي، من أهم الكتاب المسرحيين المغاربة والعرب الذين استعانوا بالتراث لكتابة نصوصهم المسرحية، حيث هدف من خلال كتاباته إلى وحدة الوطن العربي وتعزيز الانتماء إلى كل مكوناته بما فيها الثقافة والتراث مع وضعه للمسرح المغربي في إطاره القومي باعتماده على نصوص مستمدة من التراث العربي والمغربي، ومزجه بينهما لتقديمها بأطر قومية يتغلب عليها المنظور الفلسفي، نحو بناء مسرح عربي معاصر أساسه وحدة الثقافة والتاريخ والتراث واللغة المشتركة· وقد تناولت مداخلة ''المسرح التونسي، في مواجهة التراث'' للدكتور حافظ جديدي من تونس، إظهار محاولة التجربة المسرحية التونسية منذ بداياتها الأولى البحث عن هويتها، دون الابتعاد كثيرا عن الجماليات المؤسسة للمسرح اللاتينو يوناني، مشيرا إلى أن الاستثمار في التراث يستجيب لمطلبين أساسيين عاجلين، هما وضع الخطاب المسرحي في سياق الملاحظة النقدية لما تمارسه الرقابة السياسية، وكذا مواجهة النقص الذي تعاني منه الحركة المسرحية في مجال الكتابة الدرامية· وكانت المداخلة الأخيرة في اليوم الثاني من الملتقى الذي أدار جلسته الثالثة الدكتور العيد ميراث، تحمل عنوان ''مسرحية ألف ليلة وليلة في المسرح'' للدكتور بولس مطر، الذي انطلق من تجربته الشخصية في ثلاث مسرحيات من تأليفه، والتي استوحى من حكايا ألف ليلة وليلة لاقتباس مواضيعها وصياغتها بقالب حديث، مستعينا بالتقنيات المسرحية الحديثة، في محاولة لإظهار تداخل هذه الحكاية في اللعبة المسرحية، وإبراز القدرة الهائلة الموجودة في محتويات التراث العربي خصوصا الحكاية الشعبية، مؤكدا أن التطور والتحول من التراث إلى مواضيع مسرحية تعني الإنسان المعاصر في شؤونه الذاتية والاجتماعية والثقافية· للإشارة، فإن هذا الملتقى تواصل فعالياته اليوم، في يومه الثالث والأخير بالتطرق إلى موضوع ''المسرح بين التراث والنظريات المسرحية الجديدة''·