اختتمت أمس بالمكتبة الوطنية الجزائرية فعاليات الملتقى العلمي بعنوان ''توظيف التراث في المسرح المغاربي'' المنّظم في إطار المهرجان الوطني للمسرح المحترف، كما تم على هامش هذه المناسبة توزيع كتاب ''المسرح العربي والقضية الفلسطينية'' الذي يضم المداخلات التي ألقيت في ملتقى المهرجان للسنة الفارطة. وخرج ملتقى ''توظيف التراث في المسرح المغاربي'' الذي استمرت فعالياته ثلاثة أيام، بعشر توصيات وهي: السعي الى أرشفة التراث الشعبي المغاربي الذي له علاقة بالمسرح، إنشاء قسم للتراث المادي في المكتبة الوطنية الجزائرية، توسيع نطاق الورشات التكوينية المنظمة من قبل إدارة المهرجان لتشمل المعاهد والأقسام المسرحية، إنشاء موقع الكتروني تنشر فيه مجموع دراسات الملتقيات المنظمة من طرف محافظة المهرجان، السعي الى تغطية إعلامية وتلفزيونية شاملة لفعاليات الملتقى، تأسيس مجلة متخصصة في الفن الرابع، دعوة الممارسين المسرحيين للمشاركة في الملتقى العلمي، استضافة طلبة الدراسات العليا في مجال المسرح لمتابعة فعاليات الملتقى، استحداث جائزة سنوية للبحث المسرحي واختيار موضوع النقد المسرحي وإشكالية لملتقى السنة المقبلة. وتم بهذه المناسبة تقديم العديد من المحاضرات في إطار محاولة الإجابة عن اشكالية الملتقى، فقدمت الدكتورة العراقية عواطف نعيم مداخلة حول الموضوع بحيث عرّفت التراث بأنه ذاكرة الأمة وخزان وافر من المعلومات والفنون والعادات والتقاليد والأحلام والأساطير والفلكلور وحتى الخرافة، مضيفة أن التراث مثل الكائن الحي يتغذى وينمو وقد يكون ذلك من خلال نافذة الفن عندما يخرج منها ويثبت أهميته ودوره في المجتمع. وقدمت عواطف أمثلة عن مسرحيين عراقيين استلهموا أعمالهم من التراث وبالضبط من قصص ألف ليلة وليلة وجرجامش وسندباد وغيرها، معتبرة أن التراث منبع معرفي يجب علينا ان ننفض الغبار عنه ونأخذ ما نستحق منه عن طريق استعمالنا للعقل. وأشارت المتحدثة إلى أن استعمال المسرحيين للتراث يعود ايضا الى مصداقيته كونه مرتبط بالتاريخ، فاستعمل المسرحيون التراث بجمالية واختاروا من خلاله مواضيع ساخنة، حتى ان هناك من وّظف التراث في عمل كوريغرافي، مستطردة بقولها ان التراث غني بأفكار ورؤى تتجدد حينما نعمل على استنطاقها من خلال أعمال فنية كالمسرح مثلا. اما الأستاذ المغربي سعيد الناجي، فقد تناول في مداخلته وجود تيارين مسرحيين استعملا التراث في الفن الرابع، أولهما التيار الذي يتمسك بكل ما هو قديم ورجعي ويرفض الحداثة وهو تيار عرف رواجا -حسبه- في الفترة الأخيرة نظرا لانتشار الأفكار التطرفية في المجتمعات العربية، وثانيهما التيار الذي يستعمل التراث بدون تعقيدات ومن غير الاعتماد على خصوصيات مجتمع ما ومن دون السقوط في حبال ''الأنا والآخر''، مثل المرحوم عبد القادر علولة، الذي كان متأثرا بالمسرح الملحمي العالمي إلا ان هذا لم يمنعه من استعمال التراث المتمثل في''الحلقة''، عندما استنتج ان الحلقة تمكنه من الالتقاء بالجمهور. وأكد الناجي أننا نقدرّ التراث أكثر مما نؤمن بالمسرح وأننا نستعمل المسرح حسب رغبة التراث وليس العكس، طالبا في هذا السياق بالبحث عن مسرح من دون الاستثمار في التراث وأن نهتم بفن رابع يقدم الاستعارات التي نعيشها اليوم. بالمقابل تحسر الدكتور الفلسطيني نادر القنة في مداخلته عن الانقسام الدائر بين الأدب المغاربي والأدب المشرقي، فقال انه قبل ثورة يوليو المصرية، كان هناك الحديث عن امة عربية متحدة وبعدها صار الكلام عن أقطار عربية وعن وجود مغرب ومشرق. وتساءل الأستاذ: لماذا يجهل المشارقة أدب المغاربة ولماذا يجهل المغاربة أدب المشرق العربي؟ ولماذا لا يستعمل الموروث المغاربي في المشرق والمشرقي في دول المغرب العربي؟ وانتقل القنة الى قضية تدريس المسرح في الجامعات والمعاهد المتخصصة فقال انه يتم تخصيص سويعات قليلة لتدريس المسرح العربي وساعات أكثر بكثير للمسرح القطري، كما تحدث عن التوصيات التي خرجت بها لجنة التخطيط الشامل عن المنظمة العربية للتربية والتعليم والفنون، جامعة الدول العربية، والتي شاركت فيها أسماء معروفة مثل عبد الكريم برشيد والمرحوم سامي خشبة، فقال انها لم تتجسد على ارض الواقع رغم أهميتها خاصة انها جاءت لنصرة المسرح العربي بأكمله. للإشارة، تم على هامش الملتقى، توزيع كتاب ''المسرح العربي والقضية الفلسطينية'' ويضم عصارة مداخلات الملتقى العلمي للمهرجان الوطني للمسرح المحترف طبعة ,2009 وبهذه المناسبة، أعربت الفنانة الأردنية والفلسطينية الأصل، عبير عيسى عن حزنها العميق لما يجري في غزة وبالضبط للهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية، وطالبت الأنظمة العربية أن تناضل لأجل فلسطين.