حدث منذ عامين أن فلاحا فرنسيا إمتنع عن مصافحة نيكولا ساركوزي إحتجاجا على سياساته، فما كان من ساركوزي إلا أن أطلق شتيمة بذيئة في وجه هذا الفلاح واصفا أمه بال ''··· كذا···''··· وحدث منذ أيام خلال كأس العالم 2010 لكرة القدم المقامة حاليا بجنوب إفريقيا، أن وجّه اللاعب نيكولاس أنيلكا لمدربه السابق ريمون دومينيك شتيمة قاسية واصفا أمه بال ''····كذا···''··· قضية أنيلكا تدحرجت، فكبرت شيئا فشيئا، بعد أن نشرت صحيفة فرنسية تفاصيل تلك المشاجرة بين اللاعب ومدربه، في صفحتها الأولى، وفاح الخبر على الفور في وسائل الإعلام بجميع أنحاء العالم، ليتحول المنتخب الأزرق ومن حوله إلى فريق يؤدي كوميديا هزلية وهزيلة في كأس العالم· وتدخل الوزراء ورؤساء الأحزاب والشركات الراعية والجماهير وتدخل الرئيس نفسه· يوم أمس الأربعاء إستدعت لجنة الشؤون الثقافية في البرلمان الفرنسي المدرب ريمون دومينيك للإستماع إليه في جلستين مفتوحتين أمام وسائل الإعلام، على غرار رئيس الاتحاد المستقيل جان بيار إسكاليت· وكانت وزيرة الرياضة روزلين باشلو تم الاستماع إليها أيضا من قبل اللجنة ذاتها الثلاثاء الماضي· وكان محور الجلسات بعنوان واضح ''فشل المنتخب الفرنسي في نهائيات كأس العالم المقامة بجنوب إفريقيا''· ومن المرجح أن خطأ مطبعيا قد حدث لأن هذه العبارة لم تكن صائبة، فالأصح أن نقول: ''فشل فرنسا المنهزمة على كل الأصعدة قبل وبعد وخلال المونديال''· إذن كبرت القضية بالفعل مما اضطر أخيرا رئيس الاتحاد الدولي السويسري جوزيف بلاتر، بالقول أن اتحاده لن يتسامح إزاء أي تدخل سياسي في شؤون الرياضة في فرنسا، والواقع أن التدخل قد حدث لمرات عديدة وبشكل سافر، وقد يتحرك بلاتر ويقوم بإجراءات، لكن من يتحرك ليخبر الفرنسيين بأن أزمة فريقهم ما هي إلا صورة مصغرة لأزمة مجتمع يستسلم شيئا فشيئا لانهيار مستمر في نظامه الأخلاقي· ما فعله أنيلكا هو شيء سيء بالأكيد· لكن··· لا غرابة أن يحدث هذا في بلد يرأسه شخص يشتم فلاحا باللفظة ذاتها التي شتم بها أنيلكا مدربه· أنيلكا لا يستحق قميص لاعب في منتخب فرنسي كان كبيرا· وساركوزي لا يستحق بدلة رئيس لبلد كان إسمه فرنسا·