رغم المفاجآت الكثيرة والكبيرة التي شهدها مونديال جنوب إفريقيا، إلا أنه لا يمكن إلا الاعتراف بأن إفريقيا نجحت أخيرا في تجاوز عقدة احتضان الكأس الدولية بنجاح، ورغم هذا الجانب المشرق والمهم فإن الكأس هذا العام رغم تألق البعض وانهيار البعض الآخر مرت دون بروز نجوم خارقين، بل أدهى من ذلك فقد ميز مونديال بلاد مانديلا السقطات الخطيرة لمن أتوها نجوما·· ليونيل ميسي: الهداف المجهض في جنوب إفريقيا ربما يكون النجم الأرجنتيني، ليونيل ميسي، أكبر الخاسرين في مونديال بلاد مانديلا، رغم الأداء الجيد الذي ظهر به والكفاح المرير الذي قدمه فوق الملاعب الجنوب افريقية ليبدو فريق بلده الأم، الأرجنتين بأجمل وجه، لكن للأسف هذا النضال لم يؤهله أبدا ليكون النجم العالمي الأول، كما كان منتظرا منه، فكل الأنظار قبل فعاليات الكأس الدولية كانت مصوّبة باتجاه الفتى الأرجنتيني الفذ الذي شارك وهو في عمر مبكر بالمنافسات العالمية ونسجت الكثير من الراويات حول مرضه وقصة كفاحه وكفاح عائلته ليتحول إلى واحد من أهم هدافي نادي برشلونة صانع النجوم، فميسي كان أكبر قاهر للخصوم بقدرته الجنونية على الاحتفاظ بالكرة والتسديدات التي لا تقهر، بل هز بها شباك أكبر الفرق الأوربية سواء في الدوري الإسباني أو دوري أبطال أوروبا، وكان من المنتظر من هذا الهداف في مونديال 2010 أن يخلد اسمه بذهب كما فعل في سنة 2005 خلال بطولة كأس العالم تحت 20 سنة التي دارت فعالياتها في هولندا، حيث ساعد منتخب بلاده الأرجنتين في تحقيق اللقب، حين سجّل هدفي الفوز في المباراة النهائية على حساب منتخب نيجيريا وتمّ اختياره كأفضل لاعب في البطولة وحصل كذلك على جائزة الحذاء الذهبي كهدّافٍ للبطولة بتسجيله 6 أهداف، وظل نجمه بعد ذلك بارزا في سماء الكرة العالمية حتى خيل للجميع أن مونديال افريقيا سيكون فرصته بحق ليتجاوز فيها المقارنة القائمة بينه وبين الأسطورة دييغو ماردونا ويحصل على لقب أهم لكن للملاعب حسابات وأسرار أخرى جعلت من ميسي يؤدي جيدا لكن لا يخطف القلوب والأنظار كما كان يفعل دائما· كريستيانو رونالدو: النجم الذي صدم الجماهير ب''بصقته'' لا أحد يعرف إن كان النجم الوسيم قائد المنتخب البرتغالي، كريستيانو رونالدو، لاعب ريال مدريد، والنجم السابق لمانشيستر يونيتد، صاحب المهارات العالية في لعبة الكرة المستديرة، سيستطيع الحفاظ على رصيده العالي في بورصة عالم الإشهار، بعد مونديال ,2010 لأن هذا النجم إلى جانب تميزه في اللعب ومنافسته لأهم الوجوه الكروية في الجيل الجديد، ظل الأكثر بروزا وظهورا على الشاشات العالمية من خلال تقديمه لإشهارات لصالح كبريات الشركات في عالم الأناقة والجمال، لكن هذا الرصيد قد يتعرض إلى هزة حقيقية بعد الوجه الشاحب الذي بدا به هذا اللاعب في فعاليات كأس العالم، حيث لم ينته الحديث عن نجم البرتغال بالطريقة التي بدأ بها، فقبل يوم واحد من انطلاق فعاليات المونديال تصدر خبر زيارة كريستيانو رونالدو للزعيم مونديلا في بيته بجنوب إفريقيا أخبار الصحف، وهو مازاد من الاهتمام بهذا اللاعب الذي سبق وأن صرح لصحيفة بريطانية قبل المونديال أنه سيسعى لأن يكون أهم لاعب في العالم رفقة ميسي، قائلا ''ميسي لم يفز بأي شيء مع منتخب الأرجنتين وأنا لم أفز بأي شيء مع منتخب البرتغال، ولذلك يجب أن نثبت خلال كأس العالم أننا أفضل لاعبين في العالم''، لكن يبدو أن كريستيانو ظل طريقه إلى هذا الهدف الثمين خاصة عندما أنهى رحلته في مونديال 2010 بطريقة لا تمت لأخلاقيات الرياضة بصلة وهو يبصق على الجميع ويصدم الجماهير أثناء مغادرته الملعب عقب مباراة البرتغال مع إسبانيا التي انتهت بخروج رونالدو ورفاقه من المونديال بعد الهزيمة بهدف نظيف. فابيو كنافاور: الوجه الشاحب لإيطاليا في بلاد مونديلا كان الخروج المبكر للفريق الإيطالي من فعاليات الكأس الذهبية بشكل عام مفاجأة حقيقية للجماهير والمراقبين على حد سواء، حيث لم يسجل حامل اللقب العالمي أي أداء أو شيء آخر يمكن ذكره في مونديال ,2010 سوى الكارثة التي بدا عليها، إلا صورة واحدة ستظل راسخة في أذهان عشاق الفريق الإسباني وهي اللحظة التي حمل فيها قائد الفريق الإيطالي المتنقل حديثا ليكون على رأس فريق الأهلي الإماراتي، فابيو كنافارو، الكأس الدولية ليسلمها إلى الفريق الإسباني الذي انتظر هذه اللحظة لعقود طويلة، كنافارو، هذا الوجه الذي سيطر على العقول في الدورة الماضية للمونديال بأدائه المتميز الذي مكنه بجدارة للحصول على لقب أحسن لاعب في العالم لسنة 2006 ، وحمل شارة قائد الفريق الإيطالي لهذا العام، لكن يبدو أن خبرة هذا اللاعب في أكبر الملاعب الدولية لم تمكنه من تقديم الشيء الكثير لنفسه ولفريقه في مونديال افريقيا الذي كان فيه، فابيو، وجها أكثر شحوبا من وجه الفريق. وين روني: البعبع الذي انهار في مقابلة الجزائر ربما لم ينل المهاجم الإنجليزي ولاعب مانشيستر يونيتد، اهتماما من قبل الخصوم أكثر من ذلك الذي حظي به في مونديال 2010 قبيل مباراة الجزائر/ انجلترا، حيث تحوّل هذا اللاعب الدولي إلى بعبع المشجعين الجزائريين، وباتوا يحلمون بصوره في كوابيس يرون فيها لاعبي الفريق الجزائري يفرون من الملعب بسبب هذا المهاجم الإنجليزي الذي كان من المنتظر أن يكون السبب الرئيسي لبلوغ منتخب بلاده على الأقل للمربع الذهبي إذ لا نريد القول للحصول على الكأس الدولية التي ينتظرونها منذ 44 عاما، لكن المستطيل الأخضر حسم الأمر في لحظة يقظة وحقيقة تحول فيها البعبع روني إلى مجرد حكاية من نوع الواقعية السحرية انتهت بعد أن طوي الكتاب، لأن روني لم يقدم على أرضية الملعب شيئا بل أنه بدا متعثرا وتائها ولم يتألّق فنيا ولو للحظة واحدة في إفريقيا على خلاف ما كان يبدو عليه أداؤه في الملاعب الأوربية، التي جعلت منه البطل الذي لايقهر، وهذا قد يكون سببا يساعد اللاعب لتبرير الإخفاق الكبير في مسيرته المونديالية، فربما هواه الأوربي منعه من التألّق في بلاد منديلا، ولم يكن الأداء الأقل من المتوسط لروني وحده سبب انهياره في هذا المونديال إنما طريقة الاستخفاف والتهكم التي تعامل بها مع الجماهير الإنجليزية عقب إخفاق فريقه أمام الجزائر ستجعل من روني في وضع حرج لاحقا. صامويل ايتو: نجم أوروبا الباهت مع الكاميرون لا يزال النجم الكاميروني الذي استطاع أن يسجل اسمه بالذهب في الملاعب الأوربية، صامويل ايتو، غير قادر على إمتاع الجماهير الكاميرونية بأدائه المذهل المعروف وبانسجامه مع الفريق، إيتو الذي يشارك منذ كان في عمر السادسة عشرة إلى جانب منتخب بلاده في المونديال، حيث وقع أول مشاركة له في كأس العالم العام 1998 بفرنسا، وبعدها بدأ رحلة الاحتراف في الملاعب الأوربية وكانت البداية مع اسبانيول لموسم 1999 / 1998 ليعود بعدها إلى ريال مدريد موسم 90/199200 الذي لم يلعب له كثيرا لينتقل بعده إلى ريال مايوركا لمدة أربعة مواسم، وأثناء لعبه بصفوف ريال مايوركا أصبح هداف الفريق لكل العصور في الدوري الإسباني ب54 هدفا، عام 2004 انضم إيتو إلى صفوف برشلونة ليكون أول لاعب كاميروني ينضم إلى البرصا، حيث تألّق معهم بشكل كبير أحرز مع هذا الفريق بطولتي دوري موسم 2005/2004 و,2006/2005 وكأس أسبانيا موسمي ,2006/2005 و2007/2006 بالإضافة إلى لقب دوري أبطال أوروبا موسم ,2006/2005 ورغم هذا الأداء المتميز والمسيرة الطويلة لإيتو في الملاعب الكبرى إلا أنه بدا باهت الأداء وأخفق مجددا مع منتخب بلاده الأم في مونديال 2010 الذي لم يضف فيه شيئا إلى مسيرته الحافلة، كما لم يقدم فيه أي دعم للمنتخب الكاميروني· كاكا: سقطة كاكا ''المتعجرف'' لم يكن النجم البرازيلي كاكا أكثر حظا من الكاميروني، إيتو، في مونديال جنوب إفريقيا، حيث لم يستطع نجم ريال مدريد الإسباني مساعدة منتخبه البرازيل في تجاوز دور الثمانية بعد خسارته أمام هولندا بهدفين، ولم ينجح كاكا رغم صيته الذائع في تسجيل أي هدف في مونديال جنوب إفريقيا، ولم يقدم المستويات المقنعة على الرغم من ترشيحه قبل المونديال ليكون النجم الأبرز في صفوف منتخب السامبا، وعلى العكس من ذلك فإن كاكا خطف الأنظار بحالة الطرد التي مني بها في مباراة كوت ديفوار، والبطاقة الصفراء في مباراة تشيلي، وهي أمور لم تعرف من قبل على النجم الكبير الذي اشتهر بالهدوء والالتزام داخل الملعب وخارجه، والحقيقة أن تشكيلة منتخب السامبا بشكل عام تعرضت للانتقاد على مستوى التزام اللاعبين، ويرى المراقبون أن هذا الأمر لم يكن يحدث في صفوف المنتخب البرازيلي من قبل· ومن المآخذ المسجلة على كاكا وأسقطته بشكل أكبر رغم أن الحديث عن وجود إصابة عرقلت أداءه بررت نوعا ما المستوى الذي ظهر به، لكن لا أحد قد يظن أن كاكا سيجد ما يبرر به طريقة التعالي التي تعامل بها مع لاعب من كوريا الشمالية أراد تبادل القمصان معه ورفض كاكا ذلك باستعلاء، وتبقى الأخلاق الجوهر الحقيقي للكرة· نيكولا: أنيلكا دومينيك··؟؟ لم يسلم مهاجم المنتخب الفرنسي، نيكولا أنيلكا، من سقطات النجوم المسجلة في مونديال بلاد مونديلا، بل أن سقطة هذا اللاعب كانت خطيرة وسابقة هزت الأوساط الرياضية والشارع الفرنسي بالقدر نفسه الذي خرجت فيه الوصيفة فرنسا بطريق مخزية من مونديال إفريقيا، حيث سجلت موجة من الغضب عقب الهفوة التي ارتكبها، وقد أعلن عنها الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، وهي أن أنيلكا وجه شتائم نابية إلى المدرب الفرنسي دومينيك في الاستراحة بين شوطي مباراة المكسيكوفرنسا في الدور الأول، وجاء في البيان أن رئيس الاتحاد الفرنسي جان بيير ايسكاليت طلب من أنيلكا بحضور قائد الفريق باتريس إيفرا تقديم اعتذار رسمي للرأي العام الفرنسي والجهاز الفني واللاعبين· ورفض اللاعب الامتثال ليتم طرده وترحيله إلى بلاده، يذكر أن أنيلكا كان قد قال بحق دومينيك كلاما نابيا بعد أن طلب منه المدرب أداء بعض الواجبات بشكل أفضل في الملعب، وكشفت ليكيب عن طبيعة الشتائم مؤكدة أن أنيلكا قال لدومينيك: ''اذهب إلى الجحيم··''· وعقب هذا ظهرت والدة المدرب الفرنسي على شاشات أحد البرامج التلفزيونية الفرنسية وهي تبكي، وطلبت مقابلة أنيلكا للتحدث معه ومعرفة دوافعه لتوجيه هذه الشتائم القاسية بحق ابنها وبحقه، وربما هذا الوضع المحرج الذي أوقع أنيلكا نفسه فيه لن يؤثر عنه لوحده وإنما أدخل لعبة كرة القدم ككل بفرنسا في منعرج خطير·