أصبحت الطرائف الفكاهية والنوادر الضاحكة وسيلة للتخلص من التوتر والضغط النفسي الذي نصادفه في تعاملنا مع الآخرين، وعلى صعيد آخر يمكن أن تكون الطرائف الفكاهية والنوادر الضاحكة من العوامل التي تساعد على مواجهة الوضع غير الطبيعي في مسيرة الحياة. لا يسمح هذا الحيز بالحديث عن الموضوع بالتفصيل، ولكن من المفيد تقديم النماذج التالية: 1 كان أمير المؤمنين المهدي يسير في البصرة بالعراق للنظر في أمرها، فسمع الأذان في غير وقته، فقال: أنظروا ما هذا الأذان؟ فإذا هو صوت الشاعر بشار بن برد وهو سكران، فأمر بضربه 70 سوطا، فكان إذا وقع عليه السوط يقول: حس حس، وهي كلمة تقولها العرب للشيء إذا أوجع، فقال أحدهم للمهدي: أنظر زندقته: لا يقول باسم اللّه، فقال بشار: ويلك أهو طعام اسمي اللّه عليه؟ وقال آخر: لم يقل الحمد لله، فقال بشار: أهي نعمة أحمد اللّه عليها وإنما هي بلية استرجع منها! 2 دخل يزيد بن منصور خال المهدي وبشار بن برد بين يديه ينشد شعرا في مدحه، فلما فرغ من إنشاده أقبل عليه يزيد بن منصور (وكان يعاني من نقص في عقله) وقال: يا شيخ ما صناعتك؟ قال بشار: أثقب اللؤلؤ، فضحك المهدي وقال: أغرب من وجهي أتسخر من خالي؟ فقال بشار: وماذا أصنع له يرى شيخا ينشد الشعر ويسأل عن حرفته أو صنعته؟! 3 قال سفيان الثوري للمهدي: يحكم بيني وبينك الذي يفرق بين الحق والباطل، فقال الربيع: يا أمير المؤمنين إيذن لي بضرب عنقه! فقال المهدي: وهل يريد هذا وأمثاله أن نقتلهم فنشقى بسعادتهم؟! 4 دخل رجل على المهدي وقال: يا أمير المؤمنين هذه نعل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قد أهديتها لك، فأخذها منه وقبلها ووضعها على عينيه وأعطاه عشرة آلاف درهم. فلما خرج الرجل، قال المهدي للحاضرين معه: إني أعلم أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لم يرها ولم يلبسها، وهي ليست له لكن لو كذبنا لقال للناس: أتيت أمير المؤمنين بنعل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فردها عليّ لأنه من شأن العامة النصرة للضعيف على القوي وإن كان الضعيف ظالما، ولهذا اشترينا لسانه وقبلنا هديته وصدقنا قوله. هدى بوعطيح}