يكتظ برنامج حجز قاعات الحفلات في الجزائر العاصمة بحلول فصل الصيف الذي يختاره معظم الجزائريين لاحتفال بالأعراس، وقد جاءت هذه السنة متميزة عن غيرها من السنوات الماضية، فقد تم حجز القاعات قبل موعد الزفاف بأشهر كثيرة حتى لا يقع صاحب العرس في مشكل عدم وجود مكان للاحتفال، خصوصا وأن معظم القاعات تشهد يوميا تقريبا احتفالات متتالية صباحا ومساء مع مع اقتراب شهر أوت الذي سيكون هذه السنة شهرا للصيام بدلا من أن يكون شهرا للأعراس والاصطياف· قاعات لا تقل عن 50 ألف دينار وتفوق 220 ألف دينار لمدة نصف يوم خلال الجولة التي قادت ''الجزائر نيوز'' إلى مختلف قاعات الحفلات بالجزائر العاصمة، تفاجأنا للأسعار الضخمة التي يتم دفعها من أجل استئجار قاعات الحفلات خصوصا في فصل الصيف الذي يكون موسم عطلة وموسما للأعراس المختلفة في الجزائر. وخلال حديثنا مع بعض أصحاب قاعات الحفلات والعاملين بها، كشف لنا بعضهم عن الأسعار الضخمة التي يتم دفعها يوميا من أجل الاستمتاع بنصف يوم من الاحتفال بالعروس أو العريس أو كلاهما رفقة الأحباب والأقارب مقابل سعر لا يقل عن 50 ألف دينار جزائري في ما يتعلق بالقاعات البسيطة التي لا تتوفر على كل التجهيزات العصرية، بل تكتفي بمستلزمات بسيطة مثل الكراسي والطاولات وديكور بسيط حول الكرسي الشرفي للعروس خلال مدة ''التسديرة'' لتكون أميرة الاحتفال· وتختلف الأسعار من قاعة إلى أخرى، حسب التجهيزات التي تحويها، مثل مكيفات الهواء و''ديسك جو كي'' وفي بعض الأحيان مغنين ومغنيات، إلى جانب الخادمات اللواتي يشرفن على توزيع الشاي والمشروبات والحلوى للضيوف، فهناك قاعات تستأجر مقابل 70 ألف دينار، كما هناك من تستأجر ب 120 ألف دينار، وهناك قاعات تصل إلى مبلغ 220 ألف دينار لإقامة الاحتفال في سهرة عائلية تمتد إلى غاية 2 صباحا، ونجد مثل هذه القاعات في مختلف الأحياء الراقية بالعاصمة التي توجد بها قاعات مجهزة بكل المستلزمات، ويتنافس فيها أصحاب القاعات من أجل جلب أكبر عدد من الزبائن من خلال اقتراح خدمات إضافية أفضل من الآخر· وإلى جانب مصاريف استئجار قاعة الحفلات لمدة نصف يوم بهذه المبالغ الخيالية، نجد لدى بعض العائلات التي تحتفل بزواج أحد أبنائها، بأن الزوجة تقوم بالاحتفال بزفافها في أقرب قاعة إلى منزلها، في حين يستأجر زوجها قاعة أخرى بحيه في فترات مختلفة قبيل يوم الزفاف، كانت تحتفل الزوجة بعرسها أسبوعا قبل يوم الزفاف مع أفراد عائلتها، ثم تنتقل إلى منزل زوجها الذي استأجر هو الآخر قاعة من أجل استقبال أهل العروس وضيوفه من أهله وأقربائه، ولهذا تشهد بعض الأعراس في الجزائر استئجار قاعتين لزفاف واحد· قاعات تستقبل الأعراس صباحا ومساء إلى غاية ''ليلة الشك'' أكدنا لنا أحد المشرفين على إحدى قاعات الحفلات بالجزائر العاصمة، بأن القاعة التي يعمل بها تستقبل في الفترة الأخيرة حفلات زفاف يوميا، على عكس ما كانت عليه من قبل، حيث كانت الاحتفلات بالزفاف تقام نهاية الأسبوع أي يومي الخميس والجمعة في معظم الأحيان· ولأن شهر رمضان الكريم على الأبواب، أصبحت العائلات الجزائرية تتسارع من أجل حجز قاعات للحفلات من أجل إقامة مراسيم الزفاف فيها، بعد أن أصبحت عادة استئجار من التقاليد الجزائرية المستحدثة خلال السنوات الأخيرة، بعد أن كانت الأعراس تقام في المنازل أو على سطوح البنايات... وغيرها، وهذا ما كان يعطيها نكهة خاصة. ولم تصبح فكرة قاعات الحفلات حكرا على العائلات التي لا تتمكن من تنظيم العرس في منزلها بسبب ضيق المساحة، ولكن قاعات الحفلات أصبحت من بين الأشياء التي تتباهى بها بعض العائلات الجزائرية التي تعتبر عرسها الأفضل لأنه أقيم في أفخم القاعات وأغلاها· ولأن وقت الصيام عن هذه الاحتفالات قد حان بحلول شهر أوت الذي سيكون في هذه السنة شهرا لصيام رمضان الكريم ابتداء من العاشر منه، فلم يعد من حل للعائلات التي تحتفل بالأعراس هذه السنة إلا استئجار القاعة في الفترة الصباحية أو المسائية في نفس القاعة، خصوصا بعد غلق الكثير من القاعات بسبب عدم احترامها للشروط المتعلقة بإنشاء قاعة حفلات على غرار السكينة والأمن والآداب والنظافة، وبذلك أصبحت برامج احتضان قاعات الحفلات لهذه الأعراس مربوطا بالوقت إلى حد أن القاعة يمكن أن تستضيف عائليتين في نفس اليوم، الواحدة منها تقيم حفلها من وقت الظهيرة إلى غاية 20 مساء والعائلة الأخرى تستأجر القاعة من أجل تنظيم سهرة عائلية حتى ساعات متأخرة من الليل، حتى يتمكن الجميع من الاحتفال بالزفاف قبل رمضان· قاعات استؤجرت قبل أشهر من الزفاف وأخرى قبل سنة كاملة خلال هذه الجولة وحديثنا مع بعض العاملين في قاعات الحفلات، فاجأنا أحد العاملين بقوله إن بعض العرسان يستأجرون القاعة ويقدمون المبلغ الأولي أو ''العربون'' سنة كاملة قبل الزفاف، حيث تضطر بعض العائلات لتحديد موعد الزواج مبكرا، حتى لا تواجه في فصل الصيف، وفي هذه السنة خصوصا، مشكل انعدام وجود قاعات فارغة من أجل الاحتفال· وفي حين تشتكي العائلات الجزائرية من غلاء المعيشة وصعوبة الحياة، خصوصا بالنسبة للعائلات البسيطة التي لا يكفيها أجر العاملين بالبيت حتى لسد حاجاتها اليومية من مصاريف عادية، تتسارع بعض العائلات إلى استئجار قاعات لأبنائها وبناتها من أجل الاحتفال بزفافهم قبل أشهر كثيرة من الاحتفال حتى تتمكن من جمع المبلغ الذي يتطلبه استئجار قاعات الحفلات، كل حسب إمكانياته وكذلك تفاديا للانتهازية الكبيرة لبعض أصحاب القاعات الذين ينتهزون فرصة موسم الأعراس من أجل رفع سعر الإيجار، خصوصا وأن حصول العائلات على قاعات للاحتفال يعتبر من بين الضروريات التي يفرضها الواقع الجزائري وبالخصوص لدى العائلات التي لا يتسع بيتها حتى لأفراد أسرتها الصغيرة، فما بالك بضيوف أتوا من أجل الاحتفال مع الأهل بالزفاف· قاعات تفتح أبوابها في رمضان وأعراس مؤجلة إلى ما بعد العيد ونظرا للاكتظاظ الذي أصبحت تشهده القاعات طوال موسم الأفراح بسبب تراجع عددها وقروب شهر رمضان، أجلت العديد من الأسر الجزائرية أعراسها إلى فصل الشتاء لعدم العثور على قاعة شاغرة خلال الصيف، كما أن بعضها أجل حفل زفافه إلى الفترة التي تلي عيد الفطر المبارك، بسبب ازدحام برنامج القاعات بالمواعيد المسطرة مسبقا· ولكن هذا لن يجعل بالضرورة هذه القاعات شاغرة حتى في شهر رمضان خصوصا في النصف الثاني من الشهر الكريم، فباستحالة تنظيم عرس زفاف في رمضان، لا تتوانى العائلات الجزائرية بالاحتفال خلال السهرات الرمضانية، من خلال تنظيم حفلات الختان في النصف الثاني من شهر رمضان الذي يعتبر شهرا مباركا ومناسبا من أجل الاحتفال بهذه المناسبة التي تجمع شمل العائلة والأقارب في سهرات مباركة، ولذلك تؤجل عطلة قاعات الحفلات إلى فصل الشتاء الذي لا يخلو في بعض الأحيان كذلك من إقامة حفلات الزفاف، ولو كان عددها لا يقارن بالتي تقام في فصل الصيف وحتى في يوم ليلة الشك التي تسبق رمضان·