والقرآن فيه توحيد ووعد ووعيد وأحكام وأخبار وقصص وآداب وأخلاق وآثارها في النفس متنوعة وكذلك من السور ما يرهب النفس أكثر من سور أخرى، يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ''شيبتني هود وأخواتها قبل المشيب''· وفي رواية ''هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت''· لقد شيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لما احتوته من حقائق الإيمان والتكاليف العظيمة التي ملأت بثقلها قلب الرسول صلى الله عليه وسلم فظهرت آثارها على شعره وجسده، ''فاستقم كما أمرت ومن تاب معك''· وقد كان صحابته صلى الله عليه وسلم يقرأون ويتدبرون ويتأثرون وكان أبو بكر رضي الله عنه رجلاً أسيفا رقيق القلب إذا صلّى بالناس وقرأ كلام الله لا يتمالك نفسه من البكاء ومرض عمر من أثر تلاوة قول الله تعالى: ''إن عذاب ربك لواقع ماله من دافع''· وسمع نشيجه من وراء الصفوف لما قرأ قول الله عن يعقوب عليه السلام: ''إنما أشكو بثي وحزني إلى الله''· وقال عثمان رضي الله عنه : لو طهرت قلوبنا ما شبعت من كلام الله، وقتل شهيداً مظلوماً ودمه على مصحفه وأخبار الصحابة في هذا كثيرة، وعن أيوب قال سمعت سعيداً - ابن جبير - يردد هذه الآية في الصلاة بضعاً عشرين مرة ''واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله''· وهي آخر آية نزلت من القرآن وتمامها ''ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون''· وقال إبراهيم بن بشار: الآية التي مات فيها علي بن الفضيل: ''ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد''، في هذا الموضع مات وكنت فيمن صلّى عليه رحمه الله· وحتى عند سجدات التلاوة كانت لهم مواقف فمنها قصة ذلك الرجل -رحمه الله- الذي قرأ قول الله عز وجل: ''ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً'' (الإسراء 109)· فسجد سجدة التلاوة ثم قال معاتباً نفسه: هذا السجود فأين البكاء؟ ومن أعظم التدبر أمثال القرآن، لأن الله سبحانه وتعالى لما ضرب لنا الأمثال في القرآن ندبنا إلى التفكر والتذكر فقال: ''ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون'' وقال: ''وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون''· أوقاتك في رمضان - رمضان زمن شريف، فحرمته الزمانية، كحرمة الحرم المكانية، وقد استمد حرمته ومكانته من نزول كلام الله تعالى فيه، قال سبحانه: ''شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَان'' (البقرة: 185)· - إن رمضان تلوح فيه فرصة نادرة لمريدي اغتنام الأوقات واستثمار الأعمار، فرمضان عمر قصير وأجل محدود، له بداية منتظرة ونهاية معروفة، وهو نموذج حي مصغر للعمر التكليفي للإنسان، فإذا سويناه بعمرنا الوظيفي، فقد غبنَّا أنفسنا وظلمنا أرواحنا، إذ لم ننصفها من أجسادنا· - اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر··· آمين، إستراحة الصائم ·· أشعار وابتسامات أهلاً يا شهرَ الإسلام في حبورٍ·· في سرورِ *** هكذا جيلُ الصِّحابِ كم نفوسٍ ·· كم رؤوس *** كلُّها لله ساجدْ كم بدورٍ وشموسِ *** تزدهي فيها المساجدْ كم سجودٍ، كم ركوع *** كم صلاةٍ ، كم زكاةِ! كم خشوع·· ودموعِ! *** هاهنا طِيبُ الحياةِ مع السائلين :يجيبكم الإمام سليم عبد السلام بيدي س: رجل قرر في إحدى الليالي من رمضان أن يسافر غداً في النهار، فهل يجوز له أن يبيت نية الإفطار؟ ج: لا يجوز له ذلك، بل ينوي الصيام، لأنه لا يدري ما يعرض له، فقد لا يستطيع السفر، فإذا سافر أفطر إن شاء كما تقدم· لنا كلمة والتعليق لكم خطورة الأطروحات المتطرفة؟ العاقل لا يختار كل ما يعرض عليه، بل يناقش ما يعرض عليه، وينظر في الأسباب ولسان الحال والمقال وينظر في المآلات، ويعطي هو خيارات، ويعي جيداً أن كل ما يريدون لا يحق لهم· والتطرف ليس من الإسلام في شيء بل هو صنيع الصهيو صليبية العالمية· وقفات مع الصائمات من أحكام الصيام للمرأة -- التي بلغت فخجلت وكانت تُفطر عليها التوبة العظيمة وقضاء ما فات مع إطعام مسكين عن كل يوم كفارة للتأخير إذا أتى عليها رمضان الذي يليه ولم تقض· ومثلها في الحكم التي كانت تصوم أيام عادتها خجلا ولم تقض· فإن لم تعلم عدد الأيام التي تركتها على وجه التحديد صامت حتى يغلب على ظنها أنها قضت الأيام التي حاضت فيها ولم تقضها من الرمضانات السابقة مع إخراج كفارة التأخير عن كل يوم مجتمعة أو متفرّقة حسب استطاعتها · -- ولا تصوم الزوجة (غير رمضان) وزوجها حاضر إلا بإذنه، فإذا سافر فلا حرج· -- الحائض إذا رأت القصّة البيضاء وهو سائل أبيض يدفعه الرّحم بعد انتهاء الحيض التي تعرف بها المرأة أنها قد طهرت، تنوي الصيام من الليل وتصوم، وإن لم يكن لها طهر تعرفه احتشت بقطن ونحوه فإن خرج نظيفا صامت، فإذا رجع دم الحيض أفطرت، ولو كان دما يسيرا أو كدرة فإنه يقطع الصيام ما دام قد خرج في وقت العادة، وإذا استمر انقطاع الدم إلى المغرب وكانت قد صامت بنية من الليل صحّ صومها، والمرأة التي أحست بانتقال دم الحيض ولكنه لم يخرج إلا بعد غروب الشمس صح صومها وأجزأها يومها· والحائض أو النفساء إذا انقطع دمها ليلا فَنَوَت الصيام ثم طلع الفجر قبل اغتسالها فمذهب العلماء كافة صحة صومها -- المرأة التي تعرف أن عادتها تأتيها غدا تستمر على نيتها وصيامها ولا تُفطر حتى ترى الدم· -- الأفضل للحائض أن تبقى على طبيعتها وترضى بما كتب الله عليها ولا تتعاطى ما تمنع به الدم وتقبل ما قَبِل الله منها من الفطر في الحيض والقضاء بعد ذلك وهكذا كانت أمهات المؤمنين ونساء السلف، بالإضافة إلى أنه قد ثبت بالطبّ ضرر كثير من هذه الموانع وابتليت كثير من النساء باضطراب الدورة بسبب ذلك، فإن فعلت المرأة وتعاطت ما تقطع به الدم فارتفع وصارت نظيفة وصامت أجزأها ذلك ودم الاستحاضة لا يؤثر في صحة الصيام· -- إذا أسقطت الحامل جنينا متخلّقا أو ظهر فيه تخطيط لعضو كرأس أو يد فدمها دم نفاس، وإذا كان ما سقط علقة أو مضغة لحم لا يتبيّن فيه شيء من خَلْق الإنسان فدمها دم استحاضة وعليها الصيام إن استطاعت وإلا أفطرت وقضت· وكذلك إن صارت نظيفة بعد عملية التنظيف صامت· وقد ذكر العلماء أن التخلّق يبدأ بعد ثمانين يوما من الحمل·