عندما سمعت وزير البريد وتكنولوجيات الإعلام ''موسى بن حمادي'' يتحدث عن تقريب الخدمات أكثر من المواطنين وتوسيع نقاط بريد جوارية تسرع وتساهم في تقديم خدمات نوعية للمواطنين، ادهشت من جرأة هؤلاء المسؤولين وقدرتهم على التصريح بأشياء تناقض الواقع المعيش للمواطن، فالأكيد أنه وعائلته لا يذهبون لمراكز البريد لقضاء حاجتهم، وإلا كانوا رأووا العجب العجاب··؟ فعندما نذهب لقضاء حاجاتنا من مراكز البريد الجزائرية نتأكد بأن القطاع لم يتغير أبدا، بل ازدادت فضائحه وكبرت مشاكله وازدادت مصالح مسيريه ومديريه خاصة قي أيام المناسبات كرمضان والعيد وغيرها من المناسبات .. فقرار استحداث نقاط لمكاتب البريد والمواصلات بالأحياء المكتظة وفي التجمعات السكانية الجديدة والمقرات الجامعية هدفها تسريع عمليات الخدمة وتطوير أساليب التواصل مع المواطن، إن لم يكن الفائدة منها هي السيطرة الجدية على تسيير القطاع فما هو هدفها؟ لأن ما لاحظناه هو أنه كلما كثرت الطلبات كلما تعطلت الأجهزة في مراكز البريد، وكلما تعطلت الأجهزة كلما اكتظت المراكز بالزبائن، وكلما كثر الزبائن ارتفع سطح العنف والتشاحن بين الناس، وبين الناس والعاملين في المكاتب بقصد من مسيره أو بدون قصد وهكذا تعود الأشياء إلى نقطة الصفر، ويصبح الناس الذين يثقون في أن التكنولوجيا ضرورية لتطوير البلاد يتمنون لو عاد العمل اليدوي بالقلم والدفتر فقد كان ذلك أرحم.. وقد أوضح الوزير أثناء استماعه إذا كانت هذه الظاهرة، ظاهرة مشكلة اكتظاظ المكاتب وتعطل الأجهزة، بأن الأمر سيحل قريبا، ونسي الوزير أن هذا الأمر لا يقتصر على الأرياف، فهذا شأنها في العاصمة التي تعتبر واجهة الوطن في الداخل والخارج، بل هي درب يومي لأحياء في العاصمة لا تزرها كاميرا ولا تدسها رجل مسؤول البريد وتكنولوجيات الإعلام، كم من مرة سمعنا وزراء البريد السابقين، يعدون المواطن بتحسين وضع القطاع، لكن الوعد الحلم لم يتحقق، فمرة انقطاع الصكوك البريدية عن المواطن لأكثر من ستة أشهر بسبب أزمة طبع وأزمة ورق أو أزمة ثقة في المنتج نفسه·· ومرة الأزمة، أزمة بطاقات إلكترونية، وأنا يمكن أن أؤكد بأني إحدى ضحاياها، فمشكلة رقمي السري لم تحل إلى اليوم رغم أني كنت من الأوائل الذين استفادوا من البطاقة.. فكيف يمكننا إذن أن نساعد على احترام وتقدير ''رموز الدولة'' وتثبيت السكان في مناطق تواجدهم ونحن لا نطور الخدمات التي تصل إليهم، كيف يمكننا أن نسرع النمو الاقتصادي والمستفيدون من البطاقة الإلكترونية لا يجدون حلا لمشاكلهم·· كيف يمكننا أن نطالب بالشفافية المالية لدى المتعاملين الاقتصاديين، ونحن لم نستطع أن نسيطر على تحرك أموال الموظفين البسطاء·· كيف وكيف وكيف... ؟ إننا إذا لم نتحرك بقوة وبسرعة مع تسارع الكثافة السكانية وتوسع مساحات تواجدها وتطور نوعية مطالبها فلا تنمية ولا هم يحزنون، ويكفي ما عاشه القطاع من فضائح وسرقات وتراكمات بشرية لا معنى لها، يكفي استخفافا بعقل المواطن وبمصالحه التي لا يراها تتطور أبدا·· ويكفي ألا تقوم هذه المصالح البريدية أو الصناديق البريدية باحترام عملائها، وألا تستجيب في معاملاتها للأساليب الحضارية المتعامل بها عند كافة الناس رغم أنهم يدفعون ضرائب كبيرة لكل ما يقدم لهم؟ لنحاول على الأقل أن نكون مثل جيراننا··؟