لست أدري لماذا يغيب مفهوم الخدمة العمومية في قانون العقوبات الجزائري، وحتى وإن كان موجودا فهو غير مطبق·· فالناس ترتكب الجرائم الكبيرة والصغيرة، وترتكب الجنح، والمخالفات المرورية، البعض يسجن مع التنفيذ، والبعض مع وقفه، والبعض يدفع الغرامات المالية، والبعض يدفع الرشاوى ويسلك من عين الإبرة··· فمفهوم الخدمة العمومية سلوك حضاري لتربية الناس الذين أخطأوا في حق الناس·· وأعتقد أن تطبيقه كفيل بتربية الناس، فالمجرمون الصغار يقترفون جرائمهم الصغيرة بالعادة كنوع من الإدمان للعودة إلى السجن·· والمجرمون الكبار يفعلون الشيء ذاته للإفلات من العقاب وإظهار الشطارة في الضحك على القانون وتجاوزه·· وحتى السجن للبعض أصبح مجرد استراحة مادام العفو يأتي في الأعياد والمناسبات الوطنية·· في الغرب يلجأ القضاة إلى فرض الخدمة العمومية على المدنيين في حق المجتمع لإستثمار هذه الخدمة في الصالح العام، وليس وضعهم خلف القضبان يأكلون ويشربون·· في الجزائر ترتكب الجرائم كل دقيقة، نساء تختطف أساورهن الذهبية في الشوارع، وسيارات تصدم المارة وتهرب، واعتداءات على الناس في وضح النهار، وسائقون في حالة سكر، واختلاسات بالملايير من المال العام، وتهريب للزطلة وللعملة الصعبة، ولكل شيء·· والكل يدخل السجن ويخرج منه كما دخل·· إن تطبيق الخدمة العمومية في بعض حالات الجرائم الصغيرة هو الدرس الإجتماعي القوي الذي يردع هذا المجرم الصغير، ولا يجعله يتحول إلى مجرم كبير·· وكل شيء يبقى لتقدير القاضي··