هل سنصدق فعلا أن الجزائر بلا مجلة ثقافية؟، نعم إنها الحقيقة، الثقافة الجزائرية بكل زخمها وأطيافها وألوانها لا تملك مجلة تكون صوتها الصادح في الجوقة الثقافية على الأقل العربية حتى لا أقول العالمية·· إن الحالة بئيسة يا جماعة وقاحلة· في التاريخ الثقافي المعاصر كانت المجلات هي الرائدة في تكريس المناهج والمدارس الأدبية والفنية، وفي اكتشاف المبدعين، فكان لها الدور الإعلامي والدور التثقيفي سواء للنخب أو لعامة الناس·· في الغرب تحولت بعض المجلات إلى معالم ثفافية وأدبية قائمة بذاتها، في فرنسا فقط كان لمجلتي (ماغازين ليتيرير) و(إسبري) ولا يزال ذلك الدور التاريخي والحضاري في مواكبة الحدث الأدبي والفكري في العالم، فكل عدد من هذه المجلات أصبح مرجعا للدارسين بفضل التراكم المحقق·· في العالم العربي نتذكر المجلات الكبيرة (الكرمل) و(مواقف) و(كتابات معاصرة) و(الآداب) تلك المشاعل الثقافية التي حملت هم المثقفين العرب لسنوات، بل لعقود عدة، وفتحت آفاقهم على العالم وما يعج به من تيارات وأفكار حتى في بدايات ما يسمى (النهضة العربية) كانت المجلة حاضرة كمنبر ثقافي وفكري يقود بعض معالم هذه النهضة من خلال تدخلات رجال الإصلاح الديني والأدباء، كانت المجلة أيضا في ذلك الوقت وسيلة من وسائل مقاومة الاستعمار، ولو قمنا بإحصاء بسيط للمجلات التي أخرجها الجزائريون خلال الاستعمار سنجدها بالعشرات، كان الفرنسيون يوقفون صدور مجلة لتظهر مجلة أخرى في مكان آخر من البلاد·· كان إصدار المجلات نوعا من التحدي المقاوم لثقافة الآخر المستلبة· صحيح أن العالم تغير كثيرا، وثورة الأنترنيت غيرت الكثير من عادات الناس في القراءة والتثقيف، وخلقت المجلة الإلكترونية التي يقرأوها كل الناس بالضغط على زر وبتحريك فأرة الكومبيوتر، ولكننا يا جماعة لا نملك لا مجلة إلكترونية ولا مجلة ورقية، حتى المجلات الحائطية التي كنا نصدرها أيام الثانوية لم تعد موجودة·· هناك إقحال معمم·· مجلة (الثقافة) التي كانت تصدرها وزارة الثقافة ماتت، مجلة (آمال) السبعينية ماتت·· الأصدقاء في الإختلاف أصدروا مجلة رائعة لكنها توقفت·· فالدولة ليست مطالبة بإصدار المجلات، إنه الدور المنوط بالمجتمع المدني وبدور النشر التي تكاثرت عندنا بلا فائدة، دور نشر تنتظر صندوق الإبداع وإعانات الدولة لإصدار الكتب، وهي حالة غريبة وشاذة لا تحدث إلا في الجزائر· قليلة جدا هي دور النشر عندنا التي تمول نفسها بنفسهار فلولا أموال الريع التي تستفيد منها لأفلست كلها·· للأسف نحن لا نملك تقاليد ثقافية لا في النشر ولا في التنشيط الثقافي، وهنا وبالنظر إلى دور الجامعة الجزائرية القاصر بهذا الخصوصر فالحالة مزرية وتدعو للرثاء·