في مقال أمس ذكرت محمد أركون كواحد من أصوات الثقافة الجزائرية الكبيرة الذين علينا الإنتباه إليها ونحن نضيع الفرص وفي اليوم ذاته على الساعة التاسعة ليلا يخطفه الموت بأحد مستشفيات باريس، ما هذا البلاء الذي حل بنا هذا العام؟ ما به الموت لا يتركنا وشأننا؟ ما به يتعجل في قصف أعمار العلماء والمفكرين والكتاب؟ هذا العام كان عام الحصاد المر للثقافة العربية وللفكر الحر، محمد عابد الجابري، نصر حامد أبو زيد، الطاهر وطار وأخيرا بالأمس محمد أركون·· على من الدور القادم يا ترى؟؟؟·· قبل أسبوع فقط نزلت في الفيسبوك مجموعة فيديوهات لمحمد أركون من اليوتيب لندوات له في كل من المغرب الأقصى والكويت، الرجل كان يتحدث بمرارة عن الجهل المقدس والجهل المؤسس في العالم العربي، وخاصة الجزائر··· كان يقول أن هذا الكلام قاله قبل خمسين سنة، وهو مطالب بأن يقول ويعيد قوله لأن لا أحد استمع له وقتذاك، وها هي النتيجة خراب شامل خاصة في ميدان التربية والتعليم··· محمد أركون الجزائري المولود بمنطقة القبائل سنة 8291 والذي تربى بمدينة (عين الأربعاء) قرب وهران، حيث لا يزال إخوته هناك وعائلته الكبيرة، هناك درس، ثم بوهران وبالعاصمة والسوربون، كاد يفقد جزائريته لكثرة ما تم تجاهله هنا، حتى أنه ذكر مرة في وسائل الإعلام أنه مغربي لكثرة ما أدار الندوات الفكرية هناك، ولكثرة ما اشتغل هناك، على كل كان الحظ للأشقاء المغاربة أنهم عرفوه أكثر منا من خلال تدخلاته في التفزيون المغربي أو الجامعة، وهنا مورس عليه تغييب رهيب·· على كل محمد أركون غير العوالم والتحق بدار البقاء والخلود وترك للناس، لنا وللبشرية ما تنتفع به· ذهابه خسارة للعقلانية العربية ولكل عالم الفكر الحر·· فوداعا يا محمد أركون·