المتجول في الشوارع يدرك تماما أن تعليمة الوزير بن بوزيد قد ضربت عرض الحائط وأن قرار معاقبة الأولياء لعدم مزاولة أبنائهم الدراسة مجرد حبر على ورق··· قال حماري··· افتح عينيك على الأشياء الجميلة ودعك من التشاؤم؟ جحظت عيناي وأنا أسمع كلمة ''أشياء جميلة''·· وقلت له صارخا·· أين هي هذه الأشياء التي تقول عنها جميلة·· حقا أنت حمار أو أعمى·· قال·· حمار نعم أما أعمى فلا أظن ذلك·· قلت له ضاحكا·· إذن هيا·· ضع أصبعك على شيء جميل واحد·· قال·· أنظر لفوق·· السماء زرقاء·· قلت له·· السماء من جمال الله ومن روعة خلقه·· لم نصلها بعد حتى نفسدها·· قال·· لماذا كل هذا التشاؤم مع الصباح؟ قلت متثائبا·· قضيت الليل في أرق شديد وصحوت على صياح ''خالتي الطاوس'' صاحبة العمارة مع بائع السردين·· احتجت على ارتفاع سعر ''البعوش'' كما قالت·· وبعدها لم أجد قطرة ماء في الحنفية·· اضطررت للبقاء دون غسل وجهي·· ولم أشرب قهوتي وأنا بدون ''فارو''·· نهق حماري عاليا وقال·· يالله من يسمعك يقول إنها نهاية العالم؟ ما بك يا صديقي·· كل الغاشي يعيشون مثلك على نفس الخطوات والوقع ولم يظهروا بهذا التذمر؟ قلت له·· كل حر في تصرفاته ونفسيته·· أنا متذمر·· قال ساخرا·· سبحان الله فعلا الرضا هو مفتاح السعادة·· والتبطر يفتح أبواب جهنم·· قلت له غاضبا·· ليس هناك جهنم أخرى أكثر من التي نحن فيها··