يبدو أن حزب جبهة التحرير الوطني قد تحوّل إلى حزب شواكرة وعصابات شوارع، فالذي حدث خلال هذا الأسبوع بمختلف قسمات هذا الحزب من معارك طاحنة استعملت فيها الخناجر والكراسي والعضلات، وخلفت جرحى كذلك ينذر بالمستوى الحقيقي لهذا الحزب الذي على قيادته العليا أن تحشم قليلا على نفسها وتنسحب من المشهد لحفظ ما تبقى من ماء وجه الأفلان التاريخي· فالتقارير الصحافية الواردة من مختلف الولايات حول تجديد هياكل الحزب كلها تقول إن مناضلي هذا الحزب قد تدابزوا بالبونية والهراوات والخناجر وتنابزوا بالألقاب والكلام البذيء، فتحول منطق (طاف على من طاف) هو الفيصل في الفوز بعضوية الحزب·· الكارثة تأتي من أن هؤلاء الناس ما زالوا يؤمنون بقوة حزبهم الذي لم يعد أحد من الشعب يؤمن به· فالأحداث الأخيرة أكملت حلقة الفساد الذي ميّز مسيرة هذا الحزب حتى وهو (رب المقلاة) في البلاد منذ حرب التحرير إلى سنوات الاستقلال، حيث كانت كلمة (الحزب) وامتلاك بطاقة عضوية تجعل كل الأبواب المغلقة تفتح أمامه·· الأفلان تحوّل إلى آفة وطنية يجب استئصالها، وقد قال قائلون في الشهور الأولى للانفتاح الديمقراطي بعد ,1989 وهو انفتاح تم عطبه وغلقه بسرعة، قال القائلون وقتها إن على الأفلان أن يدخل المتحف، لكن الذي دخل المتحف فعلا هي الديمقراطية التي مات لأجلها الكثير· فالعهد الذي أعطي لجبهة التحرير في النشيد الوطني (قسما) هو هذا·· العهد على البقاء في الساحة ولو بالذراع·· وكم كانت المشاهد معبّرة ورمزية في كل من بشار والوادي وغليزان وولايات أخرى، وذلك عندما اختلط الحابل بالنابل وارتفع اللغط والهرج وبدأت المعركة بين المناضلين، معركة حقيقية بلا لغة ولا حوار، تم فيها استعراض كل الفنون القتالية من ملاكمة ومصارعة والضرب بالعصي والهراوات، وذلك فقط للفوز بمقعد وعضوية قد توصل أحدهم إلى البرلمان أو مجلس الأمة· لقد فقد الأفلان بريقه التاريخي منذ سنوات بعد أن أُفْرِغَ من نخبته واستولى عليه الباندية وقطّاع الطرق والمتسولون في الشارع السياسي·