هاجر شارون من روسيا إلى فلسطين في نهاية القرن الماضي محمولا في أحشاء أمه، وولد في فلسطين العام ,1928 جاء به أبوه الفلاح العاشق للأراضي الفلسطينية وصاحب التاريخ الطويل في الخلافات السياسية مع الحكومة الروسية، ولم يكن يعلم الوالد أن ابنه الطفل الذي ولد في فلسطين سيرث منه عناده السياسي ويصبح أكبر رئيس وزراء مثيرا للجدل في إسرائيل منذ إقامتها العام 1948 حتى الآن، فعندما نريد أن نتحدث عن شخصية شارون السفاح المجرم لا يمكن إغفال الدور الذي لعبه والداه في حياته خاصة والدته التي كانت -حسبما يصفها المقربون لها- صاحبة مبدأ ورسالة هامة في الحياة، وهي الرسالة التي دفعتها في إحدى المرات أصيب فيها ولدها شارون في وجهه فحملته من المستوطنة التي تقطن فيها إلى مستوطنة أخرى بعيدة لعلاجه، مع أن الإصابة كانت في الوجه وخطيرة، وهذا بسبب الخلاف السياسي مع أبناء المستوطنة التي تقطنها، الأمر الذي جعل آثار الإصابة لم تختف من وجه إبنها مدى الحياة، وكانت هذه الإصابة دليل على أن والدته صاحبة مبدأ حتى مع اليهود· هذا المبدأ الذي جعل الطفل الصغير ينمو وبداخله هالة من القسوة ووضع الآخرين أمام الأمر الواقع، وهي السياسة نفسها التي أوصى بها مؤسس الحركة الصهيونية في المؤتمر الأول في سويسرا ليتحوّل هذا الطفل المجرم إلى أحد أبرز المساعدين لأول رئيس وزراء لإسرائيل، وهو دافيد بن غوريون الذي ضمه إليه وعمره لم يتعد السبعة عشر ربيعا ليصبح عضوا في واحدة من أهم المنظمات اليهودية التي ساهمت في قتل العرب وانتهجت سياسة تطهير فلسطين من سكانها الأصليين· واللافت للانتباه أن سياسة الآباء والزعماء التي أحيطت بهذا المجرم منذ نعومة أظافره أثرت عليه ودفعته لانتهاج سياستين واضحتين: الأولى: مع العرب التي ترتكز على التخلص من سكان فلسطين الأصليين، ثم بعد ذلك التوسع لضم تلك الدول العربية المحيطة بها، ويتم ذلك عن طريق إشاعة جو وحالة من الرعب والفزع، حيث شارك في جميع الحروب التي خاضتها إسرائيل· وارتبط اسم هذا المجرم بالعديد من المذابح بداية من حرب 1948 ثم العدوان الإسرائيلي على مصر بالتعاون مع فرنسا وإنجلترا العام 1956 وحتى حرب 1967 والعام 1973 ولبنان 1982 والانتفاضة بعد ذلك، وأصبح هذا المجرم الذي يسمونه الإسرائيليون بالبلدوزر إشارة إلى أبرر أبناء جيل الآباء الذين كانوا دولة إسراذيل، وهو الإنسان الذي كان أكثر جدلا في نفوس العرب الذين باتوا يلصقون اسمه بالعديد من المذابح، وذاع صيت هذا المجرم بعد مجزرة صابرا وشاتيلا ودوره السري في التخطيط والتنفيذ والإشراف عليها في كل مكان حتى اكتسب شهرة أكثر من قادة أقوى منه في ذلك الوقت بداية من إسحاق شامير ابن الليكود أو إسحاق رابين أو حتى الخاسر الدائم شمعون بيريس· الثانية: مع اليهود اعتمد على سياسة الأمر الواقع، وهو ما جعله ينسحب من حزب الليكود الذي كونه في آخر أيامه وتكوينه لحزب أكديما (أكديما بالعربية يعني إلى الأمام) وهو الحزب الذي بات أهم حزب على الساحة السياسية في إسرائيل قبل أن تطفأ شمعة المجرم السفاك، لكن على الرغم من الانتصارات التي حققها في حياته السياسية أو العسكرية، فإنه واجه تحديين هامين، الأول يتعلق بمعركة فساد التي لازالت لم تنته إلى الآن ومازال الادعاء العام في إسرائيل يرفض إغلاق هذا الملف· والثاني هو أن الخبراء السياسيون اتهموه بأنه أنشأ حزب كديما له فقط من أجل التغطية على الأزمة السياسية التي دفعته للانسحاب من الليكود، الأمر الذي جعل هذا المجرم يؤكد أن ميلاد كديما ليس ميلادا لحزب سياسي عادي بل هو نمو لحزب يمثل طريقا سياسيا جديدا في إسرائيل، وهو طريق الوسط· وأخيرا، ففي اجتماع عام عقدته الأممالمتحدة في العام 2005 وحضره العديد من ممثلي دول العالم، خاطب هذا المجرم الحاضرين بقوله كنت أتمنى أن أظل فلاحا أرعى أرض عائلتي، ولكن سياسة العرب من حول دولة إسرائيل هي التي دفعتني لأن أكون عسكريا وسياسيا· وواضح من كلام هذا المجرم في هذه الكملة، أنه إنسان جائع للأرض حتى ولو كانت هذه الأرض لا يمتلكها أو ليس له حق فيها، غير أنه وصف نفسه بالفلاح ويفتخر بهذا لكي يوهم العالم بأنه حضر إلى فلسطين مع غيره من عشرات اليهود في أنحاء العالم ليزرعوا هذه الأرض التي تركها العرب قاحلة ليس بها أي إمكانيات، وباتت هذه الكلمة ''فلاح'' مرابطة لتبرير أي عمل يقوم به هذه المجرم من أجل الاستلاء على أي أرض رغم ما سببته هذه الكلمة من متاعب خاصة مع عائلة زوجته الراحلة التي لم يرض به أهلها بسبب كونه فلاحا·