كل الشرائع السماوية تدين الفساد والمفسدين·· وكل التشريعات الوضعية تدينهم وتحاربهم وتعتبرهم بلاء وشرا مستطيرا وجب استئصالهم·· وفي الغرب المتطور والمتحضر أي قضية فساد تثار تقوم الدنيا دونها ولا تقعد·· وهذا هو سر نجاحهم وازدهار الحياة لديهم. قبل أيام صنفت الجزائر في المرتبة ال 155 عالميا في الفساد·· أي أننا في المراتب الأخيرة ولم يبق وراءنا غير بعض دول منهوكة بالحروب والانقلابات وتحكمها مافيات السياسة والتهريب علنا مثل أفغانستان· ما يحير أن المفسدين عندنا معروفين ووجوههم صحيحة··· وما يحير فعلا أن كل زلازل الفساد التي ظهرت في السنوات القليلة الماضية، ورغم جسامتها، لم يعاقب فيها إلا الصغار·· من الخليفة إلى عاشور عبد الرحمان إلى سوناطراك إلى الطريق السيار والمترو والتهريب···وغيرها·· كل الذي حدث تحوّل إلى مجرد كابوس مزعج في بلاد لا أحد يعلم ما فيها من خيرات وثروات. والفاسدون المفسدون في بلادي تحوّلوا على مدى سنوات إلى جنس بشري آخر في الجزائر، يشتركون في الكثير من الصفات ولهم تحالفات ومصاهرات ومصالح مشتركة·· هذه الفئة القليلة تمكنت من رهن الشأن العام في حساباتها البنكية الكثيرة والموزعة في كل بقاع الأرض·· الأموال المهربة والمبيضة هنا وفي الخارج لا أحد يعلم كم·· وما ينهب قانونيا من المال العام لا أحد يعرف كم حجمه·· كل هذا يتم بطرق قانونية·· حتى الرشوة أصبح لها قانون ولم تعد عيبا في العرف الاجتماعي ولا حراما في الشرع الديني. الخوف الأكبر أن توسع دائرة الفساد والرشوة سيجعل مستقبل أولادنا في خطر محيق.. بعد جيل أو جيلين سننهض صباحا لنجد جزائر أخرى أكثر بشاعة وأكثر عنفا وأكثر رداءة.. لحظتها سنفقد كل قدرة على إعادة الأمور إلى نصابها·· سنحتاج لحظتها إلى معجزة .