وهي·· هي تحب الصباح وتحب أن ترى الناس يمشون وفي كل خطوة يتعرون أكثر·· للصباح صوت·· للصباح رائحة·· للصباح عيون زرقاء أو سوداء أو عيون تتماثل إلى الخضرة·· تنعس وتتضرع وتضحك كذلك·· وهي·· وهي تحب الصباح والنوافذ والأشجار التي تصلي في كل وقت· للصباح أيضا أصابع خشنة ومنقطة بالوشم أو ربما أصابع أرق من نار لا مصدر لها·· للصباح معطف رمادي أو فاتح اللون·· وله قبعة تسرقها الريح أحيانا·· له مطرية كتلك التي رأتها في الحلم تحملها فتاة صغيرة ذات شعر أصهب وذراع ممدودة إلى أعلى·· أعلى مما يمكن أن تكون عليه تفاحة عالقة بالسماء اشتهتها وهي طفلة واشتهتها اليوم، وهي تلهو بالبحث عن شكل نهائي لأسلاك تتراءى لها في عماها ويبهرها برقها، وسوسات ألوان وخرائط تتراشق بمفاتيحها·· مطر من الصباحات تتهاطل قطراته·· الصباح يدخل الآن في كل شيء·· في الزجاج وفي خشب الطاولة·· في جبين تلك الطفلة التي صادفتها ذات حلم ترسل في الفراغ الرحب ضحكاتها العميقة· إنها تضحك والصباح يزداد إشراقا· الصباح يضحك كذلك· إنها تتباكى·· تغمس إيماءاتها بدلال مفضوح كلما تجاذبت الريح فستانها أو شدت مطريتها فلا هي تقوى على الصمود ولا هي ترضى أن تجاري التيار· ثم يحدث أن تتراجع قليلا، فإذا هدأت الريح ولانت لها برهة انطلقت كعصفورة خرافية إلى الجهة الأخرى من الحلم غير مبالية بما علق بها من شوائب ومن نظرات· وهي·· هي الآن تبتعد شيئا فشيئا·· والعالم أيضا يبتعد· ولا يبقى إلا ظل رجل يدعو بنظرته الرحيمة صورة التي ليست هي ويغريها بأن تستعير عينيه وترى بهما فيهما ما تريد· هذا الرجل الذي بالقرب من نافذة أعلى من يد طفلة ذات شعر أصهب علقت تلويحتها في نهاية الحلم ثم غابت تاركة طيفها واقفا منتصبا كنبع تجمّد قبل أن تلامسه شفة التي أخذ النوم قميص نومها···