شكل إلغاء القروض الاستهلاكية المتعلقة خصوصا بالقروض على شراء السيارات من طرف الحكومة خلال قانون المالية التكميلي 2009 صدمة كبيرة للراغبين في تحقيق حلم الحصول على سيارة، ما جعلهم يتوجهون بأسئلة كثيرة حول إمكانية إعادة هذه القروض، أو إن كان أمر توقيفها قضية وقت وفقط، وذهب العديد من الفضوليين إلى التنقل نحو مختلف قاعات عرض وكلاء السيارات ومختلف صالونات السيارات بما فيها الصالون الدولي للسيارات المقام سنويا في الجزائر العاصمة من أجل الاستفسار· وأمام عجز الوكلاء عن إيجاد مخرج خارج العروض الروتينية والتخفيضات التي لم تتجاوز في الكثير من الأحيان 10 بالمائة من سعر السيارة، خرج بعضهم من هذا الروتين بعروض البيع بالتقسيط التي شملت بعض وكلاء السيارات الآسياوية خصوصا اليابانية والصينية، وإن كانت هذه الظاهرة لم تتبن من طرف جمعية وكلاء السيارات، إلا أن المواطن لم يفقد الأمل في انتظار أن يعمم الإجراء على باقي الوكلاء حتى يتسنى لهم اختيار طراز يتلاءم وطموحاتهم حتى وإن انخفضت مدة التسديد· ويرى العارفون بسوق السيارات في الجزائر أنها تأثرت تأثرا كبيرا بالأزمة العالمية، التي عصفت بهذه الصناعة الإستراتيجية في العالم، إذ من المتوقع للأزمة أن تستمر طويلا ومعها تستمر معاناة وكلاء السيارات، وهو ما كان له تأثير على سوق السيارات في الجزائر، فمن حيث لغة الأرقام شهدت السوق تراجعا عن السنة الماضية قدر بأكثر من 4,16 بالمائة، حسبما أعلن عنه الديوان الوطني للإحصاء الذي أكد أن الجزائر ومختلف وكلاء السيارات إلى جانب الخواص قد استوردوا أكثر من 241 ألف سيارة خلال التسعة أشهر من السنة الجارية مقابل أكثر من 289 ألف وحدة استوردت خلال نفس الفترة من سنة ,2009 كما تراجعت في ذات السياق فاتورة الاستيراد من 287 مليار دج خلال تسعة أشهر من سنة 2009 إلى أقل من 228 مليار دج خلال التسعة أشهر من .2010 ويعود تراجع واردات السيارات في هذه السنة نتيجة الأزمة الاقتصادية التي ضربت العالم بعد تراجع شهدته خلال سنة 2009 كان بسبب إلغاء القروض الاستهلاكية والتي أثرت سلبا ومباشرة على مبيعات السيارات، وقبلها الضرائب التي فرضت على الوكلاء عن كل سيارة مستوردة، ناهيك عن تحويل نشاط الاستيراد من ميناء العاصمة ونقله إلى كل من ميناء جن جن بجيجل وميناء مستغانم، كلها عوامل دفعت بالوكلاء إلى إيجاد مخرج والتأقلم مع الوضع الجديد باحترام قرارات الحكومة التي قبلت بها جمعيتهم، ما جعلهم يقترحون العروض ويقدمون التخفيضات إلى أن غامر بعضهم بالذهاب إلى البيع بالتقسيط· نور الدين حسايم المدير العام لتويوتا الجزائر: لابد من نظام مالي يقوم بالتمويل وليس من مهامنا القيام بالتقسيط قال نور الدين حسايم إن الوكلاء بصفة عامة لا يستطيعون النزول عند رغبات كامل الزبائن بوضع مبيعات بالتقسيط، لأن ذلك خارج عن قدراتهم، ويضيف مدير ''تويوتا الجزائر'' أن نظاما ماليا أيا كان مصدره هو الوحيد المخول بتمويل مبيعات السيارات. وفي ذات السياق وحول إمكانية تويوتا الجزائر تقديم عروض شبيهة بتلك التي يقترحها بعض الوكلاء خاصة الآسياوية منها، قال نور الدين حسايم إنه يوجد فعلا بعض الوكلاء من يقدم عروضا مغرية للزبائن سواء على المدى القريب أو المتوسط أو حتى البعيد بهدف الرفع من مبيعاتهم والترويج لعلاماتهم، غير أنه أكد أن تويوتا وفي الوقت الحالي يستحيل لها أن تقدم عروضا مشابهة لتعقيد العملية وصعوبة تنفيذها على أرض الواقع خاصة ما يتعلق بإمكانية التسديد· غير أن المدير العام لتويوتا قال أن تويوتا يمكنها مد بعض التجار وكبار المتعاملين الاقتصاديين في حالة عجزهم عن دفع 20 بالمائة أو نسبة قليلة من المبلغ الإجمالي وتأجيلها إلى وقت لاحق لعجزهم عن الدفع الكامل، لكن لا يمكن أن تعمم العملية لتشمل كافة زبائن تويوتا الجزائر· الخبير الاقتصادي عبد المالك سراي: البيع بالتقسيط ليس له أي تأثير على اقتصاد الدولة هل للبيع بالتقسيط الذي باشره وكلاء سيارات تأثير على المديونية الداخلية أو الاقتصاد الجزائري؟ لا، أبدا في العديد من دول العالم خاصة منها المتقدمة يتم تقديم مثل هذه المعاملات دون أي تعقيدات، لكن في دول مثل الجزائر ما زالت نوعا ما متأخرة، وهو مشكل في الأساس ثقافي، حيث أن الناس غير معتادة على مثل هذه الإجراءات، لذلك نقول أن البيع بالتقسيط ليس له أي تأثير على الاقتصاد الوطني لأن له علاقة مباشرة بين المواطن والوكيل، إنما التأثير الوحيد يكون أساسا على القدرة الشرائية للمواطن· لكن هل تعتقد أن الوكلاء قادرون فعلا على المضي في هذه المبادرة؟ أعتقد أن الإجراءات ثقيلة على وكلاء السيارات في الجزائر بمختلف قدراتهم التسويقية ونسبة انتشارهم ولا يمكنهم القيام بمثل هذه الإجراءات خارج القروض البنكية، فأساسا وكلاء السيارات لا يمتلكون قاعدة مالية تسمح لهم بذلك، وهو ما ثبت مباشرة بعد إيقاف القروض الاستهلاكية التي كانت ضربة موجعة· وكيف تفسر لجوء البعض إلى البيع بالتقسيط؟ ليس لبعض وكلاء السيارات من حل سوى المغامرة، صحيح أنها خطيرة نوعا ما، لكنها أفضل من أن ينتظروا زبونا قد يأتي أو لا يأتي، فمن الأفضل المغامرة مع تقديم ضمانات أكثر للشركة، غير أن المخاطر تكون كما سبق وقلت كبيرة وهو ما نشاهده الآن في قروض السيارات، حيث عجز الكثير عن تسديد المبالغ المترتبة عليهم خصوصا منهم الشباب·