وكلاء السيارات: القرار يهدد نشاطنا بالتوقف نهائيا قررت الحكومة منع القروض الاستهلاكية، وحصر القروض التي تمنحها البنوك والمؤسسات المالية العاملة في الجزائر على القروض العقارية فقط، في إطار الإجراءات الجديدة الهادفة إلى دعم قطاع السكن وتيسير الحصول على قروض عقارية ودفع شركات صناعة السيارات إلى الاستثمار محليا، وهذا بعد سنة من إقرار رسم جديد على السيارات الجديدة. * * ووصف رئيس جمعية وكلاء السيارات، قرار إلغاء القروض الاستهلاكية، المنصوص عليه بموجب المادة 75 من قانون المالية التكميلي بالقرار المفاجئ، وقال محمد بايري، إن الخطوة ستؤثر سلبا على نشاط وكلاء السيارات الذي تضرر جزئيا منذ السنة الفارطة بسبب إدراج رسم على السيارات الجديدة. * وتنص المادة 75 من قانون المالية التكميلي الصادر في آخر عدد من الجريدة الرسمية، على "لا يرخص للبنوك بمنح القروض للأفراد إلا في إطار القروض العقارية"، على أن "تحدد كيفيات تطبيق هذه المادة، عند الحاجة، عن طريق التنظيم". * وقال الخبير الاقتصادي عبد الرحمان مبتول، إنه من حق الحكومة إعادة النظر في سياسة القروض وعمل البنوك في الساحة المالية، ولكن المشكل الحقيقي في الجزائر هو غياب إنتاج وطني في الكثير من القطاعات الحقيقية، مضيفا يجب دعم الإنتاج الوطني، قبل إقرار شيء من هذا القبيل، مؤكدا أن الوكلاء هم أول متضرر بالإضافة إلى البنوك التي يتكون جزء كبير من محفظتها من قروض استهلاكية، ثم الأسر الجزائرية التي تلجأ إلى دعم قدراتها المالية والاستهلاكية من خلال اللجوء إلى الاقتراض لمواجهة آثار التضخم وتراجع قدرتها الشرائية. * وبررت الحكومة الخطوة التي لجأت إليها بالعمل على إعادة توجيه سياسة القروض نحو قطاعات حقيقية ومنها قطاع العقار، من خلال دعم القدرات المالية للعائلات الجزائرية التي ترغب في الحصول على قروض عقارية وذلك من اجل تعزيز العرض في مجال السكن عن طريق تعزيز القدرات المالية لطالبي السكن. * وكشفت تقارير سابقة لبنك الجزائر، أن اللجوء إلى القروض الاستهلاكية في الجزائر، كان لصالح البلدان المصدرة نحو الجزائر، وليس لفائدة الاقتصاد الوطني، على اعتبار أن أغلبية البنوك الأجنبية تلجأ إلى منح قروض توجه لاستهلاك منتجات بلدانها الأصلية، وخاصة قروض السيارات الأوروبية، بعد احتدام السباق بين البنوك الأجنبية العاملة في الجزائر، على منح قروض السيارات على حساب القروض العقارية التي تريد الحكومة تعزيزها مستقبلا في إطار قانون توريق القروض الرهنية الصادر سنة 2006، والذي يعزز قدرة البنوك على منح قروض في المجال العقاري بتحويل السيولة المتوفرة لديها إلى سيولة طويلة المدى. * ويتراوح معدل سعر السيارات الجديدة في الجزائر 100 مليون سنتيم في الغالب، وهو ما يعادل 50 بالمائة من معدل سعر المساكن الاجتماعية المنجزة من قبل الحكومة وفق مختلف الصيغ، ولكن الانتقاد الأساسي الموجه للحكومة هو أنها الحكومة غير قادرة على ضبط سوق العقار والتحكم في أسعاره، والذي تطبعه المضاربة التي رفعت سعر شقة من ثلاث غرف إلى نصف مليار سنتيم كمعدل، مما يضع سياسة القروض الجديدة أمام امتحان عسير وهو مدى قدرة الحكومة على ضبط الأسعار ومنع المضاربة في قطاع العقار. * وفي مقابل إلغاء القروض الاستهلاكية التي تتضمن قروض السيارات والقروض الموجهة لاقتناء مختلف التجهيزات الاستهلاكية (آلات كهرومنزلية وأثاث منزلي)، قررت الحكومة تعديل المادة 104 من الأمر رقم 03 -11 المؤرخ في 26 أوت 2003 والمتعلق بالنقد والقرض، والسماح مجددا للبنوك والمؤسسات المالية بمنح قروض في حدود 25 بالمائة من أموالها الخاصة لمؤسسة تملك مساهمات في رأسمالها، مع الإبقاء على منع منح القروض لمسيريها أو المساهمين فيها. والمسيرين في مفهوم المادة هم المؤسسون وأعضاء مجلس الإدارة والممثلون والأشخاص المخولة لهم سلطة التوقيع. * وكانت الحكومة قد أدخلت المادة 104 من قانون النقد والقرض، عقب انفجار قضية الخليفة والتي بينت أن البنك كان يمول نشاطات الفروع التابعة للمجمع. * وتشير الأرقام الرسمية إلى أن تسهيل الحصول على قروض السيارات، ساهم بانفجار واردات السيارات، حيث بلغ عدد المركبات المستوردة 2.5 مليون وحدة منذ 2002، وبمعدل يفوق 2 مليار دولار سنويا، وهي المؤشرات التي دفعت بالحكومة إلى التفكير في فرملة هذا التوجه الذي لم يسمح بنشوء صناعة سيارات محلية، وفيما يبرر الوكلاء ذلك بمساهمتهم في تجديد الحظيرة الوطنية للسيارات، تبين للحكومة أنها ساهمت بتسهيل قروض السيارات في احتدام معضلة زحمة حركة المرور واختناقها.