أثار قرار توقيف منح القروض البنكية الخاصة بتمويل عمليات شراء السيارات الجديدة الكثير من الجدل في أوساط المواطنين، كما أن القرار كان له تأثيره على بعض البنوك التي كانت تعتمد على هذه العملية.ورغم أن القرار كان بمثابة الصدمة لبعض البنوك، إلا أنها تؤكد على إمكانية تجاوزها بفضل تنوع منتوجاتها والرهان على ترقية القرض العقاري وعدم اقتصارها على قروض السيارات فقط، وفي المقابل يخشى وكلاء بيع السيارات أنهم سيتكبدون خسائر كبيرة، علما أن نسبة كبيرة من مبيعاتهم كانت تتم عن طريق القروض البنكية، وأن توقيف هذه الأخيرة سيفقدهم 30 بالمائة من مبيعاتهم. وقد أكد السيد محمد بايري رئيس الجمعية الجزائرية لوكلاء بيع السيارات في تصريح ل"المساء" أن مبيعات السيارات ستعرف انخفاضا بنسبة 30 بالمائة خلال السداسي الثاني من السنة بعد أن عرفت خلال السداسي الأول انخفاضا بنسبة 11 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية، وأشار محدثنا إلى أن توقيف قروض شراء السيارات يعد كارثة على الوكلاء المعتمدين الذين يتوقعون انعكاسات جد سلبية وخسائر كبيرة، الأمر الذي سيدفعهم إلى التقليل من الاستيراد وكذا من النفقات وربما من الموظفين وذلك لتغطية العجز المالي الذي سيلحق بهم بعد ركود مبيعاتهم، خاصة وأن معظم الوكلاء المعتمدين يضيف السيد بايري استثمروا أموالا كبيرة لتحسين صورة العلامات التي يمثلونها،لا سيما فيما يتعلق بتكوين مواردهم البشرية وتطوير شبكات التوزيع وترقية خدمات ما بعد البيع. وفي رده عن سؤال يتعلق بإمكانية توقيع اتفاقيات مع مؤسسات تقوم مثلا بشراء سيارات لفائدة عمالها لتدفع ثمنها بالتقسيط للوكيل المعتمد دون المرور على البنوك، قال رئيس الجمعية الجزائرية لوكلاء السيارات أن هذا الأمر مستحيل لأن الوكيل المعتمد لا يستطيع تحمل الأعباء ودفع ثمن هذه السيارات للشركة الأم من جيبه في انتظار استرجاع مبالغها عن طريق التقسيط. وعن الآثار والانعكاسات الأخرى للقرار المتخذ، أكد السيد بايري أن "هذا الإجراء سيشجع بروز السوق الموازية من جديد، وارتفاع فاحش لأسعار السيارات، فالسوق الموازية ستعرف تطورا على غرار ما يتم في أكبر الأسواق مثل تيجلابين، كما أن المتضرر الأول هي الأسر التي كانت تجمع مواردها المالية لاقتناء سيارة في حدود مليون دينار مثلا، مع الاستفادة من تسهيلات بنكية للدفع بالتقسيط". من جهتها عبرت بعض البنوك عن أسفها للقرار الذي جاء به قانون المالية التكميلي لسنة 2009 بسبب واحد وهو أنه سينقص من أرباحها باعتبارها كانت تجني أرباحا كبيرة مقابل منح هذه القروض، خاصة البنوك التي لا تتوفر على قائمة طويلة للخدمات المقدمة، حيث تقتصر قروضها على شراء السيارات فقط كوكالة "سيتيلام" "التابعة لبنك "بي أن بي باري با " التي من المنتظر أن تتوقف عن النشاط بعد صدور هذا القرار، ولمعرفة رأي "سيتيلام" في هذا الموضوع تقربنا من الوكالة ببلدية المرادية بالجزائر، إلا أن مسؤوليها رفضوا استقبالنا. ورغم أن البنوك المتعاملة في هذا المجال تأسفت لهذا القرار، فإن الكثير منها لا يعتبر الأمر خطيرا في الوقت الذي قررت فيه الحكومة تعويض قروض السيارات بقروض عقارية تمنح لشراء السكنات، كما أن هذه البنوك ترى إمكانية تعويض هذه الخسائر بمنتوجات أخرى تقدمها للزبائن، وفي هذا السياق، ذكر السيد بن فلسي بدر الدين المدير العام بالنيابة لبنك البركة ل"المساء" أن بنك البركة لن يتضرر من قرار توقيف قروض شراء السيارات التي لا تمثل إلا ثلث المنتوجات التي يوفرها البنك والتي ستمثل توازنا في محفظته، فالبنك حسب المتحدث يركز بالأكثر على القروض التي يمنحها لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لإنعاش الاقتصاد الوطني والتي بادر بها قبل الشروع في منح قروض السيارات والتي تعد أهم القروض التي توفر أرباحا لا بأس بها. أما "بنك الإسكان للتجارة والتمويل الجزائر"، فقد أشار إلى أن ما جاء به قانون المالية التكميلي يعد صدمة لكل النظام البنكي باعتبار أن ما يتراوح ما بين 60 إلى 80 بالمائة من مداخيل بعض البنوك تأتي من القروض الاستهلاكية، غير أن هذا البنك غير معني كثيرا بهذه الخسائر في الوقت الذي لا تمثل فيه هذه القروض نسبة كبيرة في محفظته بعد أن سطر استراتيجية جديدة وقلص من منح قروض شراء السيارات وأصبح يتعامل بالدرجة الأولى مع المؤسسات. وفي هذا السياق؛ ذكرت السيدة كبري فريدة مديرة التسويق والعلاقات العامة ببنك الإسكان للتجارة والتمويل الجزائر أن البنك يطمح حاليا لترقية القرض العقاري الذي كان يمنحه من قبل، وذلك بإدخال إجراءات وتسهيلات جديدة تمكن المواطن من الحصول عليه في خطوة لمواجهة أزمة السكن التي يعاني منها المواطن. كما يهدف البنك الى تنويع خدماته وقروضه في مجالات أخرى لتعويض الأرباح التي كان يحصل عليها من الفوائد التي يقتطعها من القروض الممنوحة. وأضافت المتحدثة أن البنك سبق وأن حدد برنامجا فيما يخص تنويع وتوسيع خدماته غير أن توقيف قروض السيارات سيجعله يعجل لتطبيق هذا البرنامج حفاظا على محفظته التي ستفقد جزءا من رأسمالها الخاص بقروض السيارات. وبشأن تساؤل المواطنين عن مصير الملفات المودعة لدى البنوك والمتعلقة بطلبات الحصول على قروض لشراء السيارات والتي دفعها أصحابها قبل صدور القانون، أكد السيد بن خالفة رئيس الجمعية الوطنية للبنوك ل"المساء" أن الملفات التي وقعت عقودها وحظيت بالموافقة قبل 30 جويلية تاريخ صدور القانون تبقى سارية المفعول ويتحصل أصحابها على القرض أما كل الملفات التي لم توقع عقودها قبل هذا التاريخ فهي ملفات ملغاة. وتعرف أسعار سوق السيارات القديمة والمستعملة هذه الأيام ارتفاعا ملحوظا مقارنة بالأيام الماضية بعد توقيف القروض البنكية وفي ظل الطلب المتزايد للمواطنين على السيارات القديمة.