''أنا لم أكن أنوي التهديد وإنما الانتحار، بعدما سدت جميع الأبواب في وجهي، رغم أني من عائلة ثورية، أبي مجاهد وأعمامي شهداء ضحوا من أجل الوطن''· بهذه العبارات استهل المواطن (ع· محمد) أب لستة أولاد حاول الانتحار بصب قارورة بنزين على جسده داخل مقر دائرة برج منايل لعدم ورود اسمه في قائمة المستفيدين من السكن الاجتماعي بكاب جنات، مهددا بالانتحار فعليا داخل مكتب رئيس الدائرة إن لم يجسد الوعد بمنحه السكن، وهي طريقته للاحتجاج على ''الحقرة'' التي يعيشها في بلده· انتحرت بالدائرة ليعلموا أنهم السبب أكد محدثنا الذي ما زال طريح الفراش بمستشفى برج منايل بعد تعرضه لحروق على مستوى الرقبة واليد، أنه قصد يوم الأربعاء الفارط، أحد مسؤولي دائرة برج منايل كان يطلق عليه وابلا من الوعود بأولويته في الحصول على سكن في الحصة التي ستوزع بمقر بلديته كاب جنات التابعة إداريا لدائرة برج منايل، ونقل انشغاله لرئيس الدائرة، بعد علمهم بالظروف المزرية التي يعيشها وأحقيته في السكن، إلا أن تلك الوعود سرعان ما تلاشت - يقول محدثنا- حينما أخبره ذات المسؤول وبالحرف الواحد باللهجة الحادة ''ما عندي مانديرلك، أخرج عليا''، لتظلم الدنيا في وجهه ولم يجد من حل سوى الانتحار الذي كان قد صمم عليه· ويقول محدثنا إنه مباشرة بعد خروجه من مكتب المسؤول أخذ قارورة بنزين اصطحبها معه وقام بفناء الدائرة بصبها على كامل جسده وأوقد عود كبريت لتلتهب النار فيه· ويضيف المتحدث أن أحد زملائه (ش· م) الذي تدخل وقام بإنقاذه بعدما طرحه أرضا وقام بصب الماء عليه، لينقل على جناح السرعة إلى مستشفى برج منايل، مشيرا إلى أنه لم يكن ينوي التهديد أو التخويف وإنما كان مصمما على الانتحار، قائلا ''ما جدوى وجودي في هذه الحياة''· وعن اختياره طريقة انتحاره بالبنزين داخل دائرة برج منايل، قال (ع· محمد( إنه أراد أن يرسل رسالة إلى مسؤولي الدائرة بأنهم السبب في وفاته، مؤكدا أنها الطريقة الوحيدة التي وجدها في ظل الضغوط التي يعيشها، مؤكدا على انتحاره الفعلي المرة القادمة داخل مكتب رئيس الدائرة في حال عدم تجسيد السلطات الوصية لوعدها ومنحنه سكن في إطار السكنات الاجتماعية، مؤكدا أنه من الدفعة الأولى لأعوان الأمن والوقاية على مستوى الوطن التي تخرجت سنة .1996 أزمة تعود إلى 11 سنة خلت وقال الضحية إن مأساته بدأت يوم 10 نوفمبر 2001 حينما غمرت مياه الأمطار منزله العائلي نتيجة الفيضانات، وقال أنه تم على إثرها إسعافهم ونقلهم إلى إحدى المدارس أين مكث رفقة عائلته 5 أشهر ليتم بعدها إسكانهم في شقة ذات ثلاث غرف سنة 2002 والتابعة لمجمع ترقية السكن العائلي سابقا، وقال أنه بعد زلزال 21 ماي 2003 تم إسكانهم في الخيم المخصصة للمنكوبين في انتظار ترميم منزلهم المتضرر من الزلزال، وأنه تم إسكانهم في الشقة ذات الغرفة الواحدة في انتظار الانتهاء من عملية ترميم شقتهم، إلا أنه منذ ذلك الحين لم يتم إعادة إسكانهم ولم يعودوا إلى شقتهم· 8 أفراد في غرفة واحدة أكد محدثنا وعائلته التي كانت تحيط به صعوبة الوضع الذي تعيشه في غرفة واحدة، مشيرا إلى صعوبة الوضع، خاصة وأن ابنته الكبرى تبلغ من العمر 20 سنة وشقيقها 17 سنة، مضيفا أنه يخاف على بناته، خاصة بعد الجرائم الأخلاقية التي تطلعنا بها الجرائد، مؤكدا أنهم يستعينون بدورة المياه لتغيير ملابسهم· من جهتها، أكدت زوجة الضحية صعوبة الوضع في ظل الأوضاع السائدة وتغير الذهنيات، إذ أصبحت جل المشاكل تنطلق من هذا المشكل، وهو نفس الاتجاه الذي ذهبت إليه ابنة الضحية، وهي طالبة جامعية التي قالت إنه لا يمكنها مراجعة دروسها بالمنزل لغياب الظروف المواتية وإن كانت ملزمة على المراجعة في الفترة الليلية، فإن ذلك بمثابة الشرارة التي تندلع منها النار· البلدية تؤكد أن الأولوية للمنكوبين أكد مصدر من البلدية، أن هذه الأخيرة تعاني من غياب مشاريع سكنية، وهو ما جعلها تعيش وضعا صعبا مع المواطنين الذين تتزايد ملفاتهم، مشيرا إلى أن البلدية أحصت أزيد من ألفين ملف على 12 شقة استفادت منها البلدية في إطار السكنات الاجتماعية· وعن حالة الضحية الذي حاول الانتحار، قال المصدر إن مشروع 100 شقة موجهة للمنكوبين الذين صنفت سكناتهم في الخانة الحمراء وهو مشروع موجه للمنكوبين وليس للحالات الاجتماعية، معترفا بحقيقة صعوبة وضع عائلة الضحية، ولكن ذلك يفسح المجال لظهور إحتجاجات بالبلدية· واعتبر كل مواطن أنه الأحق في السكن، مشيرا إلى أنه تم إسكان الضحية وعائلته في شقة ذات الغرفتين في انتظار استفادة البلدية من مشاريع سكنية، مؤكدا في السياق ذاته أن توزيع السكنات من صلاحية الدائرة وليس البلدية·