شهدت، ولاية الشلف، في الآونة الأخيرة، انتشارا مقلقا لظاهرة الإنتحار، ناهيك عن محاولات الإقدام عليه بشكل مثير وغير مسبوق عبر كامل تراب بلديات الولاية حيث قاربت حصيلتها معدل الحالتين شهريا·· وأحصت، مصالح الحماية المدنية، 20 تدخلا بخصوص حالات ومحاولات انتحار في حصيلتها السنوية مست مختلف الأعمار، بينهم عشرة أشخاص لقوا حدفهم، وستة تم إنقاذهم، فيما تم تحويل الآخرين إلى مستشفيات خارج تراب الولاية لم يدرجوا في القائمة، وذلك لأسباب تتعلق في مقدمتها بمشاكل عاطفية لدى البنات والبطالة والسكن وسوء معاملة الأولياء لأولادهم، وكانت الجسور والسكة الحديدية وشرفات المنازل والشنق أسهل الوسائل للتخلص من مشاكلهم، وذلك ما يعكس بجلاء مدى معاناة ودرجة الإقصاء وتفاقم المشاكل الاجتماعية والشعور بالتهميش في وسط الشباب، إضافة إلى انعدام فرص العمل التي باتت السبب الرئيسي، في ظل عجز الجهات الوصية عن التكفل الجدي بهم وإيجاد حلول لأزمتهم، وأمام ضعف قدرة المواطنين على تحمل الكم الهائل من المشاكل جراء ضعف قدرتهم المادية والمعنوية يختارون الإنتحار كأسهل الطرق للتخلص منها بسرعة، ومن بين الدوافع الحقيقية التي تقف وراء انتحار الفتيات، تورطهن في علاقات جنسية وعجزهن عن الإجهاض أو إيجاد مخرج لمشاكلهم، ومن بينهم (ف·ن) أقدمت على رمي نفسها من أعلى جسر الصبحة العابر لوادي الشلف عقب اكتشاف أنها حامل من عمها الذي فر إلى وهران قبل توقيفه من قبل مصالح الدرك واعترافه· فيما رمت مراهقة أخرى نفسها من الطابق الرابع بحي الشارة بسبب نفس المشكل، وفتاة أخرى ألقت بنفسها من أعلى جسر وادي تسغاوت· أما شريحة الشباب والمراهقين فيقدمن على الإنتحار بسبب الضغوطات العائلية، وكانت آخر مظاهر الإنتحار إقدام شيخ يناهز ال 65 سنة ببوقادير على رش جسده بالبنزين داخل منزله، ثم إضرام النار فيه، بعد ذلك بيومين أقدم تلميذ في الثالثة عشرة من العمر بالكرايمية على شنق نسفه بواسطة حبل بلاستيكيئربطه بعمود كهربائي تعبيرا عن رفضه للواقع المتردي الذي تعيشه العائلة، حسب سكان الحي· وقبل ذلك، وفي مطلع الشهر الجاري وبحي الشقة، وضعت فتاة في التاسعة والعشرين من العمر حدا لحياتها، فيما ألقى شاب من حي الحرية ( 28 سنة) نفسه بسبب البطالة الخانقة بعدما سدت أمامه جميع الأبواب العمل· وفي نفس الإطار، نجا طالب جامعي من الموت المؤكد بعدما شنق نفسه بحي الشرفة، حيث تم إنقاذه وإنعاشه بمستشفى الشرفة، كما نجا شابان آخران بعد تدخل مصالح سونلغاز وقطعهما للتيار الكهربائي بكل سنجاس وعاصمة الولاية، وذلك لنفس الأسباب أي انعدام فرص العمل والوقوع في دائرة اليأس· بالإضافة إلى أسباب الإقصاء من السكن الإجتماعي التي تسببت في وفاة رضيعة، فيما يزال والداها يتجرعان آلامهما عقب إضرام الأب النار في جسديهما لاستعطاف المسؤولين للحصول على سكن، وحالة شاب من الشطية حاول الإنتحار برش نفسه بالبنزين أمام مقر الولاية تعبيرا عن سخطه بعد إدراة إسمه في قائمة السكنات الإجتماعية، كما حاول شاب آخر تسلق عمود كهربائي لنفس الأسباب· ولوضع حد لاستمرار هذه الظاهرة يتعين على المصالح المعنية دق ناقوس الخطر ورسم إستراتيجية واضحة لمعالجة هذه الظاهرة السلبية، خصوصا ظاهرة الإنتحار التي تعرف توسعا مذهلا في ظل عجز الشباب وتوجههم هحو الحرفة للعبور إلى ما وراء البحار·